ووفقاً لما رصده مسؤولون أمنيون، فإن تصعيد العنف في محافظة ديالى هو الأشدّ بين تلك المحافظات، وأن التكتم الإعلامي أخفى الكثير من أعمال العنف اليومية فيها، وقال ضابط في جهاز شرطة المحافظة، إن "الاستقرار النسبي الذي شهدته ديالى خلال الفترة الأخيرة بدأ يتلاشى أمام العنف المتصاعد، إذ إن نشاط التنظيم زاد خلال الفترة الأخيرة بعدد من مناطقها، كما أن مجاميع مسلحة مليشياوية عاودت عمليات استهداف تسببت بخلل أمني كبير خاصة في مناطق شمال شرقي ديالى هدفها عمليات تغيير ديمغرافي".
وأكد المسؤولون، لـ"العربي الجديد"، "نسجل يومياً عدداً من أعمال العنف، منها تفجيرات بعبوات ناسفة، وقتل بالقنص، وبأسلحة أخرى، وغير ذلك، ما تسبب بسقوط عدد من القتلى والجرحى، في موجة عنف قد تعد الأعنف خلال العام الجاري"، مبيناً أن "هناك تكتماً إعلامياً في المحافظة، وأن غالبية أعمال العنف التي يتم تسجيلها لا تعلم بها إلا الأجهزة الأمنية، وفقاً للتعليمات التي تنص على عدم كشفها، لأجل عدم إثارة الرعب بين الأهالي".
وأشار المتحدثون أنفسهم إلى أن "عودة القنص الذي أطاح في الأيام الأخيرة بعدد من المواطنين، يعدّ أمراً خطيراً ونشاطاً غير متوقع، ما يتطلب إجراءات أمنية مشددة لوضع حدّ له"، معتبراً أن "الإجراءات المتبعة حالياً لا ترقى إلى حجم الخطر، وأن الحشد الشعبي ينفرد بإدارة الملف الأمني، من دون إشراك الأجهزة الأمنية الأخرى". وشددوا على أن "عدم اتخاذ خطوات عاجلة لوقف العنف، قد يتسبب بخروج الملف الأمني عن السيطرة".
من جهته، أكد النائب عن محافظة ديالى، عبد الخالق العزاوي، لـ"العربي الجديد"، أن "نقطة الخلل الأمني في محافظة ديالى مشخصة تحديداً، وهي تتعلق باستمرار عمليات التسلل لعناصر داعش من محافظة صلاح الدين إلى ديالى"، مبيناً أن "هناك مساحة واسعة تربط بين محافظتي ديالى وصلاح الدين غير مؤمنة، وقد أبلغنا الجهات الأمنية وأبلغنا أيضاً رئيس الحكومة بذلك، لكن لا يوجد أي تحرك لتأمينها".
وأكد أن "بقايا التنظيم استغلوا هذه الثغرة الأمنية وتسللت أعداد منهم إلى المحافظة، وتصاعدت وتيرة العنف بسبب ذلك"، مبيناً أن "الإجراءات الأمنية المتبعة في المحافظة غير مجدية حالياً. نحتاج إلى ضبط حدود المحافظة مع صلاح الدين، ومن ثم نسيطر على داخل المحافظة". وأضاف "طالبنا بإعادة الشرطة الاتحادية الى المحافظة، وحصلنا على وعود بذلك، وننتظر التنفيذ، فالمحافظة تحتاج الى قوات إضافية للسيطرة على ملفها الأمني"، محذراً من "خطورة استمرار تراجع الأمن في المحافظة، والتي تعد بوابةً نحو بغداد، الأمر الذي يستدعي ضبط ملفها واتخاذ إجراءات حازمة بهذا الشأن بأسرع وقت ممكن".
في المقابل، قال عضو مجلس عشائر ديالى محسن الدهلكي لـ"العربي الجديد"، إن العنف المتصاعد في ديالى مقصود ولا يمكن فصله عن الأزمة السياسية حاليا، مبيناً في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أن "هناك مليشيات ومجاميع مسلحة غير تنظيم داعش الإرهابي متورطة بعمليات قتل وتفجير هدفها إجبار الناس على مغادرة مناطق محددة في ديالى تقع على مقربة من الحدود مع إيران، أو جعل ثمن منازلها وأراضيها الزراعية بخسة للغاية لصالح جهات محددة بطبيعة الحال".
وتابع "محافظة ديالى أكثر المحافظات التي تتصدر الفصائل المسلحة قرارها الأمني والسياسي والجيش والشرطة يتجنبون الاحتكاك معهم لذا فإن عودة عمليات داعش أيضاً قد تكون مقصودة من خلال فتح ثغرات لعناصرها للتسلل إلى أطراف المدن وتنفيذ عمليات أيضاً لتكون حجة أو ذريعة ليكون هناك رد فعل من فصائل مسلحة كعمليات الاعتقال أو إغلاق المدن وتفتيش المنازل أو حتى إخلائها".
وتبرر الجهات المسؤولة عن أمن المحافظة، تلك الخروقات، بقلة التخصيصات المالية المرصودة للمحافظة، إذ أكد النائب عن المحافظة، رياض التميمي، في بيان صحافي، إنه "تم عقد اجتماع أمني في مقر قيادة عمليات المحافظة، لبحث الخروقات الأمنية الأخيرة وسبل منعها"، مشيراً إلى أنه "تبين أن الخلل الأمني يتعلق بنقص الأموال لمقدمة للمحافظة، لمعالجة ملفها الأمني".
وحمّل الحكومة المركزية "مسؤولية هذا الإهمال الخطير"، مشيراً إلى أن "المحافظة بحاجة إلى تجهيزها بكاميرات مراقبة حرارية، وتوفير الدعم اللوجستي والمادي لأجهزتها الأمنية". وشهدت محافظة ديالى خلال العام الماضي، استقراراً أمنياً نسبياً، قياساً بالأعوام السابقة، التي كانت خلالها، في صدارة المحافظات التي تسجل عنفاً يومياً.