التعنّت الرسمي برفض إجازة العرض إذاً، يُقابله تعنّت إنساني وسينمائي، بأولوية النقاش، وضرورة فتح الملفات كلّها. وهي ملفات خاصّة بأهوال حرب، ومآزق سلم، وارتباكات مراحل لبنانية، في مستويات العيش كلّه: الاجتماعي والحياتي والاقتصادي، لكن أيضًا وأولاً: الإنساني.
"بانوبتك" يروي، في مزيج الخاص بالعام، فصولاً من تلك الذاكرة، بما فيها من تساؤلات وحالات ومواقف، تبدأ من الذاتي (حكاية المخرجة مع والدها الراحل، الضابط السابق في الجيش اللبناني، ومع مسارات الحرب الأهلية والسلم الهشّ اللاحق بها)، وتكاد لا تنتهي عند العام (أحوال البلد، وأسئلة المبطّن والمغيَّب، وثنائية "فوق ـ تحت"، أي تحت الأرض وفوقها، وما تستدعيه من تساؤلات عن مفقودين وكوابيس وحزن ملتبس... إلخ.). وهذه فصول يبدو أن كثيرين في المؤسّسات الرسمية والطائفية ـ المذهبية والحزبية يرفضون تناولها، فيمنعون كلّ كلام عنها.
لهذا، قرّرت رنا عيد إتاحة فرصة، ولو ضئيلة، لكل مهتمّ بمشاهدة "بانوبتك"، كي يُشارك في طرح الأسئلة، وفي محاولة البحث عن أجوبة، في رحلة شاقّة تساهم في مزيد من التعرية المطلوبة، لكن الممنوعة، لأحوال البلد وناسه.