وقال الموقع "إن صورة لودريان إلى جانب السيسي، الخميس الماضي في القاهرة، هي رمز لصلة الوصل بين ولايتين رئاسيتين تعكس استمرارية السياسة الفرنسية الداعمة للنظام المصري، والتي بدأها الرئيس السابق فرانسوا هولاند، ويعتزم الرئيس الجديد ماكرون الاستمرار فيها".
وحلّ لودريان بالقاهرة الخميس الماضي، في زيارة برمجها الوزير الفرنسي غداة تعيينه وزيراً للخارجية في الحكومة الفرنسية الجديدة، وهي تاسع زيارة له إلى مصر منذ خمس سنوات.
ولودريان، والذي شغل منصب وزير الدفاع الفرنسي خلال ولاية هولاند الرئاسية السابقة، يعتبر مهندس التقارب الفرنسي المصري، والذي دشنه بزيارته الأولى إلى القاهرة عام 2012.
ويتمتّع لودريان بعلاقة خاصة مع السيسي، وهو الذي أقنعه بالتوقيع على عقود تسليح بلغت قيمتها الإجمالية ستة مليارات يورو، كما أقنعهأيضاً بالتوقيع على صفقة ضخمة لشراء 24 طائرة مقاتلة من طراز رافال، لتكون مصر أول بلد يشتري هذه المقاتلات التي فشل الرئيس السابق، نيكولا ساركوزي، في تسويقها خلال ولايته الرئاسية.
كذلك كان لودريان وراء تسليم حاملتي مروحيات حربية من نوع ميسترال إلى مصر بعد إلغاء عقد بيعهما إلى روسيا، بسبب الأزمة الأوكرانية، وإثر اتفاق خاص مع السعودية التي تكفلت بدفع ثمن الصفقة الذي بلغ 950 مليون يورو.
ودأب لودريان خلال زياراته المتكررة إلى القاهرة على امتداح السيسي ونظامه العسكري، وصرّح مؤخراً بأن "الجيش المصري عامل استقرار في المنطقة لا يمكن تجاهله"، مؤكداً على أن مصر "شريك استراتيجي لفرنسا".
وفي المقابل، يتعامل السيسي مع لودريان كسفير استثنائي لمصالح نظامه لدى السلطات الفرنسية في عهد هولاند، كما في عهد ماكرون حالياً. وكان السيسي قد منح لودريان، في 28 فبراير/شباط الماضي، "وسام الجمهورية من الطبقة الأولى تقديراً لجهوده ومساهماته في تحقيق طفرة غير مسبوقة في التعاون العسكري بين البلدين"، حسب ما جاء في بيان الرئاسة المصرية، والذي شدد على أن "التعاون بين البلدين وصل إلى مستوى شراكة استراتيجية على كافة الأصعدة، لا سيما في المجال العسكري".
وكان الهدف الرئيس من زيارة لودريان إلى القاهرة هو الملف الليبي، والذي يضعه الوزير الفرنسي على رأس قائمة الأولويات الفرنسية في المنطقة، خاصة أن السيسي كان قد أمر بغارات جوية على الشرق الليبي ضد معاقل تنظيمات إسلامية ليبية تتهم من قبل القاهرة بالتورط في اعتداء المنيا الأخير ضد الأقباط، وهي الغارات التي شاركت فيها مقاتلات رافال الفرنسية.
غير أن الأزمة الخليجية ألقت بظلالها على هذه الزيارة، حتى وإن لم يصدر في ختامها أي تصريحات للوزير الفرنسي بشأنها، لكون باريس ترغب في انفراج سريع للأزمة الخليجية، حفاظاً على مصالحها مع كل الدول المعنية بهذه الأزمة.
والواقع أن إصرار ماكرون على الاحتفاظ بوزير الدفاع السابق في ولايته الرئاسية، وتعيينه وزيراً للخارجية، كان بمثابة "هدية من السماء لنظام السيسي"، بحسب الموقع الفرنسي، "نظراً للعلاقة الخاصة بين السيسي ولودريان".
ولم يسفر انتخاب ماكرون رئيساً عن أي تحول، ولو طفيف، في العلاقة بين باريس والقاهرة، بل إنها مرشحه للمزيد من التعزيز.
وغداة فوزه، أجرى ماكرون اتصالاً هاتفياً مع السيسي، شدد خلاله الرئيسان، حسب بيان للرئاسية الفرنسية، على "اتفاقهما على ضرورة تجديد وتعزيز التعاون بين البلدين لمحاربة الإرهاب".
وفور تعيينه وزيراً للخارجية، أجرى لودريان اتصالاً هاتفياً مع نظيره المصري، سامح شكري، واختار مصر ثاني وجهة خارجية يزورها بعد تونس السبت الماضي.
يذكر أن فرنسا استبقت زيارة لودريان إلى القاهرة الخميس الماضي، وبعثت وزيرة الدفاع الحالية سيلفي غولار، الإثنين 5 يونيو/ حزيران، إلى القاهرة، حيث استقبلها السيسي شخصياً بعد ساعات قليلة من إعلان السعودية والإمارات والبحرين ومصر قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر.
ولم يتطرق لودريان، خلال زيارته، إلى موضوع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والإجهاز على الحريات في مصر، على الرغم من أن الخارجية الفرنسية عادة ما تهتم بهذه الملفات، بخلاف وزارة الدفاع.
والتزم لودريان بصمت مطبق إزاء إصدار السيسي مؤخراً قانون تنظيم الجمعيات الأهلية، والذي يحكم عملياً بالموت على منظمات المجتمع المدني، بما فيها التي تنشط في المجال الاجتماعي والخيري، وقيام السلطات بحملة اعتقالات شملت 36 شخصاً في 26 مدينة تم اعتقالهم بتهم تراوح بين "الإرهاب" أو "توجيه شتائم للرئيس".