اعتزم البرلمان التونسي إنهاء حالة الترقب لاستقالة رئيس الحكومة الحبيب الصيد من عدمها، التي زجت بمبادرة الوحدة الوطنية في زاوية حادة، وارتهنت مآلها بالخيارات الدستورية المتاحة للصيد ولأنصار المبادرة، وهي خيارات ضيقة ولها إجراءاتها الدستورية ونتائجها المعقدة، وقرر دعوته لجلسة حوار في إطار التسريع في إجراءات تنحيه.
وذكرت مصادر خاصة من داخل مكتب المجلس لـ"العربي الجديد" أن حركة النهضة التي رفضت عقد الجلسة خلال اجتماع مكتب المجلس الأسبوع المنقضي حول المسألة، تحفظت خلال اجتماع اليوم عند التصويت على دعوة الصيد واعتبرت أن الجلسة لا محل لها من الإعراب، بعد أن صرح الصيد بأنه سيتوجه للبرلمان لتجديد الثقة فيه، فيما وافق نداء تونس والاتحاد الوطني الحر والكتلة الاجتماعية والجبهة الشعبية على توجيه رسالة له ودعوته إلى الحوار.
وكانت جلسة عمل قد سبقت الترتيب لاجتماع مكتب البرلمان، جمعت رئيسه محمد الناصر، برئيس الحكومة مساء أمس، ورئيس البلاد صباح اليوم الثلاثاء، لترتيب الجلسة، وذكرت مصادر مقربة من الصيد لـ"العربي الجديد" إن استقالة الصيد كانت محور الحديث الأبرز حيث أعرب عن نيته في ذلك من دون أن يحدد توقيتا معينا لتقديم استقالته أو طريقة تنحيه.
وسجل موقف النداء والوطني الحر تغيرا ملحوظا في ما يتعلق بسبل التخلص من الحبيب الصيد، فبعد التنبيه إلى إمكانية استعمال تقنية لائحة اللوم ضد الحكومة وسحب الثقة من الصيد، حال عدم التوافق على شخصية بديلة له دون تنفيذ هذه الآلية التي تقتضي تقديم مرشح بديل لرئيس الحكومة في نفس اليوم الذي تسحب فيه الثقة منه. ولذلك أصر نداء تونس على الضغط على الصيد من أجل المبادرة بالاستقالة أو عرض حكومته لتجديد الثقة ما يتيح فسحة من الوقت للبحث عن شخصية جديدة لتعويضه.
وأبرز القيادي بحزب النداء وعضو مكتب البرلمان، حاتم الفرجاني، في حديث لـ"العربي الجديد" إن القرار قابل للمراجعة، ويمكن لمكتب البرلمان أن يلغي الدعوة إذا ما بادر الحبيب الصيد قبل يوم الجمعة المقبل بتقديم استقالته للبرلمان أو بطلب تحديد جلسة عامة لتجديد الثقة فيه، مفسرا أن الصيد أعلن مطلع الأسبوع الحالي عن نيته التوجه للبرلمان، لكنه لم يحدد أجلا واضحا ما يعزز ضبابية المشهد ويزيد ارباك المبادرة، وعليه قررت أحزاب الائتلاف الحاكم حصر الحيز الزمني للصيد عن طريق دعوته لجلسة المسائلة وإمكانية إلغائها إذا ما أعرب رسميا، قبل الجمعة، عن رغبته في الاستقالة أو تجديد الثقة.
من جانبه، أكد القيادي بالوطني طارق الفتيتي في تصريح لـ"العربي الجديد" أن الحبيب الصيد لم يحدد تاريخا لتنحيه وهو ما يترك المسألة في المطلق رغم أن عامل الوقت ليس في مصلحة البلاد التي كادت تشل عدة هياكل منها نتيجة ترقب مآل المبادرة، مضيفا أن حسم مسألة استقالة الصيد هو العنصر المحدد للمرور لعملية التوافق على هيكلة وتركيبة حكومة الوحدة.
وأبرز الفتيتي أن عملية اختيار مرشح بديل لم تنطلق بعد، مشددا على أن برنامجاً تفصيليا لعمل الوزراء سيتم التوافق عليه، وإن كان منصب رئيس الحكومة قد تم تحديد أولوياته وبرنامجه، فإن اختيار أعضائها بدوره سيخضع لعدة مقاييس دقيقة ويجب أن تتوافق عليه جميع الأحزاب المشاركة في مبادرة الوحدة الوطنية.
من جانبها، اعتبرت الجبهة الشعبية أن الائتلاف الحاكم يقوم بإقحام البرلمان واستعماله لاخراج الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي من الأزمة التي ظل يتخبط فيها على حد تعبير القيادي بها الجيلاني الهمامي الذي لفت لـ"العربي الجديد" أن المبادرة لم تستطع بعد تجاوز عثرة الصيد التي انطلقت منذ إعلانه عدم الاستقالة تزامنا مع طرح المبادرة.
وعلق الهمامي على جلسة الحوار قائلا إن الجبهة تدعو الصيد لجلسة حوار عادية، وترفض أن تستغلها أحزاب الائتلاف من أجل الضغط عليه للاستقالة، وإن كانت ترغب في تنحية الصيد، فليكن ذلك بسحب الثقة منه أو فليتم إقناعه خارج المجلس في إطار اتفاقات سياسية بالاستقالة، لا استخدام المجلس لجلبه والضغط عليه، وهي مسألة لا علاقة لها بالوظيفة التشريعية، ولا الوظيفة الرقابية للبرلمان، بل مسألة سياسية بالأساس يسأل عنها أساسا المتسبب في الأزمة وهو الباجي قائد السبسي.