لم تحمل الأيام الخمسة عشر من الجولة الثالثة من محادثات جنيف 3 التي أعلن عن انتهائها رسمياً أمس الأربعاء بعدما كانت قد انطلقت في 13 إبريل/ نيسان الحالي، أي جديد يسهم في التأسيس لحل سياسي سوري، مع الفشل في بحث فعلي للانتقال السياسي في البلاد، كما تطالب المعارضة، مقابل الضغوط الروسية واستمرار التصعيد الميداني من النظام السوري على الأرض، خصوصاً في حلب التي شهدت مجازر عدة نفذها النظام، ما دفع المعارضة للانسحاب منها قبل أيام من نهايتها.
كانت المعارضة السورية منذ اليوم الأول للمحادثات تؤكد على مطالبها المتمثلة بضرورة تشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات مع رفض بقاء رئيس النظام السوري بشار الأسد في السلطة. أما النظام فبدا مشاركاً في هذه الجولة من المحادثات لمجرد إفشالها، مع تأخره عن انطلاقتها بداعي إجراء الانتخابات التشريعية في البلاد، ثم إعلانه أن الأسد خط أحمر، إضافة إلى رفضه بحث الانتقال السياسي بشكل جدي، وتقديمه مقترحاً شكّل التفافاً على طرح هيئة الحكم عبر اقتراح 3 نواب للرئيس مع بقاء الأسد في سدة الحكم، وهو اقتراح وجّهت المعارضة للأمم المتحدة اتهاماً بتبنيه وبأنها لم تعد طرفاً محايداً.
في ظل هذه الأجواء، كان الدور الأبرز تؤديه روسيا التي استمرت بمناوراتها وضغوطها على المعارضة السورية، مع محاولتها ضرب وفد المعارضة بإدخال "معارضين" مقربين منها في صفوفها، إضافة إلى استمرارها بالتلويح بورقة "الإرهاب" ضد أطراف مشاركة في وفد المعارضة، وحديثها عن احتفاظها بقوات على الأرض، إضافة إلى العمل على منع عقد مجموعة دعم سورية التي طرحت إمكانية عقدها اجتماعاً خلال الأيام المقبلة.
أحدث الضغوط الروسية جاءت أمس الأربعاء، مع إعلانها أن محادثات جنيف من المتوقع أن تُستأنف في جنيف في العاشر من مايو/ أيار المقبل. وقال نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف أمس، "إننا مع أن تجري المفاوضات بسرعة أكبر، وأن تكون شاملة، حتى يشارك فيها الجميع للتوصل إلى اتفاق بأسرع وقت".
هذا الأمر رد عليه نائب رئيس الهيئة العليا جورج صبرا، لافتاً في حديث لوكالة "رويترز" إلى أن تحديد موعد استئناف المحادثات يعود للأمم المتحدة، مؤكداً أن "المعارضة لن تشارك في المحادثات إلى أن تنفذ مطالبها"، مشيراً إلى أنه ما لم تحصل إجراءات حقيقية على الأرض وفي الداخل السوري سيبقى وفد الهيئة العليا للمفاوضات على قرار تعليق مشاركته بالمحادثات.
وفي السياق، نقلت وكالة "رويترز" عن دبلوماسي غربي قوله إن المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا يتحدث عن يومي 14 و15 مايو/ أيار المقبل كموعد لبدء الجولة المقبلة من المحادثات، مشيراً إلى أن "كل هذا نظري تماماً، ومن غير المؤكد على الإطلاق أن الطرفين سيعودان إلى جنيف"، لافتاً إلى أن "دي ميستورا يشعر أن إنهاء الجولة من دون تحديد موعد للجولة المقبلة لن يكون إشارة جيدة. ولكنه أمر نظري". وقال الدبلوماسي إن دي ميستورا ما زال يهدف إلى عقد اجتماع وزاري للقوى الكبرى والإقليمية تحت لواء المجموعة الدولية لدعم سورية قبل تنظيم الجولة المقبلة من محادثات جنيف، مشيراً إلى أن ذلك سيكون على الأرجح في الأسبوع المقبل غير أن روسيا لم تنضم بعد.
كما صعّدت موسكو من هجومها على المعارضة، وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أمس الأربعاء إن تصرف الهيئة العليا للمفاوضات "مقلق" وإنها فشلت في تقديم مقترحات بناءة في المحادثات. وأضافت في إفادة صحافية أن الوضع على الأرض في سورية وحالة المحادثات "مدعاة للقلق البالغ".
