أثبتت المناظرة الرئاسية الثالثة والأخيرة، تفوق المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، على المرشح الجمهوري دونالد ترامب، واضطر مرشح تلفزيون الواقع إلى إطلاق مزيد من القنابل الدخانية لتغطية انسحابه، واعداً جمهور مشاهدي الاستعراض الانتخابي بمزيد من التشويق، إذ إنّ المسألة لم تعد من يفوز في السباق الرئاسي.
وأجمعت استطلاعات الرأي ومراكز الأبحاث والخبراء والمحللين، على أنّ كلينتون ستحقق السابقة التاريخية، وتكون أول امرأة أميركية تنتخب لرئاسة البلاد، وأصبح ذلك شبه مؤكّد، لكن ما هو غير ثابت ومثير للقلق هو التشويق الذي يعد به ترامب الأميركيين، بعد إعلان النتائج الرسمية للانتخابات التي أعلن مسبقاً أنّها "ستكون مزورة".
من جهته، لا يريد ترامب أنّ تسدل الستارة وينتهي الاستعراض في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، موعد إجراء الانتخابات، بل يرغب بعرض متواصل لأطول مدة ممكنة.
ومن الممكن أن يستمر ترامب في استعراضه إلى الأبد، أو على الأقل طالما هو حي يرزق، وتحرك خطاباته مشاعر العنصريين في الولايات المتحدة، الذين يرون فيه زعيمهم المنتظر وقائد ثورتهم على النظام السياسي الذي قامت على أساسه البلاد بعد الاستقلال عن بريطانيا والحروب الأهلية بين الشمال والجنوب وبين التوحيديين والانفصاليين.
وفي المناظرة التلفزيونية الأخيرة مع كلينتون، التي يمكن اعتبارها آخر محطة أساسية في الحملة الانتخابية قبل يوم الاقتراع، عاد ترامب إلى خطابه الأول في يونيو/حزيران 2015 عند إطلاق حملته الانتخابية، وإعلان ترشحه للانتخابات الرئاسية عن الحزب الجمهوري.
واختار بعد الفضائح والانتكاسات المؤلمة في حملته الانتخابية، التبني الكامل لخطاب اليمين الأميركي، المتطرف عنصرياً ومسيحياً، كي يضمن لنفسه مكاناً على شاشات التلفزة باستعراض ما بعد فوز كلينتون في الانتخابات الرئاسية.
وتتفق الأدبيات السياسية لليمين الأميركي مع طروحات ترامب حول فساد النظام السياسي وعدم نزاهة العملية الانتخابية، وإمكانية تزوير الانتخابات المقبلة، ليصل الأمر إلى التشكيك بفكرة الديمقراطية نفسها في أميركا والعالم.
وتفضّل هذه المجموعات العنصرية قائداً وزعيماً على غرار ترامب، يعبّر عن تطلعاتها العنصرية، ولا يعترف بقيم ومعايير الديمقراطية التي أوصلت رئيساً أسود إلى البيت الأبيض.
كما لا تعترف هذه المجموعات بالنظام السياسي القائم في الولايات المتحدة، لأنّها تريد العودة لفيدرالية البيض في الجنوب الأميركي التي انضمت مرغمةً إلى الاتحاد، إذ لا يزال علم الفيدرالية الرمز السياسي الأبرز في أوساط جمهورها وفي خطابها السياسي.
ورغم أنّ القوانين الاتحادية الأميركية تمنع رفع علم الفيدرالية الانفصالي، وتعتبر ذلك انتقاصاً من علم الولايات المتحدة، فإنّه غالباً ما يرفرف فوق الجموع المحتشدة في مهرجانات ترامب الانتخابية.
وفي أجندة ترامب وأنصاره، فإن الاستحقاق الانتخابي سيكون محطة للتصعيد وتلويح المرشح الجمهوري بعدم الاعتراف بنتيجة الانتخابات إذا فازت كلينتون.
وهذه سابقة في تاريخ الانتخابات الأميركية، ما يشير إلى احتمالات وسيناريوهات غير ديمقراطية، منها اللجوء لأعمال العنف والنزول للشارع احتجاجاً، ولا يُستبعد أنّ يتبع ذلك تأجيج للمشاعر العنصرية لدى الأميركيين البيض، وإعادة إحياء للخطاب الانفصالي.