منذ عشر سنوات يتخذ المواطن الفلسطيني توفيق عسقلان "أبو أحمد" (53 عاما)، وهو من سكان مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، من إنتاج حلوى "الطمرية" أو (التمرية) وبيعها مصدر دخل له ولعائلته، رغم أنه يتقن صناعة حلويات أخرى، لكن "الطمرية" بالنسبة له تراث لمدينته نابلس، ضمن عادات خاصة عرفتها المدينة وأهلها منذ قديم الزمان.
أبو أحمد يتفاخر بتعلمه صناعة "الطمرية" من الحاج نديم السايح وهو أحد أعلام نابلس في إتقان وصناعة "الطمرية"، فيما يتخذ "أبو أحمد" من محل صغير مبني من الصفيح، يقع على مدخل أحد أسواق الخضار الشعبية في مدينة نابلس، مركزا لصناعة هذه الحلوى وبيعها، بعدما تنقل في أماكن مختلفة من أسواق المدينة، يأتيه الناس لشرائها وكذلك من بعض القرى وحتى مدن وبلدات فلسطينية في الضفة الغربية والداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، خاصة أنها حلوى يتميز أهالي نابلس بصناعتها وتناولها رغم وجود عدد قليل ممن يصنعونها في الضفة الغربية لكن نابلس متميزة بإنتاجها، كما يقول أبو أحمد لـ"العربي الجديد".
يتناول أهالي نابلس "الطمرية" ضمن تقاليد معينة وخاصة في الصباح كوجبة إفطار يومية أو في صباحية الأعراس والمناسبات، بينما يحجز الأهالي قبل أيام طلبيات من "الطمرية" بكميات كبيرة قد تصل إلى 80 أو مائة قطعة، كي يتناولوها في إفطارهم بيوم الجمعة من كل أسبوع، فهذه الوجبة أساسية يعرفها الكبير والصغير في نابلس، ويقول أبو أحمد ممازحا: "لو تم فحص جينات أهل نابلس لوجدت فيها (طمرية)، هي وجبة أساسية وتعتبر مسحة زور صباحية في عرف أهالي نابلس".
تتكون "الطمرية" من عجين دقيق القمح، و"البالوظة" وهي نوع من الحلوى المصنوع من السميد والنشا والسكر والماء ويضاف لها إما ماء الزهر أو المستكة، لكن المستكة تضفي لها طعما خاصا، بعد ذلك ترقق العجينة وتقسم البالوظة إلى قطع ويتم وضعها بداخل العجينة وتهرس وتطوى عليها العجينة على شكل مربع، وبعدها تلقى في الزيت أو "تطمر" لقليها، ومن هنا أصل تسميتها بـ"الطمرية"، وبعد ذلك تصفى من الزيت قدر الإمكان، وتصبح جاهزة للأكل بطعمها الشهي، أما قلي قطع "الطمرية" فيكون بحسب الطلب والتوصية من قبل الزبائن الذين يفضلونها ساخنة.
منذ 50 عاما وأيمن شلهوب من سكان نابلس يعتاد على تناول "الطمرية"، ويحرص باستمرار على شرائها كلما كانت هناك فرصة لنزوله إلى السوق، بل إن أبناءه يطلبونها منه، فهي وجبة حلوى لذيذة وتراث بالنسبة له، كما يشير في حديث مع "العربي الجديد"، في حين، تفضل كاميليا الترتير من سكان مدينة نابلس شراء "الطمرية" من السوق، رغم أنها تعدها في منزلها، كما اعتادت ذلك عن والدتها، لكن جودة "الطمرية" المعدة في الأسواق تدفعها لشرائها جاهزة، فهي وجبة إفطار لها ولأبنائها خاصة أيام العطل، فإنهم ينتظرونها لكي تكون وجبة إفطار بديلة لدى أولادها، تقول كاميليا لـ"العربي الجديد".
ولا يقتصر تناول "الطمرية" وتفضيلها على بعض الحلويات لدى أهالي مدينة نابلس، إذ توجد بعض العائلات في القرى والمدن المجاورة تحرص على تناولها، إذ يؤكد رباح خطاطبة وهو من سكان بلدة بيت فوريك شرق نابلس، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه من الحريصين على شراء "الطمرية" كلما حانت الفرصة له بالذهاب إلى سوق نابلس، فـ"الطمرية" بالنسبة له أفضل من بقية الحلويات، ويوصي عليها في بعض الأحيان من أجل أن تتناولها عائلته.
