جاء رحيل الرئيس الإيراني الأسبق، علي أكبر هاشمي رفسنجاني، في وقت تمر فيه العلاقات السعودية-الإيرانية بأسوأ مراحلها خلال العقود الثلاثة الماضية، وسط توقعات بمزيد من التوتر، لأن الراحل كان أبرز شخصية إيرانية فاعلة مقبولة بالنسبة للرياض، نظراً لتاريخه في تحسين العلاقات مع المملكة، هو الذي يقال إن علاقة مصاهرة تربطه بالسعودية.
يؤكد الكاتب والمحلل السياسي السعودي، عبدالله الشمري، أن رحيل رفسنجاني يطوي صفحة هامة من تاريخ العلاقات السعودية-الإيرانية، وكانت مرحلة رفسنجاني أهم معالمها. يقول الشمري، في حديث لـ"العربي الجديد": "كان لشخصية رفسنجاني السياسية والعائلية بالغ الأثر على مسار العلاقات الثنائية بين الرياض وطهران، وربطت الرئيس الراحل وعائلته علاقات سياسية وشخصية مع الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، إذ كان ضيفاً عليه في يونيو/حزيران 2008 بصفته رئيس هيئة تشخيص مصلحة النظام ورئيس مجلس الخبراء في الجمهورية الإسلامية الإيرانية"، مضيفاً: "بُذلت آنذاك جهود للحوار السعودي-الإيراني والسنّي-الشيعي، وتلا ذلك اختيار الملك عبدالله وزير الثقافة في عهد الرئيس محمد خاتمي وأحد المقربين من رفسنجاني، الدكتور سيد عطاء الله مهاجراني، كعضو مجلس في إدارة مركز الملك عبدالله للحوار بين الأديان والثقافات".
ويشير الشمري إلى أنه "بعد وفاة رفسنجاني تم توجيه برقيات عزاء من قادة دول مجلس التعاون، وهم ملوك وأمراء البحرين والكويت وقطر والإمارات وسلطان عُمان، وعبّروا عن تقديرهم لقائد النهج العملي والساعي إلى التقارب الإيراني الخليجي، باستثناء السعودية التي لزمت الصمت وفي الوقت نفسه لم تعلّق على برقيات التعزية لدول الخليج".
ويعتبر الشمري أن رفسنجاني كان من الداعمين لضرورة استمرارية العلاقات الخليجية-الإيرانية بغض النظر عن الخلافات الثابتة أو الطارئة، وكانت له جهود خاصة في التدخّل لحل أكثر من أزمة بين الرياض وطهران، مضيفاً: "شخصياً كنت أتمنى توجيه رسالة عزاء سعودية خاصة لعائلته، خصوصاً أن ابنه مهدي وابنته فائزة تربطهما علاقة خاصة سابقة بالأسرة السعودية الحاكمة، ولو حصل ذلك فكان ليعني بعث رسالة سعودية للمتشددين في طهران مفادها أن الرياض تُقدّر أصدقاءها القدامى وفي ذلك رسالة للأصدقاء وغير الأصدقاء".
اقــرأ أيضاً
في الاتجاه ذاته، يرى أستاذ السياسة في جامعة الدمام السعودية، عبدالله الجبر، أن "رحيل رفسنجاني يعني أن إيران فقدت صوت الاعتدال الأكبر فيها، وباتت تحت سيطرة المتشددين، الذين لا يتورعون عن المواجهة المباشرة، والتدخّل في الشؤون الداخلية لجيرانهم"، متخوفاً من أن يؤدي ذلك إلى مواجهات مباشرة مع طهران مستقبلاً.
ويقول الجبر، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "رفسنجاني كان أبرز الشخصيات السياسية بعد (مؤسس الجمهورية الإسلامية روح الله) الخميني و(المرشد الإيراني الأعلى علي) خامنئي في النظام الإيراني، كما كان له دور بارز في كتابة الدستور الإيراني، وظل لسنوات طويلة الرجل الثاني في البلاد". ويضيف: "أكثر ما يميز رفسنجاني هو نظرة العقل والاعتدال، على الرغم من أنه كان في البداية ميالاً لتصدير الثورة الإيرانية إلى دول الخليج، ولكنه بعد أن كبر في السن بدا أكثر تعقلاً من الآخرين، خصوصاً في العلاقات بين طهران والرياض، والتي كان يصر على أن تكون جيدة".
ويعتبر أن "رحيل رفسنجاني سيكون بلا شك بداية صفحة جديدة في السياسة الإيرانية، فهو رجل قام بدور فاعل فيها خلال العقود الأربعة الماضية، والقلق من أن تنزع إيران أكثر نحو التشدد داخلياً وخارجياً، فتيار الإصلاحيين بات اليوم أضعف من أن يقف أمام المحافظين".
ويشدد الجبر على أن "أهم مراحل حياة رفسنجاني السياسية هي مرحلته الأخيرة، والتي كان ينتقد خلالها نظام ولاية الفقيه علناً، ومن حينها مارست دوائر خامنئي حرباً باردة ضد رفسنجاني ومقربيه، وكان أبرز تلك الملفات ملاحقة أبنائه وزجّهم في السجن بتهمة الفساد الاقتصادي، ولكن على الرغم من ذلك ظل يقوم بدور المهدئ للخلافات الحادة التي كانت تقع بين دوائر صنع القرار في إيران". يضيف الجبر: "بلغت تلك المرحلة الذروة عندما تحوّل رفسنجاني إلى رمز لدى الإصلاحيين بعد رفض أهليته للترشح في الانتخابات الرئاسية عام 2009، كما كان لرفض رفسنجاني الفضل في موافقة مجلس صيانة الدستور على ترشح (الرئيس الحالي حسن) روحاني، وخلال تلك الفترة كان يقوم بدور المصلح بين الإصلاحيين والمحافظين، ودور الوسيط بين روحاني الرجل الذي فاز بالرئاسة بفضل دعمه له، وبين محمد خاتمي زعيم التيار الإصلاحي".
أما عمن سيخلف رفسنجاني في رئاسة مصلحة تشخيص النظام في إيران، في ظل بروز أسماء عديدة لهذا المنصب، فيتوقع الجبر أن من سيخلف رفسنجاني في منصبه لن يستطيع أن يؤدي الأدوار التي كان يقوم بها رفسنجاني خارجياً، "وهذا يعني أن الصراع بين الرياض وطهران سيكون من دون صمام أمان"، وفق قوله.
اقــرأ أيضاً
يؤكد الكاتب والمحلل السياسي السعودي، عبدالله الشمري، أن رحيل رفسنجاني يطوي صفحة هامة من تاريخ العلاقات السعودية-الإيرانية، وكانت مرحلة رفسنجاني أهم معالمها. يقول الشمري، في حديث لـ"العربي الجديد": "كان لشخصية رفسنجاني السياسية والعائلية بالغ الأثر على مسار العلاقات الثنائية بين الرياض وطهران، وربطت الرئيس الراحل وعائلته علاقات سياسية وشخصية مع الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، إذ كان ضيفاً عليه في يونيو/حزيران 2008 بصفته رئيس هيئة تشخيص مصلحة النظام ورئيس مجلس الخبراء في الجمهورية الإسلامية الإيرانية"، مضيفاً: "بُذلت آنذاك جهود للحوار السعودي-الإيراني والسنّي-الشيعي، وتلا ذلك اختيار الملك عبدالله وزير الثقافة في عهد الرئيس محمد خاتمي وأحد المقربين من رفسنجاني، الدكتور سيد عطاء الله مهاجراني، كعضو مجلس في إدارة مركز الملك عبدالله للحوار بين الأديان والثقافات".
ويعتبر الشمري أن رفسنجاني كان من الداعمين لضرورة استمرارية العلاقات الخليجية-الإيرانية بغض النظر عن الخلافات الثابتة أو الطارئة، وكانت له جهود خاصة في التدخّل لحل أكثر من أزمة بين الرياض وطهران، مضيفاً: "شخصياً كنت أتمنى توجيه رسالة عزاء سعودية خاصة لعائلته، خصوصاً أن ابنه مهدي وابنته فائزة تربطهما علاقة خاصة سابقة بالأسرة السعودية الحاكمة، ولو حصل ذلك فكان ليعني بعث رسالة سعودية للمتشددين في طهران مفادها أن الرياض تُقدّر أصدقاءها القدامى وفي ذلك رسالة للأصدقاء وغير الأصدقاء".
في الاتجاه ذاته، يرى أستاذ السياسة في جامعة الدمام السعودية، عبدالله الجبر، أن "رحيل رفسنجاني يعني أن إيران فقدت صوت الاعتدال الأكبر فيها، وباتت تحت سيطرة المتشددين، الذين لا يتورعون عن المواجهة المباشرة، والتدخّل في الشؤون الداخلية لجيرانهم"، متخوفاً من أن يؤدي ذلك إلى مواجهات مباشرة مع طهران مستقبلاً.
ويقول الجبر، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "رفسنجاني كان أبرز الشخصيات السياسية بعد (مؤسس الجمهورية الإسلامية روح الله) الخميني و(المرشد الإيراني الأعلى علي) خامنئي في النظام الإيراني، كما كان له دور بارز في كتابة الدستور الإيراني، وظل لسنوات طويلة الرجل الثاني في البلاد". ويضيف: "أكثر ما يميز رفسنجاني هو نظرة العقل والاعتدال، على الرغم من أنه كان في البداية ميالاً لتصدير الثورة الإيرانية إلى دول الخليج، ولكنه بعد أن كبر في السن بدا أكثر تعقلاً من الآخرين، خصوصاً في العلاقات بين طهران والرياض، والتي كان يصر على أن تكون جيدة".
ويعتبر أن "رحيل رفسنجاني سيكون بلا شك بداية صفحة جديدة في السياسة الإيرانية، فهو رجل قام بدور فاعل فيها خلال العقود الأربعة الماضية، والقلق من أن تنزع إيران أكثر نحو التشدد داخلياً وخارجياً، فتيار الإصلاحيين بات اليوم أضعف من أن يقف أمام المحافظين".
أما عمن سيخلف رفسنجاني في رئاسة مصلحة تشخيص النظام في إيران، في ظل بروز أسماء عديدة لهذا المنصب، فيتوقع الجبر أن من سيخلف رفسنجاني في منصبه لن يستطيع أن يؤدي الأدوار التي كان يقوم بها رفسنجاني خارجياً، "وهذا يعني أن الصراع بين الرياض وطهران سيكون من دون صمام أمان"، وفق قوله.