يفنّد برلمانيون مصريون لـ"العربي الجديد" المحاور السبعة لبرنامج الحكومة الجديدة، الذي طرحه رئيس الوزراء المصري، شريف إسماعيل أمام النواب، يوم الأحد. وجاءت هذه المحاور بالترتيب التالي: الحفاظ على الأمن القومي، وترسيخ البنية الديمقراطية وتدعيمها، والرؤية الاقتصادية، والعدالة الاجتماعية وخدمات المواطنين، والتنمية القطاعية، والإصلاح الإداري وآليات النزاهة والشفافية، والدور المصري على الأصعدة العربية والإفريقية والدولية.
في هذا السياق، يلفت النائب المستقل عن محافظة الجيزة، محمد إسماعيل، إلى تجاهل برنامج الحكومة للأمن القومي المائي، ممثّلاً في أزمة سد النهضة الإثيوبي إلّا في مواضيع محدودة، على الرغم من تصدّر "الأمن القومي" أولويات المحاور. ولم يتطرق لموضوع السدّ، على الرغم ممّا يمثله من تهديد مباشر على مصالح الأمن القومي المصري، إلّا في البند الأخير من محوره الأوّل، عندما تحدث بشكل عام وفضفاض عن "عدم المساس بحقوق مصر التاريخية في مياه النيل". وينتقد إسماعيل عدم وضع أولوية لأزمة سد النهضة في برنامج الحكومة، والاكتفاء في نهاية بيانها بعبارات مقتضبة وغامضة عن "مواصلة جهود تنفيذ توصيات لجنة الخبراء الدوليين بشأن آثار مشروع سد النهضة، ووضع المسارات البديلة للتحرك".
من جانبه، يقول النائب المستقل عن محافظة كفر الشيخ، أحمد الطنطاوي، إنّ محور الحكومة حول "ترسيخ البنية الديمقراطية" جاء إنشائياً بامتياز. ولم يضع البرنامج إجراءات واضحة أو منضبطة حول خطة الحكومة بشأنها. وتحدث عن إجراء انتخابات المجالس المحلية مع بداية عام 2017، والتحول نحو تطبيق اللامركزية، وهو ما تقوله الحكومات السابقة منذ عقود من دون تنفيذه على أرض الواقع، وفقاً للطنطاوي. ويشير البرلماني ذاته، إلى أن حديث الحكومة عن تعميق المشاركة السياسية للشباب لا يستوي مع إجهاض أجهزتها الأمنية لأي نشاط سياسي لهم، والزج بعدد كبير منهم في السجون على خلفيات سياسية.
من جهته، يشرح النائب المستقل عن العاصمة القاهرة، مدحت الشريف، كيفية عدم تضمّن الرؤية الاقتصادية مؤشرات أداء واضحة، أو جداول زمنية ربع أو نصف سنوية لمتابعة تنفيذ الوعود التي جاءت بها. كما غاب عن الحكومة، بحسب النائب، الوضوح حول خططها لخفض العجز في الموازنة العامة، والدين الداخلي والخارجي، أو الموارد التي ستموّل من خلالها برامجها، فضلاً عن إغفال استراتيجية الدولة لمكافحة الفساد.
اقرأ أيضاً مصر: السيسي يطالب النواب بالموافقة على برنامج الحكومة
بدوره، يقول عضو تكتل "25 – 30" البرلماني، هيثم الحريري، إنّ محور "العدالة الاجتماعية" جاء من دون هوية واضحة، مشيراً إلى رفع كفاءة الدعم، والحماية الاجتماعية، وإعادة توزيع الدخل لصالح الفئات والمناطق الأكثر احتياجاً، من دون تحديد آليات وصول الدعم لمستحقيه، خصوصاً مع إعلان رئيس الحكومة قبل أيام عن خروج نحو تسعة ملايين مواطن من غير مستحقي الدعم من بطاقات التموين، بعد انتهاء تنقيحها شهر إبريل/نيسان المقبل. ويوضح الحريري أنّ برنامج الحكومة لم يظهر انحيازاً لاتجاه بعينه، سواء كان رأسمالياً أو اشتراكياً. وعبّر البرنامج من خلال شعارات مستهلكة عن تطوير خدمات الصحة، والتعليم، والإسكان، وشبكات المياه، والصرف الصحي، بشكل يرضي النواب على اختلاف توجهاتهم، أملاً في الحصول على موافقتهم على برنامجها.
أما النائب المستقل عن محافظة المنيا، عمرو غلاب، فيشير إلى أن تنفيذ بنود محور "التنمية القطاعية" هو القياس الحقيقي لأداء الحكومة، لأنها ستسهم في خفض نسب البطالة، ومعدلات التضخم، مستدركاً حديثه بالقول، إنّ "بنود التوسع في المناطق والمجتمعات الصناعية، غابت عنها خطط الحكومة قصيرة المدى بشأنها، مع الاكتفاء بتعهدها بالانتهاء منها نهاية العام 2017/ 2018، فضلاً عن ربطها بخطة التنمية المستدامة لعام 2030.
نائب حزب التجمع، عبد الحميد كمال يرى أن محور "الإصلاح الإداري" لم يأت بجديد، لكون استراتيجية الدولة لمكافحة الفساد في الجهاز الإداري موجودة داخل أدراج الحكومة منذ أكثر من عشر سنوات من دون تفعيل، لغياب الإرادة لدى الحكومات المتعاقبة عن مواجهة ما سمّاها "دولة الفساد داخل المؤسسات الحكومية". ويؤكد، أن رؤية الحكومة القاصرة على وضع قانون بديل لـ"الخدمة المدنية"، الذي رفضه النواب في يناير/كانون الثاني الماضي، لا بدّ أن يراعي العدالة التي كانت غائبة في القانون الساقط، وعدم تمييز موظفين عن آخرين، فضلاً عن إجراءات تتسم بالشفافية في وضع قواعد التعيينات والترقيات وشغل المناصب القيادية.
ويعلّق النائب عن حزب المصريين الأحرار، حاتم باشات، على البيان، قائلاً إنّ تحقيق دور مصري رائد على الصعيد العربي والإفريقي، وتعزيزه على الصعيد الدولي لا يبنى من خلال الشعارات والكلمات الرنانة وحدها، كما جاء في محور البرنامج الحكومي. بل يجب مضاعفة الجهود الحكومية مع دول حوض النيل، في ظل خطورة أزمة سد النهضة، ووضع خطط وآليات محددة لتأمين احتياجات مصر من المنتجات البترولية من خلال الدور العربي المشترك، ودعم الاستقرار السياسي بدول الجوار، وتحسين صورة أوضاع حقوق الإنسان في داخل دول الاتحاد الأوروبي، وفقاً للباشات.
اقرأ أيضاً: بيان الحكومة المصرية..مبررات"مبارك"للأزمة الاقتصادية حاضرة