وأكد المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه لـ"العربي الجديد" أنه على الرغم من أن المحكمة الدستورية العليا أوقفت حكم المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة، الذي قضى ببطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على الاتفاقية، حيث اعتبر البعض أن إيقاف حكم الإدارية يعطي مشروعية قانونية لمجلس النواب لإقرار الاتفاقية، إلا أنها لم تصدر حكماً نهائياً في موضوع دعوات منازعة التنفيذ التي أقامتها هيئة قضايا الدولة ممثلة عن الحكومة، وأقامها المحامي خالد علي وآخرون، وبالتالي فإن الاتفاقية يُعتبر أنها ما زالت منظورة أمام "الدستورية العليا" ولا يجوز للرئيس التصديق عليها.
وأوضح المصدر أن المادة الثالثة من الاتفاقية التي وقع عليها من الجانب المصري رئيس الوزراء شريف إسماعيل، ومن الجانب السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، تنص على التالي: "يتم التصديق على هذه الاتفاقية وفقاً للإجراءات القانونية والدستورية في كلا البلدين، وتدخل حيز النفاذ من تاريخ تبادل وثائق التصديق عليها". وهو الذي يتطلب ضرورة الانتظار حتى الانتهاء من الإجراءات القانونية والدستورية حتى يتسنى لرئيس الجمهورية التصديق عليها، مؤكداً أن عدم انتظار السيسي لتلك الإجراءات يعتبر مخالفة قانونية قد تؤدي في المستقبل إلى إبطال الاتفاقية. وصدق السيسي، ليلة أمس السبت، على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر، والسعودية، ليتم بمقتضاها التنازل للجانب السعودي عن جزيرتي تيران وصنافير، اللتين حكم القضاء، بمصريتهما.
وكان رئيس المحكمة الدستورية العليا، المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، أصدر "أمراً وقتياً" في الطلب العاجل في الدعوى رقم 12 لسنة 39 قضائية تنازع بوقف تنفيذ الحكمين الصادرين من المحكمة الإدارية العليا ومحكمة الأمور المستعجلة الخاص باتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية والمعروفة وذلك حتى تفصل في دستوريتها، إعمالاً للفقرة الثالثة من المادة 32 من قانون المحكمة الدستورية العليا.
وأشار نائب رئيس المحكمة الدستورية والمتحدث باسمها، المستشار رجب سليم، إلى أن أمر وقف التنفيذ جاء بناء على ما ورد بتقرير هيئة مفوضي المحكمة الدستورية، من توافر ركني الجدية والاستعجال في الطلب العاجل بوقف التنفيذ، موضحاً أن التقرير أفصح عن توافر ركني الجدية والاستعجال لـ"شبهة" التعدي على اختصاص السلطة التشريعية والسلطة النتفيذية من ممارسة وظيفتها الدستورية في مراقبة وتقييم إبرام الاتفاقية وموضوعها، على النحو الذي عينته المادة 151 من الدستور، مما يعد تغولاً على هاتين السلطتين، و"شبهة" العدوان على الاختصاص المنفرد للمحكمة الدستورية العليا.
وأضاف أن الظاهر من أوراق الدعوى رجح أن تقضي المحكمة الدستورية العليا بعدم الاعتداد بالحكمين المتناقضين، حال أنهما قد خالفا قواعد الاختصاص الولائي، بأن قضى أولهما باختصاص القضاء الإداري بنظر صحة توقيع ممثل الدولة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، حال كونه ممنوعاً من ذلك لأن التوقيع على المعاهدات الدولية من أعمال السيادة الخارجة عن رقابة القضاء، في حين قضى الثاني، في منازعة تنفيذ موضوعية، بعدم الاعتداد بحكم صادر من جهة القضاء الإداري، وهو الأمر المحظور عليه دستورياً بنص المادة 190 من الدستور.
وصدق السيسي، مساء أمس السبت، على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر، والسعودية.
ونشر الموقع الرسمي لرئاسة مجلس الوزراء، بياناً مقتضباً، قال فيه: "صدق السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية، بعد موافقة مجلس النواب عليها".
وكان لافتاً، أن الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية، لم ينشر القرار، وتولى ذلك موقع رئاسة مجلس الوزراء.
وأثارت موافقة مجلس النواب، يوم الأربعاء قبل الماضي، على الاتفاقية غضباً عارماً بين المصريين، والنقابات المهنية، والأحزاب والقوى السياسية المختلفة، حيث تم اعتقال أكثر من 150 ناشطاً سياسياً من تيارات سياسية مختلفة، بسبب تظاهرهم ضد تمرير الاتفاقية، بما يمثله من تحد للمصريين، بالتفريط في أرضهم.