تسود حالة من الاستياء الشعبي في العراق على بعد أقل من ثلاثة أشهر عن موعد الانتخابات العامة، والتي يفترض أن تنتج حكومة وبرلمانا جديدين، بسبب تكرار الوجوه والشعارات نفسها في كل انتخابات تجري بالبلاد منذ الاحتلال الأميركي قبل نحو عقد ونصف.
وكشفت قوائم المرشحين للانتخابات المقبلة عن تكرار أسماء أكثر من 300 شخصية برلمانية وسياسية منذ الاحتلال وحتى الآن، وفازت في جميع عمليات الاقتراع بالانتخابات الماضية بين عام 2005 و2014 المحلية والتشريعية، أو أنها حصلت على مناصب تنفيذية.
ويقول مراقبون إن أكثر من 90 في المائة من شعارات الأحزاب والشخصيات السياسية، السنية والشيعية والكردية والمسيحية، ومن باقي طوائف العراق، هي نفسها مكررة منذ عام 2005 وإلى غاية اليوم، وهو ما يعني "تكرار الفشل" و"الكذب على الجمهور".
ووفقا لمسؤول رفيع في مفوضية الانتخابات العراقية ببغداد، فإن 348 مرشحا انتخابيا لازم انتخابات البرلمان منذ أول عملية اقتراع جرت بعد الاحتلال الأميركي للبلاد وإلى غاية الانتخابات المزمع إجراؤها في 12 مايو/ أيار المقبل.
وكشف المسؤول ذاته، لـ"العربي الجديد"، عن أن أكثر من 30 حزبا وكتلة سياسية تكرر الشعارات والوعود نفسها التي رفعتها عامي 2010 و2014 خلال الانتخابات التشريعية، فضلا عن انتخابات 2005 الخاصة بالجمعية الوطنية التي انتخب فيها 275 عضوا، لافتا إلى أن شعارات توفير الأمن والسكن والقضاء على الفقر والبطالة، وإنهاء الطائفية والتمييز، وتوظيف الكفاءات والخريجين الجامعيين، وبناء المستشفيات والاهتمام بالشباب والرياضة، وتأهيل المدارس، كلها مكررة منذ عام 2005، وأضيف لها في هذه الانتخابات إعادة النازحين لمنازلهم وإغلاق المخيمات، وتعمير المدن المدمرة، واستبدال شعار "القضاء على القاعدة" بـ"القضاء على داعش".
وذكر المتحدث أن "المفوضية لا تتدخل بموضوع الشعارات ما دامت متوافقة مع القانون الخاص بالانتخابات"، قبل أن يستدرك بقوله: "لكن هناك لافتات علقت عام 2010 وسيعاد تعليقها عام 2018 لنفس الأحزاب المشاركة بالانتخابات"، على حد وصفه.
وأوضح عضو "التيار المدني"، ضياء أحمد، لـ"العربي الجديد"، أن "العملية السياسية منذ عام 2003 وإلى الآن بفس الشخصيات السياسية والسياسة الخاصة بالأحزاب.. لا يوجد أي تغيير، ولا أي تقدم من الناحية السياسية والخدمية للبلد"، مبينا أن "الزعامات والشخصيات ثابتة، والتغيير فقط على النواب الذين باتوا كقطع الشطرنج يتم تحريكهم وفقا لرأي زعمائهم"، وبين أن "الانتخابات المقبلة لا تختلف في شيء عن سابقاتها، لأنه حتى لو تغيرت بعض الوجوه تبقى سياسة الحزب واحدة لا تتغير، وهذا يسبب الخراب والدمار والتخلف للعراق".
وقال الخبير بالشأن السياسي العراقي، إياد الدليمي: "كما في كل مرة، الوجوه الكبيرة راسخة في الانتخابات العراقية، لان كياناتها السياسية والحزبية تقوم بالأساس على هذه الوجوه الحزبية والسياسية (..) كل ما سيجري من تغييرات هو بإضافة بعض الوجوه الشابة لإقناع الناخب العراقي بأن التغيير عبر صناديق الاقتراع ممكن".
وأضاف الدليمي، في تصريح لـ"العربي الجديد": "للأسف الناخب العراقي تم تعويده على انتخاب وجوه لا برامج انتخابية، كما أن هذا الناخب العراقي ناخب موجه لم يتخلص إلى الآن من تبعيته الطائفية والعرقية، وبالتالي فإن الانتخابات المقبلة ستكون نسخة مكررة لما سبق من انتخابات".
وعبّر الطالب في جامعة بغداد، عمر سعدي، في حديث لـ "العربي الجديد"، عن أمله في "تغيير في الانتخابات الحالية كون الشعب لم ينتج من وسطه تيارا جديدا يمثله، وكل الأحزاب الحالية جاءت مع الاحتلال أو تـأسست في ظله"، مضيفا أن "دعوات المقاطعة للانتخابات تتزايد، وهناك من يرى في الذهاب للاقتراع لكن بوضع علامة (X) بدلا من عدم الذهاب، لأنهم يخشون التزوير بمنح أصواتهم لمرشحين بعينهم، وهناك من يقول عكس ذلك، وما زال الشارع في حالة تفرج".