حرفة إعداد "الطمرية" كانت منتشرة بشكل واسع في أسواق مدينة نابلس القديمة، أما الآن فيوجد نحو 15 شخصا فقط ينتجونها في محلاتهم وبسطاتهم المنتشرة في أسواق نابلس وبلدتها القديمة، أما نضال عرفات (47 عاما)، وهو من سكان مدينة نابلس، ويمتلك بسطة لإنتاج "الطمرية" بالقرب من ميدان الشهداء وسط مدينة نابلس، فوجد في صناعة "الطمرية" وإنتاجها مهنة له منذ 30 عاما وحتى اليوم.
يتنقل نضال ببسطته في أسواق مدينة نابلس الشعبية، بحسب ما تسمح له البلدية بذلك، أما استقراره في محل بدلا من تنقله في بسطته، فإن ذلك مرهون بالظروف التي لا تساعد نضال، علاوة على أن الطمرية غير منتشرة في محال الحلويات، كونها بحاجة لصناعة يدوية وليس باستخدام الماكينات، كما يوضح لـ"العربي الجديد".
نضال وهو أسير محرر وجريح منذ الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي اندلعت عام 1987، وأمضى في سجون الاحتلال الإسرائيلي نحو خمس سنوات، يجد في مهنته مصدر دخل كافٍ يغنيه عن الوظيفة، فقد تعلم صناعة "الطمرية" عن والده المرحوم، حينما كان يعمل "حلونجي"، أما والده فقد تعلمها عن جده، فصناعة "الطمرية" تراث قديم بالنسبة لأهالي نابلس، الذين يفضلون تناولها في الصباح وساخنة، إذ يفتح نضال بسطته بعد فجر كل يوم، ويبدأ بعد ذلك نهار عمله، ويتوافد عليه زبائنه وهم في غالبيتهم من أهالي مدينة نابلس.
وضاح البلبل من مدينة نابلس، يعمل بصناعة "الطمرية" منذ 28 عاما، يواظب على إنتاج "الطمرية" في محله المفتوح في بلدة نابلس القديمة منذ 60 عاما، حيث كان والد وضاح يعمل "حلونجيا"، ويقلي وضاح قطع "الطمرية" بحسب طلبات الزبائن، ويقول لـ"العربي الجديد"، "كل مهنة فيها تعب، لكن هذه المهنة مصدر دخل لي، ولم أفكر أن أبتعد عنها يوما ما".
رغم انتشارها في العديد من المناطق الفلسطينية، إلا أن تفرد مدينة نابلس بإنتاجها بشكل كثير جعل "الطمرية" جزءا من حلويات نابلس المشهورة، حيث يوجد الآن نحو 15 محلا وبسطة لإنتاج "الطمرية" منتشرة في أسواق نابلس الشعبية وبلدتها القديمة، وهي زهيدة الثمن تبلغ سعر القطعة الواحدة منها ما بين (ربع دولار إلى أكثر من نصف دولار).
ويوضح عبد الله كلبونة من سكان مدينة نابلس، وهو خبير في الآثار وباحث في التراث، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "(الطمرية) قديمة تعود للعصر العباسي، واعتاد أهالي نابلس على إعدادها وتناولها منذ مئات السنين كتراث ما زال قائما حتى أيامنا هذه".
ووفق كلبونة، فإن تسمية "الطمرية" بهذا الاسم، يعود لطمرها بالزيت بشكل كامل، إذ عرف العرب تسمية بعض الأشياء نظرا لحركتها وأشكالها وأفعالها، و"الطمرية" كما في حركتها تطمر بالزيت، من طمر الشيء أي غطاه، وهي ليست مأخوذة من التمر كما يعتقد الكثيرون.
أما موطنها، فإن الباحث والخبير كلبونة يعتقد أن بلاد الشام متشابهة بعاداتها وتقاليدها، وأصل "الطمرية" قد يعود إلى موطنها الأصلي في دمشق، ثم أخذت نابلس هذه الحلوى بعاداتها بتناولها الصباحي، كون نابلس كانت تسمى "دمشق الصغرى" وتربط المدينة علاقات أسرية وعادات مع دمشق السورية منذ القدم.
اقــرأ أيضاً
يتناول أهالي نابلس "الطمرية" ضمن تقاليد معينة وخاصة في الصباح كوجبة إفطار يومية أو في صباحية الأعراس والمناسبات، بينما يحجز الأهالي قبل أيام طلبيات من "الطمرية" بكميات كبيرة قد تصل إلى 80 أو مائة قطعة، كي يتناولوها في إفطارهم بيوم الجمعة من كل أسبوع، فهذه الوجبة أساسية يعرفها الكبير والصغير في نابلس، ويقول أبو أحمد ممازحا: "لو تم فحص جينات أهل نابلس لوجدت فيها (طمرية)، هي وجبة أساسية وتعتبر مسحة زور صباحية في عرف أهالي نابلس".
