وصل رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، اليوم الأربعاء، إلى مدينة الموصل (500 كلم شمال العاصمة العراقية بغداد)، على رأس وفد حكومي وسياسي للمشاركة بفعاليات مؤتمر التعايش السلمي بين مكونات سهل نينوى الإسلامية والمسيحية والأيزيدية وباقي الديانات والطوائف والقوميات فضلاً عن افتتاح أحد الجسور المدمرة الذي يربط بين ضفتي دجلة وسط الموصل.
وهذه الزيارة الأولى من نوعها لمدينة الموصل منذ تحريرها من قبضة تنظيم "داعش" الإرهابي في يوليو/تموز العام الماضي.
وبحسب المكتب الإعلامي للعبادي، فقد "افتتح رئيس الوزراء الجسر القديم الذي دمر خلال العمليات العسكرية لتحرير المدينة والذي يربط ساحلي الموصل الأيمن بالأيسر، مبشرا أهالي نينوى بأن الإعمار يسير على قدم وساق وإعادة الاستقرار إلى المحافظة مستمرة"، وفقا للبيان، كما عقد اجتماعاً آخر مع مدراء الدوائر الخدمية لمناقشة سبل توفير الخدمات وتذليل الصعوبات أمام مشاريع إعادة الإعمار.
وشارك العبادي في مؤتمر إشاعة أجواء التعايش بين مكونات سهل نينوى برعاية الأمم المتحدة بمشاركة رجال دين من مختلف الأديان في سهل نينوى، وقال في كلمة خلال المؤتمر إن العراق "أصبح أكثر قوة والتحاماً"، موضحاً أن العراقيين ومن جميع المحافظات قدموا التضحيات من أجل تحرير هذه الأرض وأثبتوا قوة إرادتهم، "وحققنا الانتصار على داعش".
ولاقت زيارة العبادي للموصل انتقادات واسعة، بسبب تجنبه زيارة المناطق المدمرة والأحياء التي ما زالت عمليات انتشال الجثث جارية فيها منذ نحو ثمانية أشهر.
وقال مسؤولون محليون في المدينة إن السكان كانوا يتوقعون أن يزور رئيس الحكومة الساحل الأيمن أو المدينة القديمة والأحياء المدمرة الأخرى التي سويت بالأرض من قبل طيران التحالف والطيران العراقي، إلا أنه اختار التجول قرب دجلة في الساحل الأيسر ثم المغادرة.
وقال عضو المجلس البلدي طه محمود، لـ"العربي الجديد"، إن السكان كانوا يأملون بأن يطلق العبادي أوامره بتسريع عملية انتشال جثث ضحايا القصف الجوي وتوفير خدمات للسكان العائدين، لكنه اغمض عينيه عن الجانب الثاني في المدينة الذي ما زال يعج برائحة جثث الضحايا.
وعبر مواطنون عن سخطهم من الزيارة، معتبرين أن على رئيس الوزراء الاستماع إليهم والاطلاع على أوضاعهم عن كثب.
وقال عبد الرزاق سعدون (49 عاما)، لـ"العربي الجديد": "حاولنا اللقاء مع العبادي ولم نفلح، وقلنا سيزور مناطقنا ولم يزرها، وغادر مسرعا المدينة، كأنه انزعج من رائحة الجثث"، على حد وصفه.
وتقول خالدة أحمد عمر (34 عاما)، لـ"العربي الجديد"، إنها كانت تحاول أن توصل إليه رسالة كتبتها على عجل بعد معرفتها بوصوله لكنها لم تنجح، موضحة "كتبت له أنه من حقي أن أحصل على قبر لزوجي لأزوره بين حين وآخر، وطالبته بأن يعجلوا في رفع الجثث من المدينة القديمة".
من جانبه، رد المستشار الأمني لمحافظة نينوى أحمد خليل الحمداني، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، على الامتعاض الشعبي من زيارة العبادي بالقول إن "الزيارة كانت مخصصة للاطلاع على الوضع الأمني ومشاريع الإعمار، وكانت لديه اجتماعات ومؤتمر، ولم يكفِ الوقت لأي نشاط آخر".