ولم تتوقف الضغوط الروسية على ذلك، بل طلبت موسكو من مجلس الأمن الدولي مساء الثلاثاء اعتبار مجموعتي "أحرار الشام" و"جيش الإسلام" السوريتين المعارضتين اللتين شاركتا في محادثات جنيف، "إرهابيتين". وأعلن السفير الروسي في الأمم المتحدة فيتالي تشوركين في بيان أن بلاده طلبت من لجنة مكافحة الإرهاب أن تدرج المجموعتين في لائحتها للمنظمات الإرهابية.
كذلك وجّهت روسيا اتهامات لبريطانيا بحماية "إرهابيين" يمولون تنظيم "داعش"، معتبرة ذلك "لعبة خطرة جداً". وجاء اتهام زاخاروفا للندن رداً على تقرير أعدته وزارة الخارجية البريطانية بشأن حقوق الإنسان، قائلة إن هذا التقرير يعكس نفاق لندن الذي وصل إلى مستوى سياستها الخارجية.
اقــرأ أيضاً
التصعيد الروسي شمل أيضاً هجوماً على الولايات المتحدة واعتبار نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف، أن العسكريين الأميركيين يتواجدون في سورية بشكل غير شرعي. في المقابل، أكدت وزارة الدفاع الروسية، أمس، أن المستشارين العسكريين الروس يساعدون قوات النظام السوري في التخطيط للعمليات العسكرية. وقال رئيس هيئة الأركان العامة الروسية، فاليري غيراسيموف، في المؤتمر الدولي حول الأمن في موسكو: "يساعد المستشارون العسكريون الروس قيادة الجيش السوري في التخطيط للعمليات القتالية ضد العصابات المسلحة، ويشاركون في تدريب الوحدات العسكرية والاحتياطية وتأهيلها للقتال". من جهته، اعتبر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أن العملية العسكرية الروسية في سورية أدت إلى "تحول جذري" للوضع. وجاء في رسالة ترحيب من بوتين إلى المشاركين في المؤتمر أن "أعمال القوات الجوية الفضائية في سورية ألحقت بـ"داعش" وغيره من التنظيمات الإرهابية ضربة قوية وساهمت في التحول الجذري للوضع".
ومنذ بدء الجولة الثالثة من محادثات جنيف، لم تتوقف المحاولات الروسية لتوسيع وفد المعارضة بهدف زرع بذور الخلاف في ما بينه، أو الدخول بوفد ثالث لتمييع المفاوضات والتخلص من بيان جنيف، وهو ما برز بمحاولات إنشاء وفد موحّد من مؤتمرات الأستانة وموسكو والقاهرة وحميميم. ويدخل في هذا السياق، إعلان رئيس "تيار بناء الدولة السورية"، لؤي حسين، إنهاء علاقة تياره بالهيئة العليا للمفاوضات، محملاً إياها السبب في "إعاقة العملية السياسية لإنهاء الأزمة السورية"، على حد قوله. وتشير معلومات إلى أن حسين، سعى خلال الأيام الماضية، إلى تسويق نفسه لدى الدبلوماسية الروسية، لإلحاقه بوفد موسكو الذي يتزعمه النائب السابق لرئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية لدى النظام، قدري جميل.
ويكتفي المتحدث الرسمي باسم الهيئة العليا للمفاوضات رياض نعسان، في تصريحات لـ"العربي الجديد" رداً على إعلان الخارجية الروسية مواصلة محادثات جنيف والضغوط لتشكيل وفد من مؤتمرات موسكو - حميميم - القاهرة - الأستانة، بالقول "إننا ننتظر ما تحمله الأيام المقبلة".
غير أن عضو الائتلاف الوطني السوري وأمينه السابق محمد يحيى مكتبي، يتوقع فشل المحاولات الروسية، ويشير لـ"العربي الجديد" إلى أنه "منذ بداية المحادثات، كان واضحاً ما أقره دي ميستورا، من أن هناك وفدين فقط، وفد المعارضة ووفد النظام، فيما بقية الشخصيات والكيانات دُعيت بصفة استشارية"، مضيفاً: "نحن لا نتوقع أن يتم تغيير هذا الأمر، لأنه لن يجدي نفعاً، خصوصاً في ظل الهجمة على حلب وحملة المجازر المروعة". ويشير إلى أن "بعضاً من هذه المعارضة هي صناعة روسية بامتياز، والتي تمارس إرهاب الدولة ضد الشعب السوري، وتقف إلى جانب النظام سياسياً وعسكرياً، ولا نعتقد أن هذه الكتل تستطيع أن تصل إلى حل تمارسه على أرض الواقع، وهو إضافة جديدة إلى عبثية هذه المحادثات".
