أعلن مهرجان "كانّ" السينمائي الدولي عن الأفلام التي ستتنافس على جائزة "السعفة الذهبية" في دورته الـ71 (8 ـ 19 مايو/ أيار 2018). من بين عدد من أهم مخرجي السينما، كالإيرانيين أصغر فرهادي وجعفر بناهي، والياباني هيروكازو كوريدا، والأميركي سبايك لي، والفرنسي جان ـ لوك غودار، كانت المفاجأة الحقيقية اختيار"يوم الدين" للمخرج المصري الشاب أبو بكر شوقي في المسابقة نفسها. جانب أساسي من المفاجأة يكمن في أن المسابقة الرسمية تعتمد، أحيانًا كثيرة، على مسيرة المخرج، التي تسمح له بمنافسة صفوة صناع السينما في العالم. إلقاء نظرة على المخرجين المصريين المنافسين يوضح الأمر: يوسف شاهين، بتاريخه الطويل، يبقى الاسم الأبرز. يسري نصر الله، بقيمته وتقديره في فرنسا، لم يصل إلى "المسابقة الرسمية" إلا بعد ربع قرن من صناعة الأفلام، من خلال "بعد الموقعة"، مدعومًا في ذلك من مسألة تناوله ثورة 25 يناير المصرية. لحظة كان العالم كله يريد فهم ما حدث.
المخرجون الجدد، مهما بلغت قيمة أفلامهم، فإنهم يُنافسون في أقسام أخرى، كـ"نظرة ما" و"نصف شهر المخرجين". هذا حاصلٌ مع عاطف الطيب في الثمانينيات الفائتة، ومحمد دياب بفضل "اشتباك"، قبل عامين. لذلك، فإن وجود فيلم أول لمخرج مصري في المسابقة الرسمية لـ"كانّ" حدث ضخم وكبير، من دون شكّ. ورغم أن أحدًا بالطبع لم يرَ الفيلم بعد، إلا أن المعلومات المتوفرة حتى الآن توحي أنه "مهمّ"، وأنه سيكون ملهِمًا، وسيُحدث فرقًا في تاريخ السينما المصرية، وربما في تعامل صناعها مع صناعتها.
أولاً، إنه فيلم بعيد كلّيًا عن السياسة. لا تُظهر قصّته أو الصُوَر المتوفرة منه أي مغازلة لـ"توقّعات" الغرب عن تلك المنطقة من العالم. هو ليس عن الثورة، كـ"بعد الموقعة" و"اشتباك"، ولا عن أمور متعلّقة بالنساء والمثلية الجنسية والإرهاب، وغيرها. فهذه كلمات "مفتاحية"، ومواضيع متكررة في الأفلام الآتية من الدول النامية، التي تنافس غيرها في محافل كبرى. "يوم الدين" يبدو أقرب إلى الأفلام الإيرانية في الثمانينيات والتسعينيات، تلك التي أخرجها عباس كياروستامي ومحسن مخملباف ومجيد مجيدي، وآخرون. يعتمد أبو بكر شوقي على خصوصية "العالم"، إذْ يختار ـ في "يوم الدين" ـ مستعمرة لمرضى الجذام، يُعزلون فيها عن المجتمع.
بعد إنجازه فيلمًا وثائقيّا عن المكان نفسه، عام 2009، بعنوان "المستعمرة"، ظلّت أجواء المكان هذا قريبة منه، ليعود إليها في فيلمه الروائي الأول، جاعلاً الشخصية الأساسية للفيلم مريض تعرّف إليه هناك منذ عشرة أعوام، وإلى جانبه طفل صغير. هذا تشابه آخر مع السينما الإيرانية، حيث الاعتماد على شخصيات حقيقية وممثلين غير محترفين. كذلك الدمج بين الوثائقي والروائي في الأحداث الدرامية، إلى درجة العجز عن معرفة ما هو المُتخيّل وما هو الواقعي. التشابه الآخر يكمن في "الأجواء المحلية"، التي تميّز، دائمًا، أفلام مخرجين إيرانيين، والتي تمنحها طبيعة بصرية مختلفة. في "يوم الدين"، يرتكز شوقي على "رحلة طريق" بين بطليه (الطفل والمُصاب بالجذام) عبر طرق عديدة، بحثًا عن عائلة المريض التي تخلّت عنه وهو صغير، مستفيدًا من صورة مصرية خالصة وغير مكررة.
