يشارف اتفاق وقف إطلاق النار في سورية، على إتمام أسبوعه الثاني، من دون تغيير يُذكر في المشهد الميداني، خلال الأيام الـ11 التي أعقبت سريانه، وهي فترة أكدت بما لا يقبل الشك، أن محور النظام، وإن بدا ملتزماً بإملاءات الضامن الروسي في مختلف جبهات المواجهة مع المعارضة، فإنه استثنى منذ اليوم الأول لدخول الاتفاق حيز التنفيذ، جبهات ريف دمشق، التي يحاول انتزاع أكبر قدر منها، من قبضة المعارضة، قبل أن تبدأ محادثات أستانة المتوقعة خلال أسابيع. وتواصل قوات النظام السوري والمليشيات المساندة لها، هجومها على مناطق سيطرة المعارضة السورية في الغوطة الشرقية، فيما تتصاعد الحملة العسكرية على وادي بردى، والتي كانت بدأت قبل دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ بأيام.
في المقابل، وجهت المعارضة السورية رسائل غير مباشرة، على لسان قادة فصائل في "الجيش السوري الحر"، بأنها قد تصبح في حلٍ من اتفاق وقف إطلاق النار، إذا ما أحدثت عمليات النظام العسكرية الحالية أي تغيير بمناطق النفوذ. هذه الرسائل أتت عبر تغريدات على موقع "تويتر"، لقادة فصائل "الفرقة الساحلية الأولى" و"تجمع فاستقم كما أمرت" و"ألوية صقور الشام" و"لواء شهداء الإسلام" و"جيش إدلب الحر" و"جيش النصر". وجميع مواقف هؤلاء أشارت إلى أن المعارضة المسلحة كانت قد وافقت على الهدنة أساساً بشرط عدم استثناء أي مناطق للمعارضة السورية منها، لكن "استمرار النظام في اقتحام وادي بردى وتقدمه، يعني أن الاتفاق بات تحت أنقاض بيوت وادي بردى المهدمة"، بحسب فصائل المعارضة. وفي هذا الإطار، أكد قائد "جيش النصر" في ريف حماة الشمالي، الرائد محمد المنصور، في تغريدة له على "تويتر"، أن "الجيش السوري الحر" لن يقف صامتاً على مأساة أهالي وادي بردى، والغوطة الشرقية لدمشق، مشيراً إلى أن موافقة المعارضة على اتفاق وقف إطلاق النار "كانت لحقن دماء السوريين"، مضيفاً أنه و"مع استمرار الدماء فلن نبقى صامتين"، بحسب تعبيره. كما هدد قائد "ألوية صقور الشام"، أبو عيسى الشيخ، بـ"إشعال الجبهات"، مشيراً إلى أن التمسك بـ"هدنة كاذبة، خيانة لدماء الشهداء".
وتزامن ذلك مع فشل مفاوضات تجري بين فصائل "الجيش السوري الحر" في وادي بردى من جهة، مع قوات النظام ومليشياته، والتي ينوب بالحديث عنها، الجانب الروسي الذي من المفترض أنه ضامنٌ لها، بحسب الاتفاق الذي وقعته المعارضة السورية في أنقرة يوم التاسع والعشرين من الشهر الماضي.
ويأتي ذلك فيما صدت المعارضة السورية أمس الاثنين، هجوماً جديداً، لقوات النظام السوري والمليشيات في وادي بردى، إذ حاولت الأخيرة التقدم نحو مناطق سيطرة المعارضة في قريتي بسيمة وكفر الزيت، وسط تواصل الغارات الجوية على القريتين، بالإضافة لمناطق أخرى قرب بلدة عين الفيجة، التي تحوي أهم نبع مياه، يروي سكان دمشق.
وحول آخر مستجدات المفاوضات للتهدئة في وادي بردى، أكدت مصادر محلية مطلعة لـ"العربي الجديد"، أن "آخر عرض قدّمه النظام برعاية جنرال روسي للمعارضة والأهالي في منطقة وادي بردى، هو الانسحاب من قرية عين الفيجة وقرية بسّيمة، ليتمّ دخول كتيبة من قوات الحرس الجمهوري التابعة للنظام إلى القريتين وتشكيل محميّة عسكرية حول مؤسسة نبع الفيجة مؤلفة من عدد من الآليات إضافة لـ200 عنصر على الأقل بسلاحهم الكامل، مقابل السماح لمن يود الخروج من المعارضة والأهالي عبر الحافلات الخضراء إلى مدينة إدلب، وتسوية أوضاع من يريد البقاء". لكن المعارضة السورية في وادي بردى، والتي عُرض عليها اتفاق مماثل منذ أيام، رفضت تسليم المناطق التي تسيطر عليها للنظام. وأبدت رفضاً قاطعاً للرضوخ إلى "تسوية" مماثلة لما آلت إليه الأمور السنة الماضية في درايا ومعضمية الشام وغيرها في ريف دمشق.
إلى ذلك، تحدثت مصادر محلية شرقي سورية، عن إنزال جوي نفذته قوات تابعة لـ"التحالف الدولي"، عصر يوم الأحد، على موقع خاضع لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، بالقرب من قرية جزرة بريف دير الزور الغربي، فيما لم يصدر بيان حتى عصر الإثنين، تؤكد فيه قيادة "التحالف" أو تنفي قيامها بهذا الهجوم. لكن المصادر التي نقلت الخبر، قالت إن أربع طائرات مروحية أنزلت مجموعة من العناصر في منطقة تقع بين قرية الكبر وبلدة الجزرة بريف دير الزور الغربي، وقامت بقتل واعتقال عدد من الأشخاص، يعتقد أنهم من قيادات "داعش"، مشيرة إلى أن القوات المهاجمة، انسحبت عبر المروحيات، بعد تنفيذ الهجوم.
بدوره، أكّد الناشط الإعلامي، عامر هويدي، لـ"العربي الجديد"، أن الهجوم وقع فعلاً، لافتاً إلى أن الإنزال حدث في وضح النهار، "والمدنيّون أكدوا أنّ القوات أبعدتهم عن المنطقة، كما أكدت المراصد في المنطقة وقوع العمليّة"، وفق قوله. ولفت الناشط الذي ينحدر من دير الزور، إلى أن "العملية تمت بالتنسيق مع عناصر تعمل لصالح التحالف الدولي داخل داعش، وكان لها الدور الكبير في تسهيلها، ويتم سحب العملاء مع المعتقلين كي لا يتم الكشف عن هوياتهم"، على حد تأكيده.