تتكون "الطمرية" من عجين دقيق القمح، و"البالوظة" وهي نوع من الحلوى المصنوع من السميد والنشا والسكر والماء ويضاف لها إما ماء الزهر أو المستكة، لكن المستكة تضفي لها طعما خاصا، بعد ذلك ترقق العجينة وتقسم البالوظة إلى قطع ويتم وضعها بداخل العجينة وتهرس وتطوى عليها العجينة على شكل مربع، وبعدها تلقى في الزيت أو "تطمر" لقليها، ومن هنا أصل تسميتها بـ"الطمرية"، وبعد ذلك تصفى من الزيت قدر الإمكان، وتصبح جاهزة للأكل بطعمها الشهي، أما قلي قطع "الطمرية" فيكون بحسب الطلب والتوصية من قبل الزبائن الذين يفضلونها ساخنة.
منذ 50 عاما وأيمن شلهوب من سكان نابلس يعتاد على تناول "الطمرية"، ويحرص باستمرار على شرائها كلما كانت هناك فرصة لنزوله إلى السوق، بل إن أبناءه يطلبونها منه، فهي وجبة حلوى لذيذة وتراث بالنسبة له، كما يشير في حديث مع "العربي الجديد"، في حين، تفضل كاميليا الترتير من سكان مدينة نابلس شراء "الطمرية" من السوق، رغم أنها تعدها في منزلها، كما اعتادت ذلك عن والدتها، لكن جودة "الطمرية" المعدة في الأسواق تدفعها لشرائها جاهزة، فهي وجبة إفطار لها ولأبنائها خاصة أيام العطل، فإنهم ينتظرونها لكي تكون وجبة إفطار بديلة لدى أولادها، تقول كاميليا لـ"العربي الجديد".
ولا يقتصر تناول "الطمرية" وتفضيلها على بعض الحلويات لدى أهالي مدينة نابلس، إذ توجد بعض العائلات في القرى والمدن المجاورة تحرص على تناولها، إذ يؤكد رباح خطاطبة وهو من سكان بلدة بيت فوريك شرق نابلس، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه من الحريصين على شراء "الطمرية" كلما حانت الفرصة له بالذهاب إلى سوق نابلس، فـ"الطمرية" بالنسبة له أفضل من بقية الحلويات، ويوصي عليها في بعض الأحيان من أجل أن تتناولها عائلته.
حرفة إعداد "الطمرية" كانت منتشرة بشكل واسع في أسواق مدينة نابلس القديمة، أما الآن فيوجد نحو 15 شخصا فقط ينتجونها في محلاتهم وبسطاتهم المنتشرة في أسواق نابلس وبلدتها القديمة، أما نضال عرفات (47 عاما)، وهو من سكان مدينة نابلس، ويمتلك بسطة لإنتاج "الطمرية" بالقرب من ميدان الشهداء وسط مدينة نابلس، فوجد في صناعة "الطمرية" وإنتاجها مهنة له منذ 30 عاما وحتى اليوم.
يتنقل نضال ببسطته في أسواق مدينة نابلس الشعبية، بحسب ما تسمح له البلدية بذلك، أما استقراره في محل بدلا من تنقله في بسطته، فإن ذلك مرهون بالظروف التي لا تساعد نضال، علاوة على أن الطمرية غير منتشرة في محال الحلويات، كونها بحاجة لصناعة يدوية وليس باستخدام الماكينات، كما يوضح لـ"العربي الجديد".
نضال وهو أسير محرر وجريح منذ الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي اندلعت عام 1987، وأمضى في سجون الاحتلال الإسرائيلي نحو خمس سنوات، يجد في مهنته مصدر دخل كافٍ يغنيه عن الوظيفة، فقد تعلم صناعة "الطمرية" عن والده المرحوم، حينما كان يعمل "حلونجي"، أما والده فقد تعلمها عن جده، فصناعة "الطمرية" تراث قديم بالنسبة لأهالي نابلس، الذين يفضلون تناولها في الصباح وساخنة، إذ يفتح نضال بسطته بعد فجر كل يوم، ويبدأ بعد ذلك نهار عمله، ويتوافد عليه زبائنه وهم في غالبيتهم من أهالي مدينة نابلس.
وضاح البلبل من مدينة نابلس، يعمل بصناعة "الطمرية" منذ 28 عاما، يواظب على إنتاج "الطمرية" في محله المفتوح في بلدة نابلس القديمة منذ 60 عاما، حيث كان والد وