تزايدت في الولايات المتحدة خلال السنوات القليلة الماضية الأصوات الأميركية المنتقدة لإسرائيل وسياساتها الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وبموازاة الموقف الرسمي لإدارة الرئيس، باراك أوباما، الذي يقف عند حد الإدانة اللفظية للاستيطان، يشهد الشارع الأميركي ومؤسسات مدنية وسياسية أميركية مؤثرة تحركات تدعو إلى تفعيل مواجهة السياسات الإسرائيلية المعرقلة لعملية السلام، من خلال مقاطعة البضائع المنتجة في المستوطنات اليهودية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وهو ما لم يكن معهوداً في الحياة السياسية الأميركية في السابق.
وبدأت تحظى هذه الحركة بدعم، ولو خجولا، داخل مؤسسات سياسية أميركية، في مقدمتهم الكونغرس الذي يعتبر معقلاً لمؤيدي إسرائيل واللوبي اليهودي في الولايات المتحدة. وقد ساهمت "الانتفاضة" السياسية ضد "النظام" التي أطلقتها الحملة الانتخابية الرئاسية للسيناتور الديمقراطي، بيرني ساندرز، في إعلاء صوت المنتقدين لإسرائيل في الولايات المتحدة. ولعل من أبرز مؤشرات تنامي ظاهرة المعارضة للاستيطان الإسرائيلي انتقالها إلى نخب أميركية يهودية في تيار اليسار، من خلال توقيع مجموعة من المثقفين الأميركيين البارزين عريضة تطالب بمقاطعة كافة البضائع الإسرائيلية المنتجة في المستوطنات اليهودية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.
ودعت العريضة التي من المنتظر نشرها الأسبوع المقبل في مجلة "نيويورك ريفيو أوف بوكس" المرموقة، والتي تصدر مرة كل 15 يوماً وتعتبر المؤسسة الأولى في تقييم الكتب المنشورة في الولايات المتحدة، إلى مقاطعة كل ما يصدر من المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة. وجاء فيها: "نحن الموقعون أدناه، والذين يعارضون المقاطعة الاقتصادية والسياسية والثقافية لإسرائيل نفسها وفق حدود 4 حزيران 1967 (وما يسمى بالخط الأخضر)، إذ نعتقد أن هذا هو خط الهدنة لعام 1967، وهو الذي يحدد الحدود الرسمية لإسرائيل، وينبغي أن تكون نقطة الانطلاق للمفاوضات بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني على الحدود المستقبلية بين الدولتين".
وتضيف الرسالة: "لتعزيز هذه المفاوضات، فإننا ندعو لمقاطعة شاملة تستهدف جميع السلع والخدمات من جميع المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، وأية استثمارات تعزز الاحتلال، إلى أن يحين الوقت الذي يتم فيه التفاوض على تسوية سلمية بين الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية".