لا تزال محافظة إدلب عصية على فيروس كورونا المستجد، الذي لم يتمكن حتى اللحظة من الفتك بأي من أبنائها، مع عدم تسجيل أي حالة ضمن المحافظة، التي تجمع معظم الهيئات الصحية في العالم، وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية، على أن العدوى بالفيروس فيما لو انتقلت إلى إدلب فستكون نتائجها كارثية على سكان المحافظة، وستكون احتمالات السيطرة على الفيروس شبه مستحيلة.
ففي حال انتقلت العدوى إلى إدلب من المتوقع أن تكون سرعة انتشار الفيروس فيها أضعاف سرعة انتشاره في المناطق الأخرى من العالم، بسبب تجمع كتلة بشرية هائلة، تُقدر بأكثر من 3 ملايين شخص، ضمن بقعة جغرافية ضيقة، وفي ظروف معيشية تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات الحياة البشرية. فقسم من السكان يعيشون في ما تبقى من مدن وبلدات في المحافظة بعد تدمير الطائرات الروسية القسم الأكبر من بيوتها، وبناها التحتية، فيما يعيش القسم الآخر في مخيمات لا تقي برداً ولا حراً. كل هذا عدا عن استحالة توقيف الأعمال بهدف الحجر، الذي تتحمل الحكومات في الدول الأخرى الجزء الأكبر من تكاليفه، الأمر الذي يجعل من موضوع فرض حجر صحي ضمن المحافظة شبه مستحيل.
إلا أن الكارثة الكبرى تكمن في حال انتقال العدوى وتسجيل إصابات في المحافظة، التي دمر الروس والنظام معظم منظومتها الصحية، أنه لا توجد قدرة على عزل المرضى ولا تأمين وسائل الوقاية، ولا وسائل التشخيص، ولا حتى وسائل النظافة العامة، الأمر الذي يجعل موضوع عزل المرضى وعدم انتقال العدوى أمراً صعباً، خصوصاً أن المواد الأساسية والضرورية للحياة، مثل مياه الشرب، غير خاضعة للرقابة. طبعاً كل هذا في ظل عدم وجود كادر طبي كافٍ وقادر على التعامل مع هذا الفيروس. فعلى الرغم من الدعم الذي قدمته منظمة الصحة العالمية وبعض المنظمات الصحية، وبعض الفرق التي قامت بمبادرات لتأمين بعض الاحتياجات الأساسية للسكان من معقمات ومواد نظافة عامة، إلا أن كل ما تم تقديمه لا يستطيع تلبية احتياجات سكان المحافظة.
كما أن المشكلة الأساسية في إدلب هي عدم استجابة سكان المحافظة لأي من حملات التوعية ضد الفيروس، وعدم أخذ كورونا على محمل الجد، إذ لا يزال سكان المحافظة يتعاطون مع موضوع المرض بسخرية، معتبرين أن ما مرّ عليهم هو اسوأ من كورونا، الأمر الذي يصعب مهمة القائمين على التوعية والوقاية. ليس من باب التهويل، ولكن هناك خطراً جدياً من كورونا في حال انتقل إلى محافظة إدلب، فيما أولى خطوات الوقاية منه تبدأ بإقناع السكان بجدية الوضع وضرورة التعامل معه بمسؤولية أكبر من الجميع.