ارتفعت حدة التوتر أخيراً بين شركاء الحكومة الإسرائيلية على خلفية أزمة قانون التجنيد، واتخذت منحى جديداً وصل إلى حدّ تراشق الاتهامات العلنية بين حزب "البيت اليهودي" وزعيمه، نفتالي بينيت، وبين الليكود ورئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، وصل حد اتهام بينيت لنتنياهو بشكل صريح بأن "الأخير وإن كان بمقدوره حل الأزمة الائتلافية الحالية، إلا أنه يبدو مصراً على تعميق الأزمة، ربما باتجاه اتخاذ قرار الذهاب لانتخابات مبكرة لأسباب شخصية وخاصة على خلفية التحقيقات الجارية ضده".
وشكّلت اتهامات بينيت فرصة لعناصر في الليكود، لتوجيه أسهم النقد والاتهام له بأنه "يسعى لإسقاط حكومة اليمين خدمة لمصالحه الشخصية، في الوقت الذي يسعى فيه نتنياهو إلى ضمان مواصلة الحكومة عملها حتى انتهاء ولايتها الدستورية في نوفمبر/تشرين الثاني 2019".
وبدت صورة الوضع في الحكومة الإسرائيلية غريبة، فبعد أن كان الخلاف الرئيسي بين أحزاب الحريديم وبين الليكود، تحول لب الصراع إلى تراشق الاتهامات بين نتنياهو والليكود وبين بينيت و"البيت اليهودي". لكن رئيس الحكومة الإسرائيلية وضع ثلاثة شروط لحلّ الأزمة، وهي أن "يكون مقترح قانون التجنيد مقبولاً على المستشار القضائي للحكومة، وأن يوافق وزير المالية موشيه كاحلون على القانون، وأن يعلن ليبرمان علناً وباقي الشركاء الالتزام بالبقاء في الحكومة حتى نهاية ولايتها الدستورية". وأضاف نتنياهو في جلسة وزراء الليكود شرطاً بأنه "لن يقبل بأن يكون الائتلاف الحكومي من 61 عضواً، وأنه يرفض مقترحات بإخراج حزب ليبرمان من الائتلاف الحكومي في حال صوّت ضد مقترح قانون التجنيد المذكور".
والواقع أن الأسبوع الحالي هو مصيري لتحديد مستقبل الحكومة الحالية، وسط تزايد التقديرات بأن نتنياهو عاقد العزم على الذهاب لانتخابات مبكرة. وبدا واضحاً أن نتنياهو راغب باستنفاد الجدول الزمني المعلن، وهو التصويت على قانون الميزانية لعام 2019، وهو شرط وزير المالية موشيه كاحلون الذي يملك حزبه 10 مقاعد من الائتلاف الحالي، ويهدد بالانسحاب من الحكومة في حال لم يتم التصويت على القانون حتى الثلاثين من الشهر الحالي.
كما يسابق نتنياهو الزمن، لتحديد موعد مبكر للانتخابات، إذ يطرح رجال الليكود الذهاب لانتخابات في يونيو/حزيران المقبل، أي بعد ثلاثة أشهر، مما يمكن نتنياهو من خوض معركة انتخابية قصيرة، يكون بمقدوره فيها توظيف إنجازاته السياسية في مقدمتها افتتاح السفارة الأميركية في القدس المحتلة، في 14 مايو/أيار المقبل. وهو ما سيساعد نتنياهو أيضاً على استباق قرار المستشار القضائي للحكومة بشأن قبول توصيات الشرطة في ملفي فساد ضده وتقديم لائحة اتهام رسمية ضده، والعودة لرئاسة الحكومة وسط تسجيل انتصار شعبي.
في المقابل في حال أصرت أحزاب الائتلاف والمعارضة على تحديد موعد متأخر للانتخابات، أي في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، فإن ذلك سيعني معركة انتخابات طويلة ومحفوفة بالمخاطر، لا سيما في حال تتالت تسريبات عن فضائح جديدة لنتنياهو. وهو ما قد يقضم التأييد الشعبي الذي يحظى به نتنياهو، خصوصاً أن أحزاب اليمين الأخرى لا تبدي، بحسب تراشق الاتهامات الأخير بينها وبين الليكود، استعداداً للتنازل لنتنياهو وخوض معركة شرسة خوفاً من ترجع تأييدها البرلماني. وكانت الاستطلاعات الأخيرة بينت أن الليكود تحت قيادة نتنياهو سيحصل على 34 مقعداً في الكنيست مع تراجع شركائه في الائتلاف، واحتمالات عدم اجتياز حزب "شاس" لنسبة الحسم.