لا يخفى أن ثمة حسابات داخلية لاختيار مجلس الشيوخ الأميركي الذكرى الخمسين لحرب الخامس من حزيران/ يونيو، بين إسرائيل والعرب، للتصديق على قانون يطالب الرئيس دونالد ترامب بالالتزام بقانون نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس المحتلة. ولعل في تبني الحزبين القرار غير الملزم، والذي اقترحه زعيم الأغلبية الجمهورية، ميتش ماكونيل، وحصل على تأييد تسعين عضواً في مجلس الشيوخ، دون أي شكل من الاعتراض، إشارة بالغة الوضوح للدرك الذي وصلت إليه الطبقة السياسية الأميركية في انصياعها الأعمى للوبي الإسرائيلي في واشنطن.
ولربّما يكون "الاستبلشمنت" الأميركي، والذي سجل نقاطًا عديدة لصالحه في "الحرب الأهلية الباردة" التي تشهدها واشنطن منذ وصول ترامب إلى البيت الأبيض، أراد من هذا الإجماع تجديد المبايعة الأميركية لإسرائيل، وتأكيد الولاء لمصالحها، وفي الوقت نفسه، رفع التغطية عن خطوة ترامب تأجيل تنفيذ قرار نقل السفارة إلى القدس ستة أشهر إضافية، على غرار ما فعله الرؤساء السابقون منذ إصدار الكونغرس، عام 1995، قانوناً طلب من الرئيس الأميركي في ذلك الحين، بيل كلينتون، بألا يتخطى الموعد النهائي لتنفيذ نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس نهاية عام 1999. ومنذ ذلك الحين، درج الرؤساء الأميركيون على توقيع مرسوم تأجيل نقل السفارة كل ستة أشهر.
بهذا المعنى، فإن قرار مجلس الشيوخ الجديد بشأن نقل السفارة الأميركية إلى القدس، والذي يعيد التأكيد على قرار غير ملزم اتخذه الكونغرس قبل 22 عاماً، هو بمثابة جائزة ترضية من "الاستبلشمنت" لإسرائيل، والتأكيد على التحالف القوي مع اللوبي الصهيوني النافذ ماليًّا وسياسيًّا، وضمان وقوفه إلى جانب "الاستبلشمنت" في معركة تصفية الحسابات الأميركية الداخلية.