كشف استطلاع جديد للرأي تحول التوجه الشعبي لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي في أكثر من مائة دائرة انتخابية بريطانية كانت قد صوتت للخروج من الاتحاد (بريكست)، قبل عامين.
وقام الباحثون في شركة "فوكال داتا" بتحليل البيانات القادمة من استطلاعات الرأي التي شملت 15 ألف شخص في الإجمال، ومقارنة نتائجها قبل وبعد إصدار رئيسة الوزراء، تيريزا ماي، خطة "بريكست" في السادس من يوليو/تموز الماضي.
وتعود أهمية هذه النتائج إلى إمكانية تأثيرها على الجدل البرلماني الدائر في ويستمنستر حول صفقة "بريكست" النهائية، حيث تدل على تفضيل أغلبية الرأي العام البريطاني للبقاء في الاتحاد الأوروبي.
ويعد تحليل الرأي العام البريطاني الصادر عن "فوكال داتا" الأكثر شمولاً في البلاد منذ التصويت على "بريكست" في يونيو/ حزيران 2016.
وتعزو الشركة هذا التحول إلى الشكوك في الدوائر العمالية التي صوتت لصالح "بريكست"، إذ إن أكبر الانقلابات في الرأي العام كانت في شمالي إنكلترا وويلز، والتي تعد معاقل انتخابية لحزب العمال المعارض. ويمكن لهذه النتائج أن تزيد من الضغوط على زعيم الحزب، جيريمي كوربن، والذي يؤيد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وتشير الأرقام الصادرة في التقرير إلى أن 112 دائرة انتخابية كانت قد صوتت لصالح "بريكست" تؤيد حالياً البقاء في الاتحاد الأوروبي، وهو ما يرفع عدد الدوائر المؤيدة للبقاء فيه إلى 341 مقابل 229 مؤيدة لـ"بريكست". وبالتالي تكون النسبة الإجمالية 53 في المائة لصالح البقاء في الكتلة الأوروبي، بزيادة 5 في المائة عن نتيجة الاستفتاء.
ويعود تراجع التأييد لـ"بريكست" في هذه الدوائر إلى مخاوف الناخبين من طريقة سير المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي، وتبدد الوعود التي أطلقتها حملة "بريكست" بتحويل الأموال التي تدفعها بريطانيا في ميزانية الاتحاد الأوروبي إلى الاستثمار الداخلي، وتوفير فرض العمل وتعزيز الخدمات الصحية. كما أن استعداد الناخبين من الشباب والأقليات العرقية والدينية للتصويت لصالح البقاء في أوروبا ساهم في إنتاج هذا التحول في الرأي العام البريطاني.
ولم يقتصر التحول لصالح البقاء في الاتحاد على معاقل العمال، بل امتد أيضاً ليشمل دوائر انتخابية يمثلها أشد المدافعين عن "بريكست"، مثل دائرة وزير الخارجية السابق، بوريس جونسون، لتصل نسبة المؤيدين إلى 51.4 في المائة مقابل 43.6 عام 2016. كما ارتفعت نسبة التأييد للبقاء في الاتحاد في الدائرة التي يمثلها وزير البيئة مايكل غوف إلى 50.2 في المائة، مقابل 48 في المائة عام 2016.
ولم تبدل أي من الدوائر المؤيدة للبقاء في أوروبا رأيها لصالح "بريكست"، بينما ارتفع تأييد "بريكست" في الدوائر التي صوتت لصالحه.
ولكن معاقل حزب العمال في شمال إنكلترا وويلز شهدت تحولات كبرى في معارضة "بريكست"، حيث ارتفع التأييد للبقاء في الاتحاد من 46.2 في المائة عام 2016 إلى 60.5 في المائة في دائرة ليفربول والتون، وأيضاً من 37.9 في المائة في سوانزي إيست إلى 50.7 في المائة.
وكانت هذه الدوائر العمالية قد صوتت لصالح "بريكست" بعد الوعود التي أطلقتها حملته باستخدام الأموال التي توفرها بريطانيا في تحسين الخدمات العامة وزيادة فرص العمل، وخاصة أنها من المناطق الصناعية المهمشة. إلا أن سير المفاوضات كشف عن كذب هذه الادعاءات، إضافة إلى تراجع الاقتصاد البريطاني، وهو ما دفع الحكومة البريطانية إلى تقليص إنفاقها العام وإلغاء عدد من المشاريع التنموية. ففي دائرة سوانزي، على سبيل المثال، يعود التحول في الرأي العام إلى إلغاء الحكومة البريطانية مشاريع تنموية قيمتها 1.5 مليار جنيه إسترليني، إضافة إلى تراجع الدعم الحكومي للخدمات العامة الناجم عن إجراءات الحكومة المحافظة التقشفية.