كشفت مصادر في حزب الحركة الوطنية، الذي أسسه المرشح الرئاسي السابق في 2012، أحمد شفيق، كواليس إعلان الأخير اعتزال الحياة السياسية نهائياً، واكتفاءه بمتابعة شؤون أسرته، قائلة إن "ذلك القرار جاء بعد طلب شفيق السماح له بحرية الحركة والسفر، ليتمكن من زيارة بناته في الإمارات، قبل أن يقابَل ذلك القرار بالرفض من جانب جهات عليا في الدولة".
وقرر شفيق، مؤسس حزب الحركة الوطنية، اعتزال العمل السياسي والابتعاد عن ممارسته نهائياً، مشيراً إلى أنه سيكتفي بالتفرغ لرعاية شؤون أسرته. وأصدر الحزب بياناً مساء أول من أمس، بشأن تداول بعض الأنباء على مواقع التواصل الاجتماعي، تفيد بعودة شفيق إلى الحياة السياسية مجدداً. ونفى الحزب تلك الأنباء جملة وتفصيلًا، مشيراً إلى أنها مجرد شائعات. وأوضح الحزب، في بيانه، أن تلك الأنباء المتداولة غير صحيحة، وتستهدف إثارة الجدل لاقتراب موعد انعقاد المؤتمر العام لحزب الحركة الوطنية المصرية، المقرر عقده في أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
وقالت المصادر إن جلسة جمعت شفيق مع القائم بأعمال رئيس الحزب، اللواء رؤوف السيد، وقيادي كبير في أحد الأجهزة، قبل مشاركة وفد من الحزب في مؤتمر شباب الأحزاب المنعقد في مدينة شرم الشيخ حالياً، بمشاركة عدد من الأحزاب السياسية. وأضافت المصادر أنه تم الاتفاق خلال الاجتماع على السماح بمشاركة قيادات الحزب في المؤتمر، والسماح لهم بعقد المؤتمر العام للحزب، شرط أن يعلن شفيق بشكل نهائي مقاطعة السياسة وانسحابه من الحياة السياسية بشكل تام، على أن يتم السماح لاحقاً لبناته بحرية حركة السفر. وأكدت المصادر أن الاجتماع الذي أسفر عن ذلك القرار لم يكن يهدف فقط لتأكيد اعتزال شفيق السياسة، بقدر ما كان يهدف إلى إعلانه رفع الراية البيضاء، وتطليق الطموح في أي مناصب سياسية في مصر.
وكان رئيس الوزراء المصري الأسبق قد أعلن تراجعه رسمياً عن قرار خوض الانتخابات الرئاسية الماضية، بعد عودته من الإمارات التي كان يقيم فيها عقب خروجه هارباً من مصر في أعقاب خسارته جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية عام 2012 أمام الرئيس المعزول، محمد مرسي. وكان شفيق قد أعلن نيته خوض الانتخابات في تسجيل مصوَّر من الإمارات في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، وقال فيه إن البلاد تحتاج إلى "تجديد الدماء" لمواجهة "الكثير من المشكلات التي شملت جميع نواحي الحياة". وبعدما أثار حفيظة أبوظبي، بإعلانه في التسجيل الذي بثته قناة "الجزيرة"، أن السلطات الإماراتية تمنعه من المغادرة، أفاد مساعدوه بأنه تم ترحيله إلى مصر في تاريخ 2 ديسمبر/ كانون الأول الماضي. وبعد عودته إلى مصر، توارى شفيق لمدة 24 ساعة، فيما اتهمت بناته الثلاث السلطات المصرية باختطافه، قبل أن يؤكد في مداخلة هاتفية على برنامج حواري للمذيع المصري وائل الإبراشي أنه يعيد النظر في مسألة الترشح.
وكان يُنظر إلى شفيق، الذي عُيّن رئيساً للحكومة خلال الأيام الأخيرة من حكم الرئيس المخلوع، حسني مبارك، قبل أن يُجبر على التنحي في عام 2011، على أنه يهدد طموح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالبقاء في منصبه. وقبل الانتخابات الرئاسية الأخيرة، رفض شفيق، الاستجابة لكافة الضغوط التي مورست عليه، لإعلان تأييده لترشح السيسي لولاية ثانية، نظراً لوضعه تحت الإقامة الجبرية منذ أكثر من شهرين، في منزله الكائن بمنطقة غرب الغولف في ضاحية التجمع الخامس شرقي العاصمة القاهرة. وقال مصدر مُقرّب من شفيق، تحفظ عن ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الأخير بات غاضباً أخيراً من استمرار تقييد حركته، ومنعه من الخروج من منزله، أو عدم السماح لبناته الثلاث وأحفاده بالعودة إلى مصر، وزيارته في محل إقامته"، مؤكداً رفضه مطالب متكررة من قيادات حزب الحركة الوطنية، الذي ما زال يرأسه، لإعلان تأييده للرئيس. وأضاف المصدر أنّ "شفيق رفض أيضاً ضغوط أجهزة سيادية لإعلان دعم السيسي، من خلال إجراء مداخلات هاتفية في بعض برامج الفضائيات، خصوصاً بعد القبض على رئيس أركان الجيش الأسبق، الفريق سامي عنان، الذي تحفظ شفيق عليه في حديثه مع المقربين من حزبه، باعتبار أنه كان أحد القياديين البارزين في المؤسسة العسكرية، ولا يجب أن يُعامل بهذه الطريقة".
واضطر حزب الحركة الوطنية إلى إعلان دعمه الرسمي للسيسي، بنشر إعلانات مدفوعة الأجر في بعض الصحف الحكومية، صاحبتها صورة نائب رئيس الحزب، اللواء رؤوف السيد، من دون أي إشارة إلى رئيس الحزب، ما يؤكد عدم قبول شفيق بأن يكون جزءاً من حملة دعم السيسي، في ضوء تقييد حريته منذ قدومه "مُرحلاً" من دولة الإمارات، بحسب المصدر. وكان حزب شفيق قد ادعى تراجعه عن الترشح للرئاسيات "نزولاً عند رغبة أمانات الحزب في المحافظات، وقرار الهيئة العليا للحزب"، داعياً جموع المصريين للمشاركة في الانتخابات الرئاسية، وعدم الاستجابة لدعوات مقاطعتها، والتصويت لصالح السيسي، بدعوى "تحقيق الاستقرار والأمن، والقضاء على الإرهاب". ولم يعلن شفيق نفسه دعم أي من مرشحي الرئاسة، إذ اكتفى بالقول في بيان انسحابه "كنت قد قررت لدى عودتي إلى أرض الوطن أن أعيد تقدير الموقف العام، بشأن ما سبق وأعلنته أثناء وجودي في دولة الإمارات (ترشحه للرئاسة)، مقدراً أن غيابي لفترة زادت عن 5 سنوات ربما أبعدني عن المتابعة الدقيقة لما يجري في مصر، وأنني لن أكون الشخص الأمثل لقيادة أمور الدولة خلال الفترة المقبلة". وخرج شفيق من مصر "بخفي حنين" في عام 2012، عقب خسارته جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية أمام مرسي، زاعماً توجهه إلى السعودية لأداء العمرة، غير أن الطائرة حطت في الإمارات، حيث بقي لأكثر من 5 أعوام، إلى أن حاول العودة مجدداً إلى بلاده بإعلان ترشحه للانتخابات.