فيما تحاول روسيا زيادة نفوذها في ليبيا من خلال أطراف عربية مهيمنة على الملف الليبي سياسياً في الظاهر، ومن خلال دعم عسكري لأطراف ليبية مسلّحة، في الكواليس، كما فعلت في بدايات تدخلها في سورية، اتجهت حكومة الوفاق في طرابلس إلى التواصل مع حلف الناتو الذي يشكل الطرف الآخر للتوازن الدولي العسكري والسياسي في العالم.
ورغم إشارة تقارير ومصادر إلى أن "روسيا تسعى إلى تفعيل عدة اتفاقيات خاصة ببيع ليبيا أسلحة من خلال التعامل مع البرلمان، الذي يشكل الواجهة السياسية لحراك اللواء المتقاعد خليفة حفتر"، إلا أن الدبلوماسيين الروس لم ينفكّوا عن الإعلان عن دعمهم للتسوية السياسية خيارا وحيدا لحل الأزمة الليبية.
وبالتوازي مع طلبها المتكرر لإيجاد دور لحليفها العسكري "حفتر"، استقبلت موسكو عدة شخصيات سياسية من طرابلس، من بينهم أحمد معيتيق، وهو النائب في المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، الذي كان يرافق وزير الدفاع المفوض، المهدي البرغثي، الذي يعد خصم حفتر السياسي والعسكري في بنغازي.
وتزامنت مساعي طرفي الأزمة في ليبيا مؤخراً في اتجاهين، فبينما حضر ممثلو البرلمان في طبرق منتدى العرب الوزاري الروسي الذي انعقد أمس في العاصمة الإماراتية، أبوظبي، والذي طالبت توصياته بضرورة رفع التجميد عن الأصول المالية الليبية، في إشارة إلى عرقلة يبدو أنها أوقفت إعادة تفعيل اتفاقيات روسيا مع ليبيا الخاصة بالتسليح والمتعلقة بكيفية تمويلها، استضافت بروكسل لقاء جمع رئيس المجلس الرئاسي، فايز السراج، برئيس حلف الناتو، ينس ستولنبرغ، الذي أعلن عن استعداده لدعم حكومة الوفاق في بناء قدراتها العسكرية إذا ما طلبت ذلك.
وقال ستولنبرغ، أمس الأربعاء، خلال مؤتمر صحافي جمعه بالسراج، إن الحلف يحتاج إلى طلب رسمي من الحكومة الليبية لتقديم مساعداته في بناء القدرات العسكرية والدفاعية الليبية.
وأضاف أن "الوضع الأمني في ليبيا سجل تقدما مهما في محاربة الإرهاب، لا سيما من خلال نجاحنا في إخراج تنظيم داعش من مدينة سرت". لافتا إلى أن "الحلف سيقدم دعما سياسيا لحكومة الوفاق".
وأعلن رئيس الناتو عن استعداد الحلف "لبناء قدرات دفاعية ليبية متكاملة وإنشاء وزارة دفاع عصرية، واستحداث هيئة أركان متطورة، عندما نحصل على طلب ليبي رسمي بذلك".
وفي كلام لا يخفي من خلاله السراج توجيه رسائل ضمنية لقائد عملية الكرامة، حفتر، وداعميه السياسيين والعسكريين إقليميا ودوليا، قال السراج إن حكومته "تسعى إلى تعميق التعاون مع الناتو، لإحلال الاستقرار والتغلب على التحديات الأمنية والعسكرية التي تواجهها المؤسسة العسكرية الليبية"، من دون أن يشير صراحة إلى أن حفتر وداعميه هم أبرز التحديات. لكنه لفت إلى إمكانية قبوله بوجود حفتر ضمن المؤسسة العسكرية، قائلاً "نرحب بأي تعاون من أجل توحيد المؤسسة العسكرية في ليبيا لمواجهة خطر الإرهاب، والتي لا شك أننا نحتاج فيها إلى خبرة حلف الناتو وغيره من دول العالم القوية".
وفي إشارة أخرى للحديث المتنامي عن سعي روسيا لامتلاك قاعدة بحرية قبالة شواطئ ليبيا الشرقية التي زارتها حاملة الطائرات الروسية، قال السراج "على رأس مساعينا الآن، تقديم طلب لحلف الناتو، من أجل مساعدتنا في بناء أسطولنا البحري القادر على حماية مياهنا الإقليمية".