قبل أسبوع من توجّه الناخبين البريطانيين إلى صناديق الاقتراع في الثامن من الشهر الحالي لانتخاب مجلس نواب جديد، وبالتالي حكومة جديدة، وعلى الرغم من تصدّر ملف "بريكست" والعلاقة المستقبلية مع الاتحاد الأوروبي، وملفات الخدمات العامة من صحة وتعليم وخدمات ونقل، للحملات الانتخابية والمناظرات التلفزيونية بين القيادات الحزبية المتنافسة لنيل ثقة الناخبين، إلا أن الحضور العربي لا يكاد يغيب عن هذه المناظرات والسجالات. أمس الأول الأربعاء كانت المناظرة الأوسع لجهة عدد المتناظرين، وكانت رئيسة الوزراء، تيريزا ماي، الغائب الحاضر في هذه المناظرة، إذ كلّفت وزيرة الداخلية، أمبر راد، بالنيابة عنها في تمثيل حزب المحافظين.
ومع ما تتسم به وزيرة الداخلية من قوة شخصية، وصوت مرتفع، وقدرة على "تكييف" المعطيات، إلا أنها لم تستطع الرد عندما سألها زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي، تيم فارون، عن سر إصرار الحكومة على بيع السلاح للسعودية، على الرغم من كل المعطيات التي تشير إلى علاقة ما بين "الوهابية" و"الخلايا الإرهابية الناشطة" في المملكة المتحدة على حد تعبير الرجل. ناورت الوزيرة، وحاولت التهرب من الإجابة، إلا أن السياسي الشاب، تيم فارون، طاردها بإلحاح، حتى سقطت وهي تبرر استمرار بيع السلاح للسعودية بالحاجة إلى دعم الصناعة البريطانية.
ويلاحظ المتابع لكل المناظرات الانتخابية، أن ملف تصدير الأسلحة للسعودية، يحظى باهتمام لافت من قبل جلّ الأحزاب السياسية البريطانية، لا سيما أن حكومة المحافظين، تراوغ في نشر نتائج التحقيق الذي أجرته الحكومة البريطانية في عام 2016 وفقاً لطلب رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون، حول كيفية تحويل الكيانات الأجنبية للأموال الهادفة إلى تعزيز الأيديولوجيا المتطرفة في المملكة المتحدة.
وعلى الرغم من مرور 18 شهراً على بدء التحقيق، أي منذ كانت تيريزا ماي وزيرة للداخلية، لا يبدو أن وزارة الداخلية البريطانية، والوزيرة أمبر راد، بصدد كشف أي معلومات حول التحقيق، وسط كلام عن احتمال احتواء النتائج على إشارات تكشف النقاب عن تورط السعودية في تمويل أفراد ثبت تورطهم في الهجمات الإرهابية التي ضربت المدن البريطانية منذ عام 2005. أما زعيم حزب العمال، جيرمي كوربين، فقد وجد في هذا الملف ورقة انتخابية رابحة لدى الرأي العام، فتعهد في حال فوزه بتشكيل الحكومة المقبلة، بوقف مبيعات الأسلحة البريطانية للسعودية.