رسم الرئيس السوداني، عمر البشير، صورة مجهولة لمصير عملية التفاوض مع "الحركة الشعبية - قطاع الشمال" التي تقاتل الحكومة في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، بإعلانه رفض أي حوار ثنائي مع الحركة، فضلاً عن إبرام أية اتفاقية للترتيبات الأمنية معها، أو استيعاب أي من قواتها في القوات النظامية السودانية.
وتأتي تصريحات البشير في ظل تحركات دول غربية وأفريقية لإقناع الفرقاء السودانيين بالعودة لطاولة التفاوض، ووضع حد للاحتراب في المنطقتين ودارفور.
ووفق مصادر تحدّثت لـ"العربي الجديد"، فإن تحركات إقليمية ودولية تجري حالياً لعقد جولة من التفاوض بين الحركات المسلحة والحكومة في أديس أبابا نهاية الشهر الحالي، للتوقيع على ورقة لوقف العدائيات وإطلاق النار، تحمل مقترحات من الوساطة الأفريقية برئاسة ثامبو أمبيكي.
رغم ذلك، بدا الرئيس السوداني مصمماً على إغلاق ملف التفاوض مع الحركات المسلحة، وحثها في خطاب ألقاه في حشد من القوات المسلحة، أمس الأحد، على الانضمام لعملية الحوار الداخلية، والتوقيع على مخرجات الحوار والوثيقة الوطنية المنبثقة عنه، مشدداً على أنّه "لا حوار بعد اليوم، ومن أراد السلام فعليه أن يوقع على مخرجات الحوار والوثيقة الوطنية باعتبارها لبت كافة المطالب".
وقال إنه لن يقبل بإيجاد ترتيبات أمنية بالمنطقتين، كما تطلب "الحركة الشعبية"، فضلاً عن رفضه القاطع استيعاب مقاتلي الحركة في القوات النظامية.
ويرى مراقبون أن خطاب البشير المتشدد بشأن المفاوضات مؤشر على اقتراب عملية التفاوض، وأنها محاولة لإعلاء سقف الحكومة، للحد من إجبارها على تقديم تنازلات، معتبرين في الخطوة محاولة للضغط على المنظمات والقوى الأوروبية.
وقال المحلل السياسي أحمد ساتي إن الحكومة ليس أمامها خيار سوى التفاوض، لكنها تحاول فعل ذلك بأقل الخسائر، واعتبر حديثَ البشير بمثابة رسالة للحركة والقوى الغربية أنه بإمكانه رمي كل شيء خلفة في حال تكثيف الضغوطات عليه، والمضي قدماً في الحرب، لا سيما وأن الحكومة حاليّاً ترى أن ميزان القوى لصالحها، بالنظر إلى امتلاكها مفاتيح الضغط على المجتمع الغربي لتأثيراتها على الوضع في جنوب السودان وإثيوبيا وليبيا وإريتريا وأفريقيا الوسطى، إضافة لملف الهجرة غير الشرعية والإرهاب.
وأنهى مبعوثو دول "الترويكا" (أميركا وبريطانيا والنرويج) سلسلة اجتماعات مع "الحركة الشعبية" و"حركة تحرير السودان" و"حركة العدل والمساواة" بدأت الجمعة.
وبحسب بيان صادر عن "حركة تحرير السودان"، بقيادة مني اركو مناوي، فإن الاجتماعات ناقشت الأسباب التي تعيق إحراز تقدم في ملف التفاوض، فضلاً عن أنها بحثت مجمل الأوضاع في السودان، على ضوء مجهودات السلام فيما يتصل بالأوضاع الإنسانية، وتحسينها عبر التوقيع على اتفاق وقف العدائيات، كما حمّل البيان الحكومة في الخرطوم مسؤولية تعطيل عملية السلام.