في المقابل، يعرب مكتبي عن خشيته من استمرار المحادثات بلا أي جدية للقول فقط إنها مستمرة، وعدم الوصول إلى نتائج ملموسة، معتبراً أن "النظام لا يبالي، لأنه يدرك إن كان هناك مخرج حقيقي لهذه المحادثات فسيعني ذلك رحيل بشار الأسد".
ويؤكد على مطالب المعارضة السورية "بتطبيق الأمم المتحدة ومجلس الأمن لما أصدرته من قرارات، على رأسها إطلاق سراح المعتقلين فوراً وتوصيل المساعدات الإنسانية للمدن المحاصرة، ووقف القصف العشوائي على المدنيين، مبيناً أن "كل ذلك لم يحصل، وزادت الانتهاكات وهو يدل على استهتار النظام بالقرارات الدولية، وهذا طبيعي في ظل سياسية الإفلات من العقاب التي تتبعها الأمم المتحدة تجاه النظام السوري".
وكانت المعارضة السورية قد علّقت مشاركتها في المحادثات "احتراماً للدم السوري، بسبب مواصلة النظام، وحلفائه، حصار وقصف البلدات والمدن السورية"، بحسب منسّق الهيئة العليا للمفاوضات رياض حجاب.
وبدا أن المحادثات تحوّلت إلى مجرد محادثات من دون نتائج على الرغم من رفع سقف التوقعات من قبل دي ميستورا، بعدما أكد قبل يومين من بدئها أن "الجولة الثالثة من المحادثات بالغة الأهمية"، مضيفاً أننا "سنركز بشكل خاص على عملية الانتقال السياسي، وعلى مبادئ الحكم (الانتقالي) والدستور". وساهمت سياسة المبعوث الدولي في خلط الأوراق بدلاً من ترتيبها، بعد طرحه فكرة ثلاثة نواب لرئيس النظام السوري بشار الأسد، فيما اعتبرته المعارضة انحيازاً تاماً إلى وفد النظام السوري، وهو ما عقّد المحادثات بعد ذلك، وليس أدّل على ذلك مما نشرته "العربي الجديد"، قبل أربعة أيام، من وثائق سريّة قدمها ستيفان دي ميستورا إلى مجلس الأمن قبل أشهر، تحت مُسمى "التوصية الأولى". وتنص الفقرة 51 من الملحق الرابع للتوصية، بشكل صريح، على بقاء الأسد، وتقول الفقرة: "علاوة على ذلك، فإن وجود المرحلة التحضيرية يسمح ضمنياً باحتمال استمرار الرئيس في ممارسة بعض المهام خلال هذه الفترة، على الرغم من أن المسؤوليات الأساسية، مثل الإشراف على الشؤون العسكرية والأمنية، ستتولاها منذ البداية هيئة الحكم الانتقالي (والتي تكون الحكومة الحالية ممثلة فيها)".
ومع هذه التعقيدات يبرز دور جزائري حول الصراع السوري، إذ تكشف مصادر دبلوماسية جزائرية لـ"العربي الجديد" أن زيارة مساعد وزير الخارجية الجزائري المكلف بالشؤون المغاربية والأفريقية والجامعة العربية عبد القادر مساهل إلى دمشق قبل أيام، جاءت لنقل رسالة سياسية إلى الأسد، تتضمن دعوته إلى التعاطي الإيجابي مع محادثات جنيف وتشجيعه على فتح حوار مباشر مع قوى المعارضة السورية لتجاوز خطط غربية تستهدف تقسيم سورية. وبحسب المصادر، فزيارة مساهل تتعلق بخطوة سياسية محسوبة ومطلوبة من المجتمع الدولي.
أحدث الضغوط الروسية جاءت أمس الأربعاء، مع إعلانها أن محادثات جنيف من المتوقع أن تُستأنف في جنيف في العاشر من مايو/ أيار المقبل. وقال نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف أمس، "إننا مع أن تجري المفاوضات بسرعة أكبر، وأن تكون شاملة، حتى يشارك فيها الجميع للتوصل إلى اتفاق بأسرع وقت".
هذا الأمر رد عليه نائب رئيس الهيئة العليا جورج صبرا، لافتاً في حديث لوكالة "رويترز" إلى أن تحديد موعد استئناف المحادثات يعود للأمم المتحدة، مؤكداً أن "المعارضة لن تشارك في المحادثات إلى أن تنفذ مطالبها"، مشيراً إلى أنه ما لم تحصل إجراءات حقيقية على الأرض وفي الداخل السوري سيبقى وفد الهيئة العليا للمفاوضات على قرار تعليق مشاركته بالمحادثات.
