وأفاد المصدر، في حديث لـ"العربي الجديد"، بأن المجلس طالب البعثة بـ"ممارسة المزيد من الضغط على البرلمان في شرق البلاد من أجل إيقاف آلة الحرب، وتأكيد النية في وقف القتال، قبل استئناف جلسات تعديل الاتفاق".
وذكر المصدر أن "المعلومات المؤكدة تشير إلى وقوف اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، وراء عمليات التصعيد العسكري في مدينة صبراتة مؤخرا"، مشيرا إلى أن "حفتر لا يريد أن يتبنى بشكل رسمي القوات المسيطرة على صبراتة، لإفساح المجال لحراكه العسكري بدون ضغوط عليه".
وقال: "عدد من أعضاء لجنة تعديل الاتفاق بالمجلس ضغطوا من أجل تعليق الجلسات، بسبب عدم التزام حفتر بالحلول السياسية".
واعتبر عادل البيرة، المحلل السياسي الليبي، أن "البرلمان وخليفة حفتر لا يزالان مستمرين في المماطلة لصالح أحلامهما في السيطرة العسكرية، من خلال السعي إلى عقد تحالفات مع ضباط ومجموعات مسلحة في غرب البلاد"، مضيفا، في حديث لـ"العربي الجديد": "طموح حفتر الأخير في السيطرة على صبراتة مزدوج بين العسكري والسياسي"، لافتا إلى أهمية المدينة الواقعة غرب البلاد استراتيجيا بالنسبة للمسيطر عليها.
وتابع: "عسكريا يمكن القول إن طرابلس تم عزلها عن عمقها بغرب البلاد، حيث مناوئو المجلس الرئاسي يسيطرون على ورشفانة في الغرب والجنوب المتاخم لطرابلس، كما أن السيطرة على صبراتة يعني مزيدا من عزلها عن غريان وباقي المدن بغرب البلاد، التي توجد فيها مجموعات مسلحة يمكن أن تناصر المجلس الرئاسي في أي حرب قادمة ضد حفتر"، مبرزا أن "طرابلس وقعت تحت شبه حصار حاليا من قبل حفتر".
وشدد: "أما سياسياً، فصبراتة مؤثر مباشر على سياسات روما الداعم الأكبر للمجلس الرئاسي، فهناك توجد مليتا، حيث تنشط شركة إيني النفطية الإيطالية، وكذا مواقع الهجرة النشطة، واللتان وقعتا تحت سيطرة حفتر، ويمكنه ممارسة ضغوط عليها من خلالهما لتغيير مواقفها ولو نسبيا.
ورجح البيره "توقف حفتر عن المزيد من التصعيد"، معتبرا أن "السيطرة على صبراتة ستحسن من أوراقه التفاوضية مستقبلا لضمان منصب له".
من جانبه، يرى محسن جبودة، الناشط السياسي من بنغازي، أن "حفتر بالفعل يسعى إلى تحسين وضعه في أي اتفاق قادم، لكنه غير قادر على حسم المعركة عسكريا، وصبراتة تمثل له مكسبا سياسيا فقط"، معتبرا زيارة المبعوث الأممي، غسان سلامة، مؤخرا له في بنغازي تصب في الاتجاه ذاته.
وقال جبودة: "المرجح أن سلامة أبلغ حفتر انزعاجه من التصعيد العسكري في صبراتة، وطالبه بالتوقف، كما أن وضع حفتر في غرب البلاد لن يمكنه من أي نصر عسكري".
وأضاف الناشط السياسي ذاته أن "الأمم المتحدة حسمت الأمر بالنسبة لحفتر، عندما وضعت بندا في خطتها الأخيرة المتعلق بعقد مؤتمر وطني يضم كل الأطياف، ومنها الأطراف العسكرية المعادية له"، لافتا إلى أن "المجتمع الدولي لا يرى في حفتر الرجل العسكري الأوحد القادر على قيادة مؤسسة الجيش"، لكنه استدرك بالقول: "خطوة حفتر في صبراتة جاءت تماما قبل البدء في مناقشة المادة الثامنة في الاتفاق السياسي المتعلقة بالمناصب العسكرية والأمنية، ولذا فمن المؤكد أن سعيه للسيطرة على المدينة جاء للضغط على حلفاء طرابلس، كروما وغيرها، فمواقع النفط والغاز المهمة للعديد من الدول باتت تحت سيطرته الآن".
وذكر المتحدث ذاته أن "حفتر بدا متأكدا من ضرورة وجود شركاء له في الجيش، لكنه يسعى لإثبات نفسه أمام العالم"، مرجحا توقف حفتر عن التصعيد العسكري بعد صبراتة، واستمرار جلسات تعديل الاتفاق السياسي للوصول إلى صيغ مشتركة حول المواد الخلافية فيه.
لكن البيرة يرى أن تعديل الاتفاق السياسي لن ينهي الأزمة في البلاد، وشدد: "بقاء حفتر في المشهد لن يرضى به الكثير من أمراء المجموعات المسلحة والقادة السياسيين، وبالتالي فالاعتقاد بأن حل الأزمة وتسويتها بيد المشاركين في المؤتمر الوطني، الذي سيضم كل الأطياف الليبية، بما فيها الفاعلون على الأرض، وهم قادة المجموعات المسلحة".
ولفت المحلل السياسي الليبي إلى أن "خصوم حفتر سيقبلون بوجوده شريكا بصلاحيات محدودة، لكنهم سيرفضون انفراده برئاسة أي مؤسسة أمنية أو عسكرية، حتى ولو قبل ذلك أعضاء جلسات تعديل الاتفاق السياسي".