لا تزال السلطات العراقية تنتظر الشروط الأميركية لاستثنائها من العقوبات المفروضة على إيران، وذلك على الرغم من مرور أسابيع على قيام رئيس البرلمان محمد الحلبوسي بنقل رسالة بهذا المحتوى إلى الإدارة الأميركية، وسط تخوف عراقي من أن يؤدي عدم استثناء العراق من العقوبات، خصوصاً الخاصة بالكهرباء والغاز، إلى انفجار تظاهرات، فيما يستعد رئيس الحكومة عادل عبد المهدي لنقل مطالب العراق إلى الإدارة الأميركية قريباً.
وكشف رئيس لجنة النفط والطاقة في البرلمان العراقي، هيبت الحلبوسي، لـ"العربي الجديد"، عن تقديم الحلبوسي، خلال زيارته إلى واشنطن أخيراً، طلباً رسمياً إلى الإدارة الأميركية لاستثناء بغداد من الالتزام بالعقوبات المفروضة على طهران، مؤكداً أن العراق لم يتلق أي رد رسمي على الطلب الذي قُدم للأميركيين رغم مرور عدة أسابيع على الزيارة. واعتبر هيبت الحلبوسي أن التزام العراق بالعقوبات على إيران سيؤدي الى كارثة حقيقية خلال فصل الصيف، إذ سيتسبب بأزمة طاقة كبيرة في البلاد، فيما تحدث مسؤول عراقي في الأمانة العامة لمجلس الوزراء عن ترتيبات زيارة رئيس الحكومة عادل عبد المهدي إلى واشنطن، بعد تأجيلها عدة مرات في الفترة الماضية. وقال إن "رئيس البرلمان بحث، قُبيل زيارته الأخيرة إلى واشنطن، مع رؤساء اللجان ومسؤولين عراقيين ملف العقوبات الأميركية المفروضة على إيران وتأثيرها على العراق، وتم تزويد رئيس البرلمان بكافة المعلومات المرتبطة باستيراد الغاز والكهرباء من إيران"، موضحاً، لـ"العربي الجديد"، أن "الحلبوسي طلب رسمياً من الجانب الأميركي استثناء العراق من الالتزام بالعقوبات الأميركية، بما يتعلق باستيراد الغاز والكهرباء فقط من إيران، لحين وجود البدائل، وحتى الآن لم يتم الرد رسمياً من أميركا". ونفى ما تروجه وسائل إعلام عن وجود شروط أميركية تم تقديمها للعراقيين، قائلاً "لا يوجد شروط كما يروج في الإعلام، والحديث عن فرض الإدارة الأميركية التعاقد بين بغداد وشركات أميركية للطاقة لم يحدث، لأن طلبات هذه الشركات تصل إلى البرلمان العراقي، ولم يصلنا أي شيء حتى الآن". واعتبر أن "التزام العراق بالعقوبات المفروضة على إيران سيؤدي إلى كارثة حقيقية خلال فصل الصيف، وقد تخرج تظاهرات كبيرة".
وكان السفير الإيراني لدى بريطانيا حميد بعيدي نجاد أشار في تصريح، لوكالة "إيسنا" الإيرانية، أول من أمس الأحد، إلى أن الإدارة الأميركية ستمنح إعفاءات للحكومة العراقية، بغية مواصلة التعاون الاقتصادي مع إيران، شرط توقيع بغداد على اتفاقية للطاقة مع شركة "أكسون موبيل" الأميركية حتى منتصف الشهر المقبل. واعتذر مكتب رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي عن الإدلاء بأي تصريح حول الموضوع، بعد اتصال "العربي الجديد" باثنين من المسؤولين فيه قالا إنهما غير مخولين التحدث بهذا الملف، ويمكن التوجه بذلك لرئيس الوزراء بشكل شخصي في مؤتمر صحافي يعقده في بغداد اليوم الثلاثاء. إلا أن مسؤولاً في الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي قال، لـ"العربي الجديد"، إن "الزيارة المقررة لرئيس الوزراء إلى واشنطن، والتي تأجلت عدة مرات، ستتم قريباً والتحضيرات جارية لها، مضيفاً أن الزيارة ستتناول عدة ملفات، أبرزها الحرب على الإرهاب وإعمار المدن العراقية المحررة (من تنظيم "داعش") والدعم الأميركي العسكري للعراق، وكذلك موضوع العقوبات على إيران وضرورة مراعاة وضع العراق فيما يتعلق بالصراع الأميركي الإيراني الحالي". ونفى المسؤول "وجود أي مشاكل بين عبد المهدي والإدارة الأميركية، فخلال أقل من 10 أيام، تلقى عبد المهدي اتصالين هاتفيين من وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو". واعتبر أن تأجيل الزيارة يأتي بسبب "وجود عدة ملفات عراقية تحتاج إلى ترتيب، ولتأخر وصول السفير الأميركي الجديد ماثيو تولر إلى بغداد، لأسباب لا تتعلق بالعراق بل بالأميركيين أنفسهم".
وبما يتعلق بالتزام العراق بالعقوبات على إيران بعد انتهاء المهلة الممنوحة للدول التي تملك علاقات اقتصادية مع طهران، لفت المسؤول إلى أن "أميركا وصلتها رسالة العراق، وهي أنه لا بديل حالياً عن غاز وكهرباء إيران، والتخلي عنه يعني مأساة إنسانية جنوب العراق في ما يتعلق بالكهرباء هذا الصيف". وحول تصريح السفير الإيراني في لندن عن شرط أميركا التعاقد مع شركة "أكسون موبيل" مقابل منح البلاد استثناءً، أشار المصدر إلى أن "المزاج العام للمسؤولين في بغداد يتوقع أن لا تمديد أميركيا للعراق من دون شروط أو مقابل، لكن حتى الآن لا أحد يملك غير التكهنات بنوع أو ماهية تلك الشروط، وكل ما يثار الآن هو من هذا القبيل، لأن الأميركيين لم يفاتحوا أحداً بهذا الخصوص"، مشيراً إلى أن "شركة أكسون موبيل هي بالأساس من الشركات الفاعلة والناشطة في البلاد، والحديث عن إجبار العراق على دخولها للسوق أمر غير واقعي، فهي موجودة بالعراق أساساً".
إلى ذلك، أكد المحلل السياسي والباحث العراقي هشام الهاشمي أن "من غير الواضح حتى الآن نوع أو ماهية الشروط الأميركية للموافقة على استثناء العراق من الالتزام بالعقوبات على إيران، لكن هناك على ما يبدو تفهما وتواصلا بين الطرفين، من دون ظهور أي نتائج لغاية الآن". وأوضح، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الشروط الأميركية التي يتم تداولها، يتعلق جانب منها بالشأن الأميركي والحملات الانتخابية للرئيس دونالد ترامب، وقد يكون هناك استثناءات جديدة للعراق مقابل بعض العقود الكبرى التي تحتاج إليها الشركات الأميركية، وتحديداً تلك التي تريد تثبيت أقدامها في العراق". وتابع أن "الجهود الدبلوماسية العراقية مع واشنطن حيال هذا الملف ما تزال تتمثل بشفاعات ووساطات غير معلنة، ولا ترتقي إلى حوارات دبلوماسية مباشرة حتى الآن".