وفي السياق، نقلت وكالة "رويترز" عن دبلوماسي غربي قوله إن المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا يتحدث عن يومي 14 و15 مايو/ أيار المقبل كموعد لبدء الجولة المقبلة من المحادثات، مشيراً إلى أن "كل هذا نظري تماماً، ومن غير المؤكد على الإطلاق أن الطرفين سيعودان إلى جنيف"، لافتاً إلى أن "دي ميستورا يشعر أن إنهاء الجولة من دون تحديد موعد للجولة المقبلة لن يكون إشارة جيدة. ولكنه أمر نظري". وقال الدبلوماسي إن دي ميستورا ما زال يهدف إلى عقد اجتماع وزاري للقوى الكبرى والإقليمية تحت لواء المجموعة الدولية لدعم سورية قبل تنظيم الجولة المقبلة من محادثات جنيف، مشيراً إلى أن ذلك سيكون على الأرجح في الأسبوع المقبل غير أن روسيا لم تنضم بعد.
كما صعّدت موسكو من هجومها على المعارضة، وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أمس الأربعاء إن تصرف الهيئة العليا للمفاوضات "مقلق" وإنها فشلت في تقديم مقترحات بناءة في المحادثات. وأضافت في إفادة صحافية أن الوضع على الأرض في سورية وحالة المحادثات "مدعاة للقلق البالغ".
ولم تتوقف الضغوط الروسية على ذلك، بل طلبت موسكو من مجلس الأمن الدولي مساء الثلاثاء اعتبار مجموعتي "أحرار الشام" و"جيش الإسلام" السوريتين المعارضتين اللتين شاركتا في محادثات جنيف، "إرهابيتين". وأعلن السفير الروسي في الأمم المتحدة فيتالي تشوركين في بيان أن بلاده طلبت من لجنة مكافحة الإرهاب أن تدرج المجموعتين في لائحتها للمنظمات الإرهابية.
كذلك وجّهت روسيا اتهامات لبريطانيا بحماية "إرهابيين" يمولون تنظيم "داعش"، معتبرة ذلك "لعبة خطرة جداً". وجاء اتهام زاخاروفا للندن رداً على تقرير أعدته وزارة الخارجية البريطانية بشأن حقوق الإنسان، قائلة إن هذا التقرير يعكس نفاق لندن الذي وصل إلى مستوى سياستها الخارجية.
التصعيد الروسي شمل أيضاً هجوماً على الولايات المتحدة واعتبار نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف، أن العسكريين الأميركيين يتواجدون في سورية بشكل غير شرعي. في المقابل، أكدت وزارة الدفاع الروسية، أمس، أن المستشارين العسكريين الروس يساعدون قوات النظام السوري في التخطيط للعمليات العسكرية. وقال رئيس هيئة الأركان العامة الروسية، فاليري غيراسيموف، في المؤتمر الدولي حول الأمن في موسكو: "يساعد المستشارون العسكريون الروس قيادة الجيش السوري في التخطيط للعمليات القتالية ضد العصابات المسلحة، ويشاركون في تدريب الوحدات العسكرية والاحتياطية وتأهيلها للقتال". من جهته، اعتبر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أن العملية العسكرية الروسية في سورية أدت إلى "تحول جذري" للوضع. وجاء في رسالة ترحيب من بوتين إلى المشاركين في المؤتمر أن "أعمال القوات الجوية الفضائية في سورية ألحقت بـ"داعش" وغيره من التنظيمات الإرهابية ضربة قوية وساهمت في التحول الجذري للوضع".
ومنذ بدء الجولة الثالثة من محادثات جنيف، لم تتوقف المحاولات الروسية لتوسيع وفد المعارضة بهدف زرع بذور الخلاف في ما بينه، أو الدخول بوفد ثالث لتمييع المفاوضات والتخلص من بيان جنيف، وهو ما برز بمحاولات إنشاء وفد موحّد من مؤتمرات الأستانة وموسكو والقاهرة وحميميم. ويدخل في هذا السياق، إعلان رئيس "تيار بناء الدولة السورية"، لؤي حسين، إنهاء علاقة تياره بالهيئة العليا للمفاوضات، محملاً إياها السبب في "إعاقة العملية السياسية لإنهاء الأزمة السورية"، على حد قوله. وتشير معلومات إلى أن حسين، سعى خلال الأيام الماضية، إلى تسويق نفسه لدى الدبلوماسية الروسية، لإلحاقه بوفد موسكو الذي يتزعمه النائب السابق لرئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية لدى النظام، قدري جميل.
