مثير للانتباه ما يتداوله الناس من تعليقات على أي حدث مهم يتصدر وكالات الأنباء فجأة، إذ تجد القراءة "الظاهرية" للحدث، وتلك "المؤامراتية" والأخرى التي تميل إلى كونها مترددة، وانطلاق معركة تحرير الموصل، من الأحداث التي لا يمكن اختزالها في موقف مبسط. فالمعركة معقدة، وأهواء المشاركين فيها، أكثر تعقيداً.
سقوط الموصل بيد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في 2014 كان حدثاً تراجيدياً بامتياز، إذ جاء بلا قتال، ومن خلال دخول قرابة 600 مسلح من تنظيم "الدولة الإسلامية"، ومجموعات عشائرية تحالفت معه آنذاك، ليسيطروا على الموصل، ثاني أكبر مدن العراق، ويعلنون لاحقاً "الخلافة"، في مشهد أقرب للتاريخ منه للواقع.
اليوم، لا تبدو معركة تحرير الموصل، أقل تعقيداً، من لحظة سقوطها. لنجد طيفاً واسعاً من المشاركين، الذين لا يجمعهم إلا وجود ألف سبب خفي للدخول إلى المعركة، غير السبب المعلن "داعش". من الحشد الشعبي المدعوم إيرانياً، إلى القوات العراقية المدعومة أميركياً، ومن الحكومة العراقية التي يدعمها الطرفان، إلى البشمركة الكردية المتحالفة مع تركيا، التي تدخلت في سورية أيضاً لمواجهة تنظيمات كردية أخرى، علاوة على تنظيم "الدولة الإسلامية". كل هؤلاء يعملون برعاية أميركية، تأتي من السماء، إضافة إلى القوات الخاصة، براً، هنا أو هناك.
وسط هذا السيناريو الملتبس، تأتي تعليقات الناس، والتي لا يمنعها شيء من أن تكون خارج الصندوق تماماً. إذ لا يبدو أن هناك صندوقاً يجمع هذه المتناقضات. لكن الملفت هو ذلك النوع من التعليقات، التي تثير الأسى، أكثر من الحنق، وأعني تلك التي تقول إن "توقيت معركة تحرير الموصل" جاء نتيجة لمؤامرة "أميركية – روسية – إيرانية - عراقية – سورية" لإشغال الناس عن "إبادة حلب".
ومصدر الأسى هنا، ليس تبسيط ما يحدث، ورده إلى التفسير الأثير لدى الكثير من البشر "نظرية المؤامرة"، بل إلى الاعتقاد الجازم أن المشكلة في حلب، تتعلق باهتمام الناس بالحدث، ومدى حضوره عبر نشرات الأخبار، وتكراره في تعليقات المعلقين في مواقع التواصل الاجتماعي، وكأن المطلوب فقط أن نعلم بالمجزرة، لتتوقف!