انطلاق الحوار الوطني الفرنسي: هذه مراحله وتحدياته

باريس

محمد المزديوي

avata
محمد المزديوي
15 يناير 2019
93DB6BBC-B95C-475F-ADB2-00BE0D536485
+ الخط -
يُطلق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الثلاثاء، رسمياً، الحوار الوطني الكبير، من منطقة الأور في النورماندي شمال غرب فرنسا، وتحديداً من بورذورولد bourtherould، وذلك بعدما كان رئيس حكومته إدوار فيليب، قد حدد مساء أمس الإثنين مراحل هذا الحوار، والذي تريد له السلطة أن ينجح لاستعادة توازنها وتوازن رئيسها.

وفيما أصبح معروفاً أن الحوار الوطني الكبير يتمحور حول أربع قضايا أساسية، وهي المسألة الضريبية والإنفاق العمومي، تنظيم المصالح العمومية، الانتقال الإيكولوجي، والديمقراطية والمواطَنَة، حدّد فيليب مراحل هذا الحوار، وآلياته التي يراد منها أن تضمن الشفافية، على أن يبدأ أولاً بنقاشات عمومية، مع محاولة الحكومة عدم استثناء المعارضة.

في هذه الأثناء، بيّن استطلاعان للرأي أن نسبة الفرنسيين الراغبين في المشاركة في "النقاش الكبير" تراوحت بين 40 و47 في المائة، وأن أغلبية ساحقة لا تنتظر منه اجتراح المعجزات. واللافت أن هذا الاستفتاء يؤكد عودة الاحتضان الشعبي لحركة "السترات الصفراء"، بعد انحسار في الأسبوعين الماضيين، إذ وصل عدد من يدعم ويتعاطَف مع الحركة الاحتجاجية إلى 67 في المائة.
    


كذلك سيكون بمقدور أيٍّ كان من المواطنين الاطلاع على قائمة النقاشات في منطقته على الموقع الإلكتروني، الذي سيتيح لمن يرغب تسجيل اسمه، من أجل الإعلان عن نقاش يودّ تنظيمه.
وشدد رئيس الحكومة الفرنسي إدوار فيليب على أنه من حق أي مواطن أن يساهم في هذا النقاش. ولهذا السبب، وضعت الحكومة في تصرف المواطنين وسائل متعددة وعملية ومفتوحة.

مراحل الحوار وآليات الشفافية

وسيبدأ النقاش، اليوم، عبر اجتماعات مبادَرة محلية، أي النقاش في اجتماعات عمومية. وابتداءً من 21 يناير/ كانون الثاني الحالي، سيكون بالإمكان وضع مساهمات الفرنسيين، بشكل مباشر، في الموقع الإلكتروني granddebat.fr، أو إرسالها إلى عنوان بريدي في العاصمة باريس. كذلك سيكون بإمكان المواطن منح رأيه بخصوص ملفات النقاش، لدى منصّات القُرب، التي سيتم نصبها.

أما المرحلة الأخرى، فتبدأ في الأول من شهر مارس/ آذار، وستشهد تنظيم "ندوات مواطنية إقليمية"، تُشرك مواطنين فرنسيين اختارتهم القرعة مع ممثلي مختلف الأطراف المعنية، وسيكون بإمكانهم المشاركة في تطوير مسائل ملموسة، وإبداء آرائهم حول حصيلة الأسابيع الأولى من الحوار الوطني الكبير، وأيضاً تعزيز التفكير حول مآلات الحوار.

ويؤكد إدوار فيليب أن حكومته تأمل بمشاركة كبرى في النقاش من قبل المواطنين والمنتَخَبين والمنظمات ذات الأهداف الربحية وغير الربحية، مشدداً على أن الحوار الوطني يحظى بالأولوية لدى الحكومة.

وبالإضافة إلى تعيين وزيرَين من أجل توجيه الأعمال، ومتابعة تطوره وتنظيم التعبئة، تمّ إنشاء "جمعية الحوار الوطني الكبير"، من خلال مرسوم، ووضعت تحت إشراف رئيس الحكومة. ومن مهام هذه الجمعية تنظيم الخدمات اللوجستية.