ويكتفي المتحدث الرسمي باسم الهيئة العليا للمفاوضات رياض نعسان، في تصريحات لـ"العربي الجديد" رداً على إعلان الخارجية الروسية مواصلة محادثات جنيف والضغوط لتشكيل وفد من مؤتمرات موسكو - حميميم - القاهرة - الأستانة، بالقول "إننا ننتظر ما تحمله الأيام المقبلة".
غير أن عضو الائتلاف الوطني السوري وأمينه السابق محمد يحيى مكتبي، يتوقع فشل المحاولات الروسية، ويشير لـ"العربي الجديد" إلى أنه "منذ بداية المحادثات، كان واضحاً ما أقره دي ميستورا، من أن هناك وفدين فقط، وفد المعارضة ووفد النظام، فيما بقية الشخصيات والكيانات دُعيت بصفة استشارية"، مضيفاً: "نحن لا نتوقع أن يتم تغيير هذا الأمر، لأنه لن يجدي نفعاً، خصوصاً في ظل الهجمة على حلب وحملة المجازر المروعة". ويشير إلى أن "بعضاً من هذه المعارضة هي صناعة روسية بامتياز، والتي تمارس إرهاب الدولة ضد الشعب السوري، وتقف إلى جانب النظام سياسياً وعسكرياً، ولا نعتقد أن هذه الكتل تستطيع أن تصل إلى حل تمارسه على أرض الواقع، وهو إضافة جديدة إلى عبثية هذه المحادثات".
في المقابل، يعرب مكتبي عن خشيته من استمرار المحادثات بلا أي جدية للقول فقط إنها مستمرة، وعدم الوصول إلى نتائج ملموسة، معتبراً أن "النظام لا يبالي، لأنه يدرك إن كان هناك مخرج حقيقي لهذه المحادثات فسيعني ذلك رحيل بشار الأسد".
وكانت المعارضة السورية قد علّقت مشاركتها في المحادثات "احتراماً للدم السوري، بسبب مواصلة النظام، وحلفائه، حصار وقصف البلدات والمدن السورية"، بحسب منسّق الهيئة العليا للمفاوضات رياض حجاب.
وبدا أن المحادثات تحوّلت إلى مجرد محادثات من دون نتائج على الرغم من رفع سقف التوقعات من قبل دي ميستورا، بعدما أكد قبل يومين من بدئها أن "الجولة الثالثة من المحادثات بالغة الأهمية"، مضيفاً أننا "سنركز بشكل خاص على عملية الانتقال السياسي، وعلى مبادئ الحكم (الانتقالي) والدستور". وساهمت سياسة المبعوث الدولي في خلط الأوراق بدلاً من ترتيبها، بعد طرحه فكرة ثلاثة نواب لرئيس النظام السوري بشار الأسد، فيما اعتبرته المعارضة انحيازاً تاماً إلى وفد النظام السوري، وهو ما عقّد المحادثات بعد ذلك، وليس أدّل على ذلك مما نشرته "العربي الجديد"، قبل أربعة أيام، من وثائق سريّة قدمها ستيفان دي ميستورا إلى مجلس الأمن قبل أشهر، تحت مُسمى "التوصية الأولى". وتنص الفقرة 51 من الملحق الرابع للتوصية، بشكل صريح، على بقاء الأسد، وتقول الفقرة: "علاوة على ذلك، فإن وجود المرحلة التحضيرية يسمح ضمنياً باحتمال استمرار الرئيس في ممارسة بعض المهام خلال هذه الفترة، على الرغم من أن المسؤوليات الأساسية، مثل الإشراف على الشؤون العسكرية والأمنية، ستتولاها منذ البداية هيئة الحكم الانتقالي (والتي تكون الحكومة الحالية ممثلة فيها)".
ومع هذه التعقيدات يبرز دور جزائري حول الصراع السوري، إذ تكشف مصادر دبلوماسية جزائرية لـ"العربي الجديد" أن زيارة مساعد وزير الخارجية الجزائري المكلف بالشؤون المغاربية والأفريقية والجامعة العربية عبد القادر مساهل إلى دمشق قبل أيام، جاءت لنقل رسالة سياسية إلى الأسد، تتضمن دعوته إلى التعاطي الإيجابي مع محادثات جنيف وتشجيعه على فتح حوار مباشر مع قوى المعارضة السورية لتجاوز خطط غربية تستهدف تقسيم سورية. وبحسب المصادر، فزيارة مساهل تتعلق بخطوة سياسية محسوبة ومطلوبة من المجتمع الدولي.