وبحسب المصدر الذي تحدث لـ"العربي الجديد" فإن حفتر رفض بشكل ضمني العودة لطاولة المباحثات مع ممثلي حكومة الوفاق بدعوى تبديل مواقف الأخيرة وعدم قدرتها على إقناع المسلحين في طرابلس بقبول بنتائج المباحثات، معتبرا أن الأمر إهدار للوقت.
المصدر البرلماني رجح أن حفتر ذهب إلى اتجاهات أخرى لم يعد يعول فيها على حكومة الوفاق بل على عقد تحالفات مع مجموعات مسلحة على الأرض من بينها مجاميع مسلحة حول طرابلس، مؤكدا أنه يعد العدة لحرب جديدة بدعم من قبل بعض حلفائه الدوليين. كما كشف أن بعض تلك الأطراف المسلحة من ترهونة وورشفانة وفصائل في تاجوراء بالتوازي مع اتصالات مع بعض ضباط قوات "البنيان المرصوص" في مصراته.
وأكد البرلماني أن تواصلا حثيثا يجري بين حفتر وأطراف في مصراته لبحث سبل التقارب بينهما بغية تحييدها وأن تكون مصراته طرفا محايدا خلال الحرب المقبلة، مؤكدا أن حفتر بدا على يقين بأن ضباط حكومة الوفاق ليسوا على وفاق مع المجاميع المسلحة المسيطرة على طرابلس الفاعلة على الأرض.
وتعليقا على معلومات المصدر، يرى الخبير الأمني الليبي محيي الدين زكري أن حفتر لن ينتظر نتائج جدالات سياسية أممية أو دولية، وعليه السعي سريعا لإنقاذ نفسه وهو يرى سقوطه المتسارع في شرق البلاد. وقال في حديث لـ"العربي الجديد" إن "التقارب مع مصراته بدا ظاهراً، فلأول مرة وبشكل مفاجئ زار بنغازي وفد من مصراته على رأسه بلقاسم قزيط عضو مجلس الدولة المعروف بمعارضته لمواقف مجلس الدولة تجاه حفتر، والوفد حتى الآن في بنغازي وظهر عدة مرات في الإعلام ليؤكد على دور حفتر في ما يسمى بحرب الإرهاب في بنغازي، وهو موقف جديد لمصراته التي كانت طيلة السنوات الماضية عقبة كبيرة أمام توجهاته العسكرية".
وبيّن زكري أن موقف الوفد وقزيط لا يمثل مصراته كليا لكنه على الأقل يمثل تغير موقف أطراف داخلها تجاه حفتر، والزيارة تؤكد التقارب بينهما.
وقال زكري إن "خطط حفتر بشأن طرابلس يعيد فيها رؤيته وخطته في بنغازي، فهو اليوم يقيم صلات وأحلافا مع المناطق القبلية المجاورة لطرابلس التي تمتلك امتدادات قبلية في داخل المدينة مثل ورشفانة غربها وترهونة جنوب شرقها مثلما فعل تماما مع العواقير والبراغثة في بنغازي مستفيدا من تلك الامتدادات لانتفاضة داخلية، وهو عامل استفادت منه مليشيات اللواء السابع القادمة من ترهونة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي عندما سيطرت خلال ساعات على كل جنوب شرق طرابلس الذي يسكنه أهالي ترهونة". بيد أنه اعتبر أن اتصال حفتر بمصراته غير كاف حتى اللحظة، كما أن فصائل بغرب طرابلس تعارضه بقوة ولهذا لا يزال متريثا .
وعن إمكانية الدعم الدولي، قال "لا أعتقد أن دولا كفرنسا أو الإمارات.. سيقدمون شيئا عسكريا ذا بال، فوقود الحرب هي الأشخاص وهو ما ستوفره القبائل، لكن الدولتين ربما ستغطيان الأمر سياسيا، فالتجاذب بين إيطاليا وفرنسا كبير إذ كل منهما تريد كسب حفتر لصفها".
وعن إمكانية إفشال حفتر لمباحثات القاهرة، قال زكري "رفضه طبيعي، فهو لم يتحقق له الحصول على المنصب العسكري كما أن ضباط حكومة الوفاق شكليون لا سيطرة لهم على القوى على الأرض، ومن جانب آخر يعرف حفتر جيدا أن قواته ليست في مستوى الجيش ولا ثقة لديه في ضباطه من حوله ليمثلوه في القاهرة أو غيرها".
وحول فرص نجاح حفتر في عقد تحالفات جديدة غرب البلاد، قال "حفتر أخذ صيتا كبيرا بسبب ما حققه من انتصارات لنفسه، وستوافق كثير من فصائل الغرب على التحالف معه لكنه بكل تأكيد لن يحسم الأمر لصالحه عسكريا وسيكتفي بسيطرته على أجزاء من طرابلس على الأقل لتكون ورقة تفاوضية ليعوض ما فقده بيده في الشرق وأيضا لتعويض أهم ما فقده أي منطقة الهلال النفطي التي بات يعرف جيدا أنه مجرد حارس لها بينما أموالها تذهب لصالح حكومة الوفاق". لكنه في الوقت ذاته أشار إلى أن ارتباك مواقف حفتر المتوالية وقفزه لعقد تحالفات من عاصمة إلى أخرى قد يُفشلان توجهاته، وبالتالي تقل نسبة ثقة هذه العواصم به تدريجيا.