يحضّر كيانٌ جديدٌ يتشكّل داخل الأمم المتحدة في جنيف، لمحاكمات في جرائم حرب ارتكبت في سورية، وفق ما قال مسؤولون بالأمم المتحدة ودبلوماسيون، أمس الخميس، لـ"رويترز".
وصوّتت الجمعية العامة للمنظمة الدولية، لصالح تأسيس هذه الآلية، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ومن المقرّر أن يعيّن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس هذا الشهر، قاضياً أو ممثلاً للادعاء ليرأسها.
وقالت مسؤولة عن حقوق الإنسان بالأمم المتحدة لـ"رويترز"، إنّها تتوقّع بدء هذا الأمر "قريباً جداً ببضعة أفراد".
وسيقوم الفريق "بتحليل المعلومات وترتيب وإعداد الملفات بشأن أسوأ الانتهاكات التي تصل إلى حد جرائم دولية، بالأساس جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة، وتحديد المسؤولين عنها"، بحسب المسؤولة.
وعلى الرغم من أنّ هذه الجهة لن تتمكّن من إجراء المحاكمات بنفسها، إلا أنّها ستعدّ الملفات التي يمكن أن تستخدمها دول أو المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، في محاكمات في المستقبل.
والتركيز على المحاكمات يعني أنّ الأدلة التي جمعتها لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة منذ 2011، يمكن أن تتحوّل إلى إجراء قانوني.
وندّدت اللجنة التي كانت تفتقر أيضاً لتفويض بإجراء محاكمات، بسياسة النظام السوري التي قالت إنّها تصل إلى حد "الإبادة"، وجمعت كذلك قائمة سرية بالمشتبه بهم من جميع الأطراف، وأبقتها في خزانة.
وقالت منظمة "العفو" الدولية، الأسبوع الماضي، إنّ الحكومة السورية أعدمت ما يصل إلى 13 ألف سجين شنقاً، ونفذّت عمليات تعذيب ممنهج في سجن عسكري، في حين أنكر النظام السوري التقرير، زاعماً أنّه "لا أساس له من الصحة".
وفي هذا السياق، أصدرت محكمة سويدية، أمس الخميس، حكماً على مقاتل سابق من المعارضة السورية يقيم حالياً في السويد، بالسجن مدى الحياة، في جرائم حرب.
والتحدّي أمام الهيئة الجديدة، أنّ تمويلها "طوعي"، إذ قدّر تقرير للأمم المتحدة صدر في يناير/ كانون الثاني الماضي، ميزانية إنشائها بما بين أربعة وستة ملايين دولار، وقال مسؤول من الأمم المتحدة إنّه تمّ التبرّع بالفعل بمبلغ 1.8 مليون دولار منها.
وتهدف الأمم المتحدة، بحسب دبلوماسيين، إلى توظيف ما يتراوح بين 40 و60 خبيراً في مجالات التحقيقات والادعاء وعسكريين وخبراء في الأدلة الجنائية أيضاً.
وعن تشكيل الهيئة، قال دبلوماسي غربي لـ"رويترز"، إنّ "هذه خطوة هامة جداً. إنّها لن تسمح فحسب برفع قضايا لكنّها ستساعدنا أيضاً في حفظ الأدلة حال وجود قضايا في المستقبل".
كما رحّب خبراء قانونيون ونشطاء بالخطوة، إذ قال أستاذ القانون الدولي في المعهد العالي للدراسات الدولية والتنمية في جنيف أندرو كلابام إنّ "التركيز هو على جمع الأدلة وبناء قضايا جنائية للمحاكمة قبل أن يطويها النسيان".
وأكد الباحث في مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان جيرمي سميث، أنّ الأمم المتحدة يجب أن تضع أساساً للمحاكمات المقبلة، قبل أي "خروج جماعي" لمرتكبي الجرائم عندما تنتهي الحرب.
ولفت إلى أنّ "هذه هي الطريقة الوحيدة لضمان عدم إفلات المجرمين بفعلتهم بالفرار من موقع الجريمة".