كشفت مصادر برلمانية مطلعة في مصر لـ"العربي الجديد"، أن "عدداً من أعضاء مجلس النواب أبدوا تخوفاتهم لرئيس المجلس علي عبد العال، بشأن إمكانية حل مجلس النواب عقب تمرير تعديل الدستور، لإجراء انتخاباته بالتزامن مع مجلس الشورى الذي سيشكل بموجب التعديل، لا سيما بعد تصاعد مطالب الحل في الدوائر الانتخابية للنواب نتيجة مواقفهم المنحازة لقرارات السلطة التنفيذية تحت القبة". وبحسب المصادر، فإن "عبد العال أكد أنه لم يرد في مواد الدستور أو التعديلات المطروحة عليه، ما يلزم رئيس الجمهورية بحلّ المجلس، خصوصاً أنه لم يتبق سوى عام واحد على انتهاء الدورة البرلمانية". وتنصّ المادة (137) من الدستور المصري على أنه "لا يجوز لرئيس الجمهورية حلّ مجلس النواب إلا عند الضرورة، وبقرار معلّل، وبعد استفتاء الشعب. ويصدر رئيس الجمهورية قراراً بوقف جلسات المجلس، وإجراء الاستفتاء على الحل خلال عشرين يوماً على الأكثر، فإذا وافق المشاركون في الاستفتاء بأغلبية الأصوات الصحيحة، أصدر رئيس الجمهورية قرار الحل، ودعا إلى انتخابات جديدة خلال ثلاثين يوماً على الأكثر من تاريخ صدور القرار".
وحسب المصادر، فإن "عبد العال طمأن أعضاء البرلمان إلى أن انتخابات مجلس النواب المقبل ستكون من خلال نظام القائمة المغلقة بنسبة 75 في المائة، والتي يفوز جميع أعضائها في حال حصولها على 50 في المائة + 1 من أصوات الناخبين، مع تخصيص نسبة 25 في المائة فقط للنظام الفردي". واعتبرت أن "حديثه يؤكد أن الدولة (الأجهزة الأمنية) هي التي ستشرف على اختيار أسماء أعضاء تلك القوائم، ما يعزز فرص إعادة انتخاب الموالين لها مرة أخرى، على ضوء سابقة فوز قائمة (في حب مصر) المدعومة من النظام الحاكم بجميع المقاعد في انتخابات عام 2015".
من جهة ثانية، اشتكى النواب، بحسب المصادر نفسها، لرئيس المجلس، حالة من الغضب الشعبي في دوائرهم إزاء موقف البرلمان من تأييد تعديل الدستور الذي يستهدف بشكل أساسي تمديد حكم السيسي حتى عام 2034، من خلال زيادة فترة الرئاسة من 4 إلى 6 سنوات، والسماح للرئيس الحالي بالترشح لولايتين جديدتين بعد انتهاء ولايته الثانية في عام 2022، وتشكيل مجلس أعلى لجميع الهيئات القضائية برئاسته، فضلاً عن إنشاء غرفة ثانية للبرلمان (مجلس الشيوخ)، وإعادة صياغة وتعميق دور الجيش في "حماية الدولة المدنية"، واشتراط موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة على تسمية وزير الدفاع. وشمل التعديل أيضاً إلغاء الرقابة المسبقة لمجلس الدولة على مشاريع القوانين، والتوسّع في محاكمات المدنيين أمام القضاء العسكري، من خلال حذف كلمة "مباشر" التالية لكلمة "اعتداءً" من المادة (204) من الدستور، إيذاناً بمحاكمة المدنيين "في الجرائم التي تمثل اعتداءً على المنشآت العسكرية أو معسكرات القوات المسلحة، أو ما في حكمها، أو المنشآت التي تتولى حمايتها، أو المناطق العسكرية أو الحدودية المقررة كذلك".
في غضون ذلك، أفادت مصادر في الأمانة العامة للبرلمان بأن "رئيس المجلس وافق على صرف البدلات والمكافآت المالية لجميع النواب من دون استثناء عن شهر فبراير/ شباط الماضي، والتي ترتبط بشكل أصيل بحضور جلسات ولجان المجلس وفقاً للائحة المنظمة، على الرغم من أن عبد العال نشر أسماء 145 نائباً تغيبوا عن إحدى الجلسات الأخيرة من دون عذر، واستخدام 440 آخرين للبصمة الإلكترونية لإثبات حضورهم، وانصراف أغلبهم مباشرة من دون حضور المناقشات".
ويعمد رئيس البرلمان إلى صرف مستحقات جميع النواب كاملة، وهو ما يمثل إهداراً للمال العام، إذ يتقاضى عضو مجلس النواب مكافأة شهرية تصل في حدها الأقصى إلى 20 ألف جنيه (1145 دولاراً)، غير أن البرلمان ضاعف من مخصصاته على مدار السنوات الثلاث الماضية، ما رفع من قيمة البدلات والمكافآت الممنوحة إلى الأعضاء لتصل إلى 35 ألف جنيه (2004 دولارات) شهرياً في المتوسط، وذلك بالمخالفة لأحكام قانون مجلس النواب.
وخصصت الدولة موازنة سنوية للبرلمان ناهزت 1.4 مليار جنيه (80.1 مليون دولار)، عن العام المالي (2018/ 2019)، بزيادة قدرها 300 مليون جنيه (17.2 مليون دولار) عن العام المالي (2017/ 2018)، استحوذ منها باب الأجور والتعويضات وحده على نحو 70 في المائة منها، على الرغم من دعوات التقشف التي يروج لها رئيس البرلمان، ومطالباته المتكررة للمواطنين بالوقوف إلى جوار الدولة في أزمتها الاقتصادية.