وسيكون المقترح الروسي محور اجتماعات "أستانة 4"، التي بدأت أعمالها الرسمية، اليوم الأربعاء، بالعاصمة الكازاخستانية، وسط حضورٍ دولي، يُعتبر الأوسع من نوعه منذ انطلاق هذا المسار، فيما تحدثت مصادر إعلامية ظهر اليوم، أن وفد المعارضة انسحب من الاجتماعات، بسبب استمرار القصف الروسي لمناطق سيطرة المعارضة.
وتأتي هذه الاجتماعات التي من المقرر أن تُختتم غداً الخميس، في ظروفٍ مختلفةٍ عن النسخ السابقة، لكونها الأولى بعد الضربة الأميركية للنظام السوري في مطار الشعيرات العسكري في السابع من أبريل/نيسان الماضي، على خلفية مقتل عشرات المدنيين، بقصف النظام لمدينة خان شيخون جنوبي إدلب بغازات سامة، كما تتزامن اليوم مع قمة روسية تركية في مدينة سوتشي؛ إذ تحضر القضية السورية بقوة في اللقاء الذي يجمع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بنظيره الروسي فلاديمير بوتين.
كما أن "أستانة 4" اليوم، تأتي بعد يومٍ واحد من اتصال هاتفي هو الأول من نوعه منذ الضربة الأميركية في سورية، بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، والذي قالت مصادر بإدارة ترامب، إن بوتين أراد من خلاله طرح أفكارٍ تتعلق بالوضع في سورية، فيما ذكر بيان البيت الأبيض أن "المحادثة كانت جيدة للغاية، وشملت نقاشا بشأن مناطق آمنة، لتحقيق سلام دائم لأغراض إنسانية، والكثير من الاعتبارات الأخرى".
ويطغى مقترح روسيا بإنشاء 4 مناطق لـ"تخفيف التصعيد" في سورية، عما سواه من ملفات البحث في "أستانة 4"، بحضور الدول الثلاث الضامنة وهي روسيا وتركيا وإيران، وكذلك المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، والقائم بأعمال مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ستوارت جونز، ووفدٍ أردني.
ويستشف من تعاطي وسائل إعلام دمشق الرسمية وشبه الرسمية، مع المقترح الروسي الذي قفز إلى واجهة الاهتمام، أن النظام السوري اختار حتى الآن التعامل مع هذا المقترح بحذرٍ شديد، سيما أنه لم يصدر عن مسؤوليه حتى الآن، أي تصريح رسمي يُعطي دلالاتٍ حول موقف النظام الأولي من إنشاء المناطق المقترحة.
وفي نفس الاتجاه، ذهب مسؤولو المعارضة السورية، إذ توخوا الحذر حيال هذا المقترح المفاجئ، ولو أن بعضهم أبدى تحفظات عدة، تتعلق بشكل خاص في نقص التفاصيل المُحددة لخرائط المناطق المقترحة، وقوات الدول المُحايدة التي من المفترض حسب المقترح، أن تتولى الإشراف على مناطق "تخفيف التصعيد" الأربع في مناطق إدلب وريف حمص الشمالي وغوطة دمشق الشرقية وجنوبي سورية.
مصادر حاضرة في اجتماعات أستانة اليوم، قالت إن أفكاراً أولية سيجري بحثها، حول هوية القوات المحايدة التي تتحدث عنها الورقة الروسية، وهي دول من مجموعة "بريكس" (تضم إلى جانب روسيا كلاً من الصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا)، ودول من "منظمة معاهدة الأمن الجماعي" (وتضم إلى جانب روسيا كلاً من روسيا البيضاء وكازاخستان وطاجيكستان وأوزبكستان وقرغيزستان وأرمينيا)، وكذلك مصر والجزائر والإمارات العربية المتحدة.
وتتابين الرؤى والتحليلات حول المقترح الروسي، إذ يرى فيه البعض مقدمة لتقسيمٍ في سورية، سيما أن كلاً من إدلب وجنوب سورية يعتبران مناطق حدودية، تتصل الأولى جغرافياً بتركيا، والثانية بالمملكة الأردنية.
فيما يرى فريق آخر، أن فكرة التقسيم غير ممكنة جغرافياً في منطقتين من المناطق الأربع التي حددتها الورقة الروسية، فالغوطة الشرقية لدمشق، وريف حمص الشمالي، هي مناطق تحت سيطرة المعارضة السورية، لكنها معزولة عن محيطها، كونها محاصرة بمناطق سيطرة النظام، ولا تتصل جغرافياً بحدود مع دول الجوار.