وشددت التنسيقية على تمسكها بمسار العدالة الانتقالية كخيار لكشف حقيقة ما وقع من انتهاكات ومحاسبة المنسوب إليهم الانتهاك للوصول بعد ذلك إلى مصالحة شاملة ومنع تكرار تلك الانتهاكات.
واتّهمت التنسيقيّة الوطنيّة المستقلّة، الائتلاف الحاكم بـمحاولة نسف مسار العدالة الانتقالية ودفن حقيقة الانتهاكات للحريات الخاصّة والعامّة ولحقوق الإنسان وايقاف مسار العدالة الانتقالية.
وفي هذا الصدد، قال رئيس التنسيقية الوطنية المستقلة للعدالة الانتقالية، عمر الصفراوي، في تصريح لـ"العربي الجديد" إنه يوجد "غياب واضح للإرادة السياسية من أجل استكمال مسار العدالة الانتقالية"، معتبراً أنه "كان من المفروض على رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي بمقتضى الدستور والفصل 148 وتحديداً الفقرة 9 منه أن يحمي مسار العدالة الانتقالية ولكن يبدو ولأسباب سياسية أنه ليس من مناصري العدالة الانتقالية".
ولفت إلى أنّ "العدالة الانتقالية لديها خصوصيات عديدة وهي ليست كبقية القضايا حيث لا بد من الإسراع في البت في الملفات وليس التعامل معها كبقية الملفات العادية وتأخير الجلسات لشهرين أو ثلاثة".
وقال الصفراوي إنّهم "كانوا يأملون أن تكون الجلسات بمعدل 3 مرات في الأسبوع إذ إنه من غير المقبول أن تبقى الملفات لأشهر ولسنوات على أنظار القضاء"، معتبراً أنّ "مرتكبي الانتهاكات يشعرون وكأنهم محميون ولا يحضرون الجلسات المخصصة في العدالة الانتقالية رغم أنها تهدف إلى معرفة الحقيقة والمحاسبة دون التشفي". وقال أيضاً إنّ "عدم الحضور يمس بهيبة القضاء".
ولفت المتحدث إلى أنّ "غياب الإرادة السياسية في استكمال العدالة الانتقالية له عدة تداعيات منها الجر نحو الفوضى مجدداً والشعور بالظلم"، مبيناً أنّ "الحديث عن مشروع قانون لإلغاء الدوائر المتخصصة وإقرار مشروع العفو العام ستكون له عواقب وخيمة إن حصل، إذ سينسف وسيلغي مسار العدالة الانتقالية بأكمله".
من جهة أخرى، اعتبر أن "التفكير المبكر في الانتخابات القادمة غير العديد من المعطيات ولم يعد التفكير في المصلحة العامة وفي الضحايا بقدر التفكير في المصالح الحزبية الضيقة"، مبيناً أنّ عدد الملفات المعروضة حالياً على الدوائر المتخصصة في العدالة الانتقالية بلغ 470 ملفاً، ولكن بمثل هذه الوتيرة البطيئة فإن مسار العدالة الانتقالية لن يحرز تقدماً كبيراً مستقبلاً. وأكد أنّهم كانوا ينتظرون أن تكون التجربة التونسية في هذا المجال أفضل مما تحقق إلى حد الآن.
وحمّل رئيس التنسيقية الوطنية المستقلة للعدالة الانتقالية الائتلاف الحاكم ورئيس الجمهورية ومجلس نواب الشعب المسؤولية في التعطيلات الحاصلة، مشدداً على مواصلة الدور الرقابي للمحاكمات أمام الدوائر الجنائيّة المتخصّصة والضغط لمنع التجاوزات والخروقات التي قد تؤثّر سلباً على استقلاليّة القضاء وعلى العدالة.
ودعت التنسيقية مكونات المجتمع المدني والمحامين المتخصصين في العدالة الانتقالية إلى "خوض جميع أشكال النضال السلمي للتصدّي لكلّ المناورات التي تستهدف المس بمسار العدالة الانتقاليّة"، مؤكدة عزمها التصدي لأي مناورات لأغراض حزبيّة وانتخابيّة.
وندد عدد من المحامين النائبين أمام الدوائر المتخصصة في العدالة الانتقالية بصمت الأطراف المعنية بالانتقال الديمقراطي، مؤكدين أنه "لا سبيل لإلغاء الدوائر الجنائية المتخصصة في العدالة الانتقالية".