اقــرأ أيضاً
المخرجون الجدد، مهما بلغت قيمة أفلامهم، فإنهم يُنافسون في أقسام أخرى، كـ"نظرة ما" و"نصف شهر المخرجين". هذا حاصلٌ مع عاطف الطيب في الثمانينيات الفائتة، ومحمد دياب بفضل "اشتباك"، قبل عامين. لذلك، فإن وجود فيلم أول لمخرج مصري في المسابقة الرسمية لـ"كانّ" حدث ضخم وكبير، من دون شكّ. ورغم أن أحدًا بالطبع لم يرَ الفيلم بعد، إلا أن المعلومات المتوفرة حتى الآن توحي أنه "مهمّ"، وأنه سيكون ملهِمًا، وسيُحدث فرقًا في تاريخ السينما المصرية، وربما في تعامل صناعها مع صناعتها.
أولاً، إنه فيلم بعيد كلّيًا عن السياسة. لا تُظهر قصّته أو الصُوَر المتوفرة منه أي مغازلة لـ"توقّعات" الغرب عن تلك المنطقة من العالم. هو ليس عن الثورة، كـ"بعد الموقعة" و"اشتباك"، ولا عن أمور متعلّقة بالنساء والمثلية الجنسية والإرهاب، وغيرها. فهذه كلمات "مفتاحية"، ومواضيع متكررة في الأفلام الآتية من الدول النامية، التي تنافس غيرها في محافل كبرى. "يوم الدين" يبدو أقرب إلى الأفلام الإيرانية في الثمانينيات والتسعينيات، تلك التي أخرجها عباس كياروستامي ومحسن مخملباف ومجيد مجيدي، وآخرون. يعتمد أبو بكر شوقي على خصوصية "العالم"، إذْ يختار ـ في "يوم الدين" ـ مستعمرة لمرضى الجذام، يُعزلون فيها عن المجتمع.
بعد إنجازه فيلمًا وثائقيّا عن المكان نفسه، عام 2009، بعنوان "المستعمرة"، ظلّت أجواء المكان هذا قريبة منه، ليعود إليها في فيلمه الروائي الأول، جاعلاً الشخصية الأساسية للفيلم مريض تعرّف إليه هناك منذ عشرة أعوام، وإلى جانبه طفل صغير. هذا تشابه آخر مع السينما الإيرانية، حيث الاعتماد على شخصيات حقيقية وممثلين غير محترفين. كذلك الدمج بين الوثائقي والروائي في الأحداث الدرامية، إلى درجة العجز عن معرفة ما هو المُتخيّل وما هو الواقعي. التشابه الآخر يكمن في "الأجواء المحلية"، التي تميّز، دائمًا، أفلام مخرجين إيرانيين، والتي تمنحها طبيعة بصرية مختلفة. في "يوم الدين"، يرتكز شوقي على "رحلة طريق" بين بطليه (الطفل والمُصاب بالجذام) عبر طرق عديدة، بحثًا عن عائلة المريض التي تخلّت عنه وهو صغير، مستفيدًا من صورة مصرية خالصة وغير مكررة.
الأمر الملهم الأخير في الفيلم، تنفيذه في 6 أعوام كاملة، بميزانية منخفضة جدًا، ومن دون منتج، باستثناء أبو بكر شوقي وزوجته، وشريكته في العمل دينا سالم. هؤلاء صنعوا الفيلم ببطء، ومن دون أي ضجيج.