وحتى تضمَنَ الحكومةُ سيراً شفافاً للحوار الوطني، أعلن رئيس الحكومة عن قرب تعيين "مجموعة ضامنة". وهذه المجموعة المستقلة عن الحكومة، والمعروفة بانخراطها في خدمة المصلحة العامة، ستتأكد من عدم تحيّز المسار، ومن شفافيته. وستحرص على انتظام المنهجية، وأعمال التحليل والتركيب للمساهمات التي يتمّ تجميعها. وهي ستتكون من خمسة أفراد، يتم تعيين اثنين منهم من قبل الحكومة، وثلاثة آخَرين من قبل رؤساء مجلس النواب والشيوخ والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئوي.

وفي رغبة لإشراك المعارضة، خاصة المترددة، في الحوار، ستقترح الحكومة على كل التشكيلات السياسية الممثَّلَة في البرلمان، بغرفتَيه، المشاركة في لجنة متابَعَة، مكلفة بالسهر على احترام كامل لمبدأ التعددية.

وأخيراً، يُطمئن رئيسُ الحكومة الفرنسيين إلى أنه تحت رعاية هؤلاء الضامنين، سيتم إطلاع الفرنسيين على كل المساهمات وتحليلها وتسليمها إلى رئيس الجمهورية وإلى الحكومة.

"السترات" تواصل التعبئة

وعلى الرغم من كل هذه الإعلانات المُطمْئنَة من قبل رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة اللذين يعوّلان على الحوار الوطني الكبير لإخماد الحريق، المصحوب بعنف وتوتر، والذي طال وقسَّم الفرنسيين، والحالمين بمروره في أفضل الأحوال، أي استعادة الهدوء والسلم، تستعد حركة "السترات الصفراء" من جهتها لخوض تظاهرات في السبت العاشر (الجولة العاشرة)، من انطلاقتها، بالترافق مع تعبير 67 في المائة من الفرنسيين عن خشيتهم من حدوث أعمال عنف في موازاة "الحوار الوطني".

ورداً على سؤال بشأن القضايا التي يأمل الفرنسيون أن تحظى بالأولوية في هذا الحوار، عبرت غالبية 53 في المائة عن رغبتها في تخلي المنتخَبين عن امتيازاتهم، فيما طالب 45 في المائة من الفرنسيين بخفض عدد نواب مجلسي الشيوخ والنواب، كما أمل 41 في المائة في خفض الضريبة على القيمة المضافة في ما يتعلق بالمواد والمنتجات ذات الأولوية.

وفي هذا الصدد، عبرّت جمعيات عن خيبتها لأن رسالة ماكرون لم تتناول الفقر والمشردين ومن لا يتوفر على سكن لائق، وهو ما دفع فلوران غيغين، مدير "فدرالية فاعلي التضامن" (وهي تجمع لـ850 جمعية ومنظمة لمكافحة الإقصاء)، إلى التأكيد أن "الفرنسيين، الأشد فقراً، هم الخاسرون، اليوم، في هذا الحوار الوطني". 
 

إلى ذلك، يبدو أن الحكومة التي كانت حذرة من رؤساء البلديات، عادت للتعويل على مشاركتهم لإنجاح الحوار، ما دفع وزير الداخلية، كريستوف كاستانير، للتأكيد أن دور هؤلاء المنتَخَبين "ليس فقط شرعياً، بل أساسيّ، أيضاً".       

ذات صلة

الصورة
معرض يورونيفال في فرنسا، 27 أكتوبر 2008 (Getty)

سياسة

بعد منع فرنسا مشاركة الشركات الإسرائيلية في معرض الأسلحة يوروساتوري، ها هي تمنع الآن أيضاً مشاركة إسرائيل في معرض يورونافال.
الصورة
امرأة في منطقة الصحراء، 3 فبراير 2017 (Getty)

سياسة

دخلت العلاقات بين فرنسا والجزائر في أزمة بعد إعلان فرنسا دعمها مخطط الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب بشأن الصحراء وهو ما قد لا يساعد في حل القضية.
الصورة
ماكرون يلقي خطابًا متلفزًا يعلن فيه حل البرلمان، 9 يونيو 2024 (فرانس برس)

سياسة

أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساء الأحد، حلّ الجمعية الوطنية وتنظيم انتخابات تشريعية جديدة، بعد فوز اليمين المتطرف الفرنسي في الانتخابات الأوروبية.
الصورة
تنظيم داعش/فرنسا

سياسة

رفعت فرنسا، أول من أمس الأحد، مستوى التأهب الأمني إلى الدرجة القصوى، وذلك في أعقاب هجوم موسكو الدموي الذي تبناه تنظيم "داعش"، مستعيدة تهديدات عدة للتنظيم.
المساهمون