يبدو أنّ طريقي الحليفين: الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، بشأن التعامل مع ملف كوريا الشمالية، خرجا عن السكة الواحدة، فبينما تتجه الأولى لإقرار "أكبر" عقوبات على بيونغ يانغ، تستعد الأخيرة لإجراء جولة جديدة من المحادثات الثنائية، تمهيداً ربما للقاء بين زعيمي الجارتين.
من المقرر أن تعلن الولايات المتحدة برئاسة دونالد ترامب، "أكبر" مجموعة من العقوبات على كوريا الشمالية، حتى الآن، لزيادة الضغوط عليها، لتقييد برامجها النووية والصاروخية، في الوقت الذي تتأهب فيه كوريا الجنوبية لإجراء مزيد من المحادثات مع المسؤولين الشماليين.
وربما يعرّض تشديد العقوبات للخطر الوفاقَ الأخير بين الكوريتين، وسط استعداداتهما لتهيئة الظروف، بما يسمح بعقد قمة بين زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، ورئيس كوريا الجنوبية مون جيه-إن.
ووصف مسؤول بالإدارة الأميركية لوكالة "رويترز"، العقوبات الجديدة بأنّها "أكبر مجموعة من العقوبات على نظام كوريا الشمالية"، ولم يخض في التفاصيل.
وكان مايك بنس، نائب الرئيس الأميركي، قد لمّح إلى هذه الخطة، قبل أسبوعين، خلال توقّفه في طوكيو، قبل زيارة كوريا الجنوبية لحضور افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية.
"حوار دافئ"
وقال الزعيم الكوري الشمالي إنّه يريد تعزيز "مناخ المصالحة والحوار الدافئ" مع كوريا الجنوبية، بعد عودة وفد رفيع المستوى، ضم شقيقته كيم يو جونغ، من دورة الألعاب الأولمبية.
وأشاد كيم جونغ أون بـ"حسن استقبال" كوريا الجنوبية للوفد الرسمي، معتبراً أنّه من "المهم" مواصلة سياسة التهدئة في شبه الجزيرة الكورية.
وسلّمت كيم يو جونغ، خلال زيارتها، الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن، دعوة رسمية لزيارة بيونغ يانغ. لكن الرئيس الكوري الجنوبي لم يقبلها على الفور، قائلاً إنّ "الظروف الجيدة" يجب أن تكون متوافرة لمثل هذه الزيارة.
وفي العام الماضي، أجرت كوريا الشمالية عشرات من تجارب إطلاق الصواريخ، وأجرت تجربتها النووية السادسة والأكبر على الإطلاق، متحدية عقوبات الأمم المتحدة.
غير أنّه مضى أكثر من شهرين الآن، منذ أحدث عمليات إطلاق الصواريخ، في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
"شجار" غوتيريس
إلى ذلك، اتهمت كوريا الشمالية الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، "باختلاق الشجار" مع بيونغ يانغ، بعدما أشاد بالعقوبات الدولية عليها، بسبب برامجها النووية والصاروخية.
وقالت بعثة كوريا الشمالية لدى الأمم المتحدة، في بيان، وفق ما أوردت "رويترز"، إنّ غوتيريس أدلى "بتصريحات طائشة"، خلال كلمة ألقاها، الأسبوع الماضي، في مؤتمر ميونخ للأمن.
واعتبرت في بيانها، أن "هذا لا يزيد عن كونه سفسطة سخيفة لا تليق بدوره كأمين عام للأمم المتحدة، ويدفعنا للتساؤل بشأن ما إذا كان تابعاً يمثّل الولايات المتحدة".
وقال غوتيريس في المؤتمر، إنّه "من المهم ملاحظة أنّ الوحدة التي نجح المجلس في... تحقيقها عن طريق العقوبات وسيلة ضغط مؤثرة على كوريا الشمالية، وأرى أنّه من الضروري بالتأكيد استمرار هذا الضغط".
وفي حين طالبت بعثة كوريا الشمالية غوتيريس، بدفع مجلس الأمن إلى الترحيب "بعملية تحسين العلاقات بين الكوريتين ومنع الدول المجاورة من عرقلة العملية"، قال الأخير في كلمته: "حتى إذا تحسّنت العلاقات بين الكوريتين ليكن واضحاً أنّ هذه ليست القضية المحورية التي نواجهها. القضية المحورية تظل هي قضية نزع السلاح النووي".
سيول لا تحتفي بإيفانكا... كما شقيقة كيم
وستعلن العقوبات الأميركية الجديدة في الوقت الذي تزور فيه إيفانكا، ابنة الرئيس ترامب، كوريا الجنوبية لحضور عشاء مع الرئيس مون، وحفل ختام الألعاب الأولمبية.
وإضافة للعشاء الذي يتضمن إعداد طعام خاص، يتفق مع الشريعة اليهودية، حسب متطلبات إيفانكا، فقد أعد البيت الأزرق، مقر الرئاسة في كوريا الجنوبية، حفلاً موسيقياً تقليدياً صغيراً للوفد المرافق لها.
وكانت شقيقة كيم أول عضو من العائلة التي تحكم كوريا الشمالية يزور الجنوب منذ عقود، منذ انتهاء الحرب الكورية (1950-1953).
وقد صافحت كيم يو جونغ، خلال زيارتها التاريخية إلى الجنوب، الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن، في حفل افتتاح الألعاب الأولمبية الشتوية في بيونغ تشانغ.
وتتزامن زيارة إيفانكا مع زيارة مسؤول من كوريا الشمالية، فرضت عليه عقوبات لدوره في إغراق سفينة تابعة للبحرية الكورية الجنوبية عام 2010، ما أسفر عن مقتل 46 بحاراً. وسيقابله الرئيس مون هو والوفد المرافق له.
ونفت كوريا الشمالية أي دور لها في إغراق السفينة.
واليوم، الجمعة، قالت كوريا الجنوبية إنّها وافقت على زيارة المسؤول كيم يونغ تشول، بمناسبة الدورة الأولمبية، سعياً لتحقيق السلام، وطلبت من الشعب تفهم الأمر.
وكان قرار السماح له بدخول البلاد قد أثار احتجاجات من أسر البحارة الذين غرقوا في السفينة ومن أحزاب المعارضة.
(العربي الجديد)