لم يمضِ سوى أسبوعين فقط على إقامة المواطن المقدسي، سامي ربحي إدريس، وأفراد أسرته المكونة من 7 أشخاص، في مسكنه الجديد الذي لا تتجاوز مساحته الثمانين متراً مربعاً، حتى وجدت العائلة نفسها في العراء، بعدما أقدم الاحتلال على هدم المنزل. في حين انهمكت زوجة إدريس وأطفاله في البحث عن بعض مقتنيات من منزلهم المدمر الذي سوي بالأرض تماماً.
إدريس روى لـ"العربي الجديد" أنه بدأ بتشييد المسكن الجديد قبل ثلاثة أشهر فقط، وكان يسابق الزمن في بناء المأوى له وعائلته قبل حلول فصل الشتاء، وقد تحقق هذا الأمر، قبل أن يستيقظوا على هدير الجرافات وآليات الهدم، تطالبهم طواقمها بمغادرة المنزل توطئة لهدمه.
وأضاف: "قرعوا بعنف باب المنزل، وحين فتحت لهم الباب فوجئت بهم، قبل أن يتقدّم مني أحد الضباط ويطالبني بإخراج الأشياء الضرورية من داخل المنزل، خصوصاً بطاقاتي الشخصية (الهوية)، والوثائق الشخصية الأخرى، وحقائب الأولاد المدرسية". ولفت إلى أنه فعل ما أمر به من الضابط، ثم اقتحم المنزل طواقم من العمال وشرعوا في إخراج الأثاث والأدوات الكهربائية منه، لتهدم الجرافات المنزل وتسويه بالأرض.
اقرأ أيضاً: المقدسيون ومعركة البقاء... مصير معلّق بـ"البطاقة الزرقاء"
كان إدريس تلقى قبل ذلك إنذاراً أولياً خلال بناء المنزل، وقبيل الانتهاء منه تلقى إنذاراً آخر، حملهما سوياً إلى محامٍ وكله بمتابعة القضية، إلا أن شيئاً من قبيل منع هدم مسكنه لم يتحقق. في حين لم يكن بمقدور إدريس التوجه بطلب للحصول على رخصة بناء، لكلفتها الباهظة جداً، وللفترة الزمنية الطويلة التي يستغرقها استصدار الرخصة، وفي الغالب لا تُعطى للمقدسيين رخص تُلبي احتياجاتهم المتزايدة من المساكن.
كانت تقديرات المسؤولين الفلسطينيين في السابق تتحدث عن احتياج لحل ضائقة السكن لدى المقدسيين بما يزيد عن 30 ألف وحدة سكنية لحل الضائقة الحالية، ومثلها للسنوات العشر المقبلة، كما أوضح مستشار ديوان الرئاسة لشؤون القدس أحمد رويضي، في حديث لـ"العربي الجديد".
وفي مقابل عمليات الهدم التي تطاول منازل المقدسيين، والقيود المشددة على أنظمة وقوانين البناء الخاصة بهم، تمنح سلطات الاحتلال تراخيص بناء بالآلاف لمستوطنات جديدة، وتوسيع مستوطنات قائمة على أراضي المقدسيين، كما لفت مدير دائرة الخرائط في بيت الشرق، خليل تفكجي، في تصريحات لـ"العربي الجديد". وأشار تفكجي إلى أن الاحتلال شيّد، منذ عام 1967، ما يزيد عن 58 ألف وحدة استيطانية، وصادر لهذا الغرض ما يربو على 35 في المائة من مساحة القدس الشرقية المحتلة.
بينما كانت سلطات الاحتلال قد هدمت وأغلقت، منذ مطلع العام الحالي وحتى الآن، ما مجموعه 53 وحدة ومنشأة سكنية، وذلك وفقاً لمعطيات مركز "معلومات وادي حلوة"، بذريعة البناء غير المرخص، أو بسبب مشاركة أفراد من عائلات أصحاب المنازل في هجمات ضد مستوطنين وجنود إسرائيليين.
اقرأ أيضاً: الاحتلال يقلّص الوجود الفلسطيني بالضفة عبر "قانون البناء"