اعتبرت دراسة إسرائيلية أن نيل الصين حق تنفيذ معظم مشاريع إعادة الإعمار في سورية يخدم المصالح الإسرائيلية. وشددت الدراسة، التي صدرت عن "مركز بيغن السادات للدراسات الاستراتيجية" التابع لجامعة "بار إيلان"، ونشرها موقعه أمس الأحد، أن الدور الرئيسي للصين في تنفيذ مشاريع إعادة الإعمار يخدم المصالح الأمنية والاستراتيجية لإسرائيل. وأوضحت الدراسة، التي أعدها الباحث روي فلنر، أن ما يعزز أهمية الدور الذي تلعبه الصين تحديداً في مشاريع إعادة الإعمار حقيقة أن الدول الغربية ودول الخليج لا يمكنها أن تسهم في هذه المشاريع، لأنها ترفض التسليم ببقاء بشار الأسد في سدة النظام، ما يجعل الخيارات محصورة في كل من إيران، وروسيا، والصين.
وأشارت الدراسة إلى أن طابع العلاقة بين نظام الأسد والصين يؤهل بكين للتنافس على الاستحواذ على نسبة كبيرة من مشاريع إعادة الإعمار، مشيرة إلى أن الصين ظلت المزود الرئيس للسلاح لجيش الأسد حتى قبل اندلاع الأحداث الحالية في سورية. ولفتت الأنظار إلى أن أحد الأسباب التي تدفع الحكومة الصينية إلى دعم نظام الأسد، وتغطيته في المحافل الدولية، أن عدداً يقدر بالآلاف من أبناء إقليم الأويغور، الذي تقطنه أغلبية مسلمة، قد انضموا إلى تنظيمات الإسلام الجهادي، ويقاتل عدد كبير منهم في سورية، منوهة إلى أن المصلحة الصينية تتمثل في تعزيز قوة نظام الأسد بحيث لا يسمح بعودة هذه العناصر التي اكتسبت تدريباً وتشربت بالأيديولوجية "المتطرفة" إلى الصين مجدداً.
وأوضحت الدراسة أن الطابع العلماني للنظام، بالإضافة إلى مواقفه المناوئة للغرب، يجعلان الصين تبدي حرصاً على التجند لضمان بقائه. وأوضحت أن تفوق الصين الاقتصادي، وقدراتها المالية، يمكنانها من تنفيذ مشاريع إعادة الإعمار عبر قروض بعيدة الأمد، أو على شكل هبات تمنح لنظام الأسد، وهو ما لا يمكن أن تقدم عليه روسيا وإيران. وحسب الدراسة فإن الاستثمار في مشاريع إعادة الإعمار في سورية ينسجم مع استراتيجية "الحزام والطريق" التي تتبناها القيادة الصينية حالياً. وأشار معد الدراسة إلى أن استئثار الصين بمشاريع إعادة الإعمار يقلص من ارتباط نظام الأسد بكل من طهران وموسكو. وحذرت من أن السماح لإيران بلعب دور في عمليات إعادة الإعمار سيمكنها من استغلال هذا الدور في تكريس نفوذها في سورية بشكل يمس بمصالح إسرائيل مباشرة، علاوة على أن هذا الدور سيمنحها المسوغ للبقاء قريبة من حلفائها في لبنان، ويمكنها من فرض هيمنتها على أتباعها في "الهلال الشيعي". ونوهت إلى أن احتكار روسيا مشاريع إعادة الإعمار لا ينسجم مع المصالح الإسرائيلية، على اعتبار أن كل ما يعني موسكو هو الاحتفاظ بقواعدها العسكرية في سورية وتحدي المصالح الغربية، في حين أن مصالح الصين في سورية تنحصر بشكل أساس في الجانب الاقتصادي.
وأوضحت الدراسة أن الدور الصيني تتعاظم قيمته في كل ما يتعلق بمشاريع إعادة البناء، جنوب وجنوب غرب سورية، وتحديداً في الجولان، مشددة على أن السماح لإيران بالوصول إلى هذه المناطق، من بوابة إعادة الإعمار، يضر بالمصالح الإسرائيلية. واستدركت الدراسة أنه نظراً للدور الذي لعبته كل من روسيا وإيران في إنقاذ وضمان استقرار نظام الأسد، فإن قدرتهما على لعب دور في مشاريع إعادة الإعمار أكبر من الصين، مشيرة إلى أن بشار الأسد يمكن أن يأخذ بعين الاعتبار العلاقات التاريخية بين نظامه والصين في الحسبان رغم ذلك. وتنطلق الدراسة من افتراض مفاده أن وصول المواجهة الدائرة في سورية إلى مراحلها النهائية، في ظل تقدم النظام، تدلل على أن بشار الأسد ليس فقط سيبقى في الحكم خلال الأعوام المقبلة بل أيضاً سيلعب دوراً رئيسياً في تحديد هوية الأطراف التي تتولى تنفيذ مشاريع إعادة الإعمار في سورية. وأعادت للأذهان حقيقة أن إعادة إعمار سورية تتطلب استثمار مخصصات مالية هائلة، مشيرة إلى أنه حسب تقديرات الأمم المتحدة فإنه العملية تتطلب توفير 250 مليار دولار من أجل جعل سورية دولة يمكن العيش فيها.