وينقل مصدر في "الجبهة الجنوبية"، لـ"العربي الجديد"، مخاوفه من أن يؤدي تواصل القصف الروسي العنيف للجنوب السوري إلى أحد خيارين لا ثالث لهما: انهيار البنية التنظيمية للمعارضة المسلحة تمهيداً لدخول قوات النظام السوري لاستعادة السيطرة على كامل الجنوب، أو إضعاف المقاتلين بما يمكّن "داعش" من بسط نفوذه على المنطقة وتحويلها إلى معقل لـ"الإرهاب". وبحسب المصدر ذاته، فإن القصف الروسي يجعل العديد من المقاتلين أمام خيار الاندفاع باتجاه الحدود الأردنية، لكن قرارهم القتال حتى النفس الأخير، واصفاً الاستسلام بـ"الانتحار".
وأعلن الأردن مراراً أنه لن يسمح بدخول المسلحين إلى أراضيه. ويقول المتحدث باسم الحكومة الأردنية، محمد المومني، لـ"العربي الجديد"، رداً على سؤال حول التطورات الأخيرة في الجبهة الجنوبية، "من يقترب من حدودنا سيُقتل قبل أن يدنّسها". وكرّر تمنيات بلاده بـ"إنهاء الاقتتال في سورية عبر تكثيف جميع الجهود لمواجهة تداعيات الحرب السورية".
وتشير التقديرات العسكرية إلى وجود ما بين 50 إلى 70 ألفاً من المقاتلين في درعا، تشكل "الجبهة الجنوبية" (الجيش السوري الحرّ) قرابة 40 ألفاً منهم، فيما تمثل "جبهة النصرة" القوة الثانية على الأرض بنحو 7 آلاف مقاتل، وسط غياب شبه كامل لتنظيم "داعش" باستثناء لواء "شهداء اليرموك" الذي بايع "داعش".
اقرأ أيضاً: "المكون السوري"..مصطلح يثير مخاوف أردنيين من عودة "الوطن البديل"
ويؤكد الخبير العسكري الأردني، اللواء المتقاعد مأمون أبو نوار، أن العمليات العسكرية التي تقوم بها قوات النظام والطيران الروسي في الجنوب السوري تمثل معركة شاملة ترمي إلى استعادة السيطرة على المنطقة، قائلاً "القصف الروسي المجنون يهدف إلى تقطيع خطوط إمداد المعارضة المسلحة وأوصالها". ويعتبر أبو نوار، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ السلطات الأردنية "لن تسمح بفتح حدودها أمام المقاتلين الذين سيجدون أنفسهم مضطرين للانسحاب في ظل استمرار العمليات العسكرية والقصف الروسي على الوتيرة الحالية التي ستتصاعد في الأيام المقبلة"، مضيفاً "أقصى ما يمكن للأردن فعله، تأمين منطقة آمنة على الحدود، وهذا يحتاج إلى جهد دولي".
وفي الوقت الذي يضع فيه سير العمليات العسكرية تساؤلات حول حقيقة وجود تنسيق عسكري أردني ـ روسي، يشير أبو نوار إلى أهمية ذلك التنسيق الذي أعلن عنه في أكتوبر/ تشرين الأوّل 2015، قائلاً "يبقى تنسيق قنوات الاتصال قائماً مع أحد أهم اللاعبين العسكريين على الساحة الأردنية".
من جانبه، يوضح مصدر أردني رفيع المستوى أنّ التنسيق العسكري بين روسيا والأردن لا يزال قائماً، وآلياته موجودة، والمطلوب من الجانب الأردني التهدئة على مستوى التصريحات".
لكن الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية محمد أبو رمان، يصف التنسيق العسكري الأردني - الروسي باتفاق الـ"جنتل مان" بين الملك الأردني عبد الله الثاني والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ويؤكد أنّ "على الأرض يغيب التنسيق". ويرى أبو رمان أن بلاده خسرت جراء قرارها وقف التنسيق مع "الجبهة الجنوبية" وإغلاق غرفة عمليات "الموك"، الأمر الذي قطع خطوط إمداد "الجبهة الجنوبية"، وهو القرار الذي أدى، برأيه، إلى انتقال الأردن من لاعب مؤثر إلى مراقب منتظر.
ويعتبر أنّ "الحسنة الأكبر التي أوجدها التنسيق مع الجبهة الجنوبية، تمثلت بإبقاء الجنوب السوري المحاذي للحدود الشمالية للمملكة عصياً على داعش"، وهو الواقع الذي يتوقع أبو رمان انتفاءه في حال استطاع الطيران الروسي تدمير "الجبهة الجنوبية". ويقول "لن يكون أمام المقاتلين، حينها، سوى الانضمام إلى داعش الذي سيوفر لهم المال والسلاح، بكل ما يشكل هذا التنظيم من خطر على الأردن وبما لديه من مخططات لاستهداف المملكة".
وفي الوقت الذي يعبّر الأردن الرسمي "همساً" عن مخاوفه من وجود مقاتلي حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني على مقربة من حدوده بعدما شاركوا في معارك استعادة مدينة الشيخ مسكين في ريف درعا الشمالي، يرفع صوته من هواجس أي اقتراب لـ"داعش" من حدوده. هذا الخوف بلغ حد إغلاق عمّان الحدود أمام آلاف اللاجئين السوريين الذين قدموا من مناطق خاضعة لسيطرة التنظيم تحسباً من أن يكون بينهم عناصر من التنظيم أو متعاطفين معه.
اقرأ أيضاً: الاستراتيجية الروسية في سورية: التفاوض في الميدان