وجّه رئيس الهيئة العليا للمفاوضات السورية، رياض حجاب، نقداً قاسياً للمعارضة السورية، بمختلف شرائحها السياسية والعسكرية، واصفاً أحوالها بأنها "مزرية"، ودعاها إلى "الوحدة، والتضامن والكف عن التنافس والتخوين، والإساءة لبعضها بعضاً، والإيمان بأن الثورة السورية ستنتصر".
كلام حجاب جاء في ندوة له، أقامها منتدى بردى التابع لمركز حرمون للدراسات المعاصرة، في الدوحة، مساء السبت، وقال فيها إن "الثورة السورية تمر بمنعطف خطير، وإن الواقع تغير كثيراً، والساحة السورية باتت تشهد صراعاً متعدّد الأطراف، ليس بين الشعب السوري ونظام بشار الأسد فحسب، بل أيضاً اشتباكاً بين دول الإقليم والدول الكبرى".
ووصف حال المعارضة السورية بأنه "مشتت، لأنها لم تستطع أن تقدم نفسها بشكل صحيح في ما مضى"، مضيفاً أنه "حان وقت المتغيرات الكثيرة، وأهمها الإدارة الأميركية الجديدة التي تقدم نفسها بشكل مختلف عن الإدارة السابقة التي كانت متردّدة، بل ومتعمدة في عدم تقديم شيء للقضية السورية، من أجل الحصول على الاتفاق النووي مع إيران، وحصول الشركات الأميركية وشركات الدول المختلفة على امتيازات الأموال الإيرانية المجمدة في البنوك الغربية، والتي تتجاوز 150 مليار دولار، بالإضافة إلى المشاريع التي تتسابق الشركات الأجنبية للحصول عليها في إيران".
وأعرب حجاب عن خشيته من أن "يحدث في الرقة وغيرها ما حدث في منبج"، مطالباً المعارضة، أن "تحسّن وضعها، وتكون مؤهلة لملء الفراغ". ولفت إلى أنه "في حال سيطرة المعارضة على هذه المناطق، سيتم وقف التمدد الشيعي، ولا يحصل مع السوريين ما حصل مع العراقيين في غرب العراق الذين اختفوا كلياً ولم يعد لهم دور، وملأت الفراغ في مناطقهم قوات البشمركة الكردية والحشد الشيعي". ونوّه إلى أن "المفاوضات السياسية هي انعكاس لما يحصل على الأرض، فإذا كنت قوياً على الأرض أنت قوي على طاولة التفاوض".
وانتقد حجاب مبدأ المحاصصة بين الفصائل السياسية والعسكرية السورية، حتى في تشكيل وفد التفاوض، ووصف ذلك أنه "خطأ فادح، ذلك أنه يجب تشكيل الوفد من الكفاءات، ومن التكنوقراط والخبراء، إذ لا يوجد من أعضاء الوفد المفاوض حالياً سوى قانوني واحد". وهاجم ما توصف، أنها "منصات المعارضة السورية"، معتبراً أنها "منصات دول، وليست للمعارضة، ومنها منصة القاهرة المؤلفة من ثمانية أشخاص، ومصر لا يمكن أن تتخلى عن هذه المنصة، لأنها تمارس دورها السياسي والدبلوماسي من خلال هؤلاء الأشخاص. وهو ما ينطبق على منصة موسكو والمنصّات الأخرى، وجاءت مشاركتها في المفاوضات بضغط روسي ورضى أميركي من الإدارة السابقة، بغرض تمييع الحل السياسي، أو التوصل إلى حلّ وفقاً لما تمّ الاتفاق عليه بين موسكو وواشنطن في السابق".
واعتبر أن "الهيئة العليا للمفاوضات تسعى إلى توحيد جهود المعارضة العسكرية التي تتألف من 106 فصائل، و1700 منظمة مجتمع مدني، لكن عوامل كثيرة تحول دون تحقيق ذلك، منها اختلاف الأجندات بسبب الدول الداعمة، ومنها حب الزعامة لدى بعضهم"، غير أن حجاب قال، إن "هذا الحال لا يدفع إلى اليأس، ونأمل بحراك شعبي كبير يدفع باتجاه عقد مؤتمر توحيدي للمعارضة السورية، بصيغة ممكنة يتفق عليها الجميع".
وأفاد، أن "رؤية الهيئة العليا للمفاوضات للحل في سورية التي أُطلقت في سبتمبر/ أيلول 2016 في لندن، بحضور دولي كبير، استندت إلى بيان جنيف 1 عام 2012، وقراري مجلس الأمن الدولي 2118 و2254". وأوضح أن "الهيئة تدفع في اتجاه أنه لا يمكن أن يتحقق حلّ سياسي، بوجود بشار الأسد وزمرته التي قتلت الشعب السوري". ونفى حجاب، وجود "عملية سياسية"، على الإطلاق، منذ انطلقت عام 2012، و"لا يوجد تقدم ولا يوجد اتفاق على الأجندة، فالنظام يرفض الانتقال السياسي والحديث عن هذا الانتقال، وما لم يكن هناك إرادة حازمة من المجتمع الدولي فلا يمكن أن تتقدم هذه العملية".