وجاءت الدعوة الأميركية على لسان وزير الخارجية جون كيري، عقب القرار الأميركي الأخير بإرسال قوة من النخبة إلى سورية والعراق. وفي هذه الإطار، أكد الرئيس الأميركي، باراك أوباما، في مقابلة مع قناة "سي بي إس"، إن إرسال الولايات المتحدة المزيد من القوات لمحاربة تنظيم (داعش) لا يعني أنه سيسير على نهج الغزو الأميركي للعراق في 2003.
وأضاف "لن نشرع في غزو العراق أو سورية على غرار غزو العراق بإرسال كتائب تتحرك عبر الصحراء". وتابع: "لكنني أبدي وضوحاً شديداً في أننا سنضيق الخناق دوماً على (داعش) وسندمره في النهاية، وهذا يتطلب منا توفير مكوّن عسكري لفعل ذلك".
ويرجع تفضيل الرئيس الأميركي باراك أوباما للقوات الخاصة بدلاً من التورط في حرب برية بقوات ضاربة كبيرة، إلى مخاوف تعتريه من سقوط أعداد كبيرة من الضحايا في أوساط الجنود الأميركيين، وهو الأمر الذي قد ينهي به تاريخه السياسي بكارثة يحاول أن يتجنبها قدر إمكانه، فضلاً عن إدراكه استحالة تحقيق حل عسكري للمشكلة السورية.
ويأمل أوباما أن تتمكن القوات الخاصة الأميركية، التي لن يتجاوز عددها في سورية والعراق 250 عنصراً، من توجيه ضربات موجعة لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، بالقدر الذي يمكن أن يسمح لاحقاً بتوجيه ضربات مماثلة لنظام الرئيس، بشار الأسد، أو على الأقل بما يكفي لإقناع موسكو بحل المسألة السورية عبر استبعاد الأسد، بدون خوف من استيلاء "داعش" على السلطة في دمشق.
من جهته، قال كيري على هامش اجتماع وزاري لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا في بلغراد: "من دون إمكانية تشكيل قوات برية جاهزة لمواجهة (داعش)، لا يمكن كسب هذا النزاع بشكل كامل بالضربات الجوية فقط". واقترح نشر قوات "عربية وسورية" وليست غربية لهذا الغرض. وأوضح: "إذا تمكنا من تنفيذ عملية انتقال سياسي، سيكون في الإمكان جمع الدول والكيانات معاً: الجيش السوري مع المعارضة، الولايات المتحدة مع روسيا، وغيرهم، سيتوجهون لمحاربة (داعش)". وأضاف "لكم أن تتخيلوا مدى السرعة التي سيتم خلالها القضاء على هذه الآفة، حرفياً في غضون بضعة أشهر، إذا كنا قادرين على التوصل إلى هذا الحل السياسي".
بدوره، قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إنه "لا يمكن تحقيق تسوية مستدامة في سورية دون تبادل نهائي لقوائم التنظيمات الإرهابية وتبني قائمة موحدة لها".
وكانت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية قد كشفت، الأسبوع الماضي، عن أن إرسال قوات خاصة إلى سورية يرافقه إرسال طائرات هجومية من طراز "إيه ـ 10"، ومقاتلات "إف ـ 15"، إلى قاعدة إنجرليك الجوية في تركيا، مع تكثيف الغارات النوعية، بما يمكن أن يؤدي إلى تقهقر "داعش" ميدانياً، وتحقيق إنجاز يفتح الطريق أمام تحقيق تقدّم في المحادثات.
تجدر الإشارة إلى أن الطائرات من طراز "إيه ـ 10" قادرة على حمل كميات كبيرة من الذخيرة. كما أنها تطير ببطء وتحلق على ارتفاع منخفض فوق ساحة المعركة، ومن مهامها دعم القوات البرّية المشاركة في العمليات القتالية.
ومن المفارقات أن إرسال قوات خاصة إلى سورية، رغم محدوديته، أثار غضب بعض المشرعين الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء، إذ اتهم بعض النواب الديمقراطيين أوباما بالمغامرة بحياة العسكريين الأميركيين عبر تعريضهم للخطر، فيما حذّر الجمهوريون من أنّ هذه الخطوة صغيرة ولا تأتي بفائدة مرجوة.
ويربط محللون بين قرار ضم إيران الى محادثات السلام، وإرسال قوات خاصة لدعم الأكراد السوريين، قائلين إن هذه التطورات تعكس الاعتراف بتغير الظروف على الأرض، وتؤكّد ضرورة انتهاج أساليب جديدة على الجبهتين العسكرية والدبلوماسية.
غير أنّ مصادر سياسية وإعلامية أميركية رأت أنّ تغير نهج أوباما في سورية له علاقة بتغير موقفه من الرئيس السوري، مشيرين إلى أن مسؤولين أميركيين كانوا يطالبون من قبل برحيل الأسد وعدم إشراكه في أي حل سلمي، الا أنهم الآن يعربون عن استعدادهم للسماح ببقاء الأسد مؤقتاً لفترة انتقال سياسي.
بدورها، أكّدت صحيفة "نيويورك تايمز" أن المحادثات السياسية بشأن سورية ستنتقل من فيينا إلى نيويورك في الثامن عشر من الشهر الجاري، بالتزامن مع تحركات في مجلس الأمن الدولي تقودها الولايات المتحدة تتعلق بسورية.
ونقلت الصحيفة عن مصادر دبلوماسية دولية إن مستقبل رئيس النظام السوري لا يزال أهم العقبات، التي تحول دون توافق القوى العالمية بشأن الحل الأنسب للمسألة السورية.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ قائمة المشاركين في المحادثات عن المعارضة السورية لن تتضمن أي ممثلين عن "جبهة النصرة"، أو تنظيم "داعش"، وقد تضاف إلى قائمة المحظورين تنظيمات أخرى تطالب موسكو بحظرها. وتوقع دبلوماسيون في المنظمة الدولية أن يلعب الأردن دوراً توفيقياً مهماً في محادثات نيويورك للسلام في سورية.
كما رجّحت "نيويورك تايمز" أن يحدد مؤتمر الرياض للمعارضة السورية قائمة المشاركين في محادثات نيويورك خلال اجتماع قادة المعارضة السورية. ويأمل قادة المعارضة السورية أن يخرج مجلس الأمن بقرارات دولية تخدم قضية بلادهم، بالتزامن مع المحادثات، للخروج بصيغة حلّ تقبله كافة الأطراف الفاعلة.
اقرأ أيضاً: سورية: غارات روسية وتقدّم لـ"داعش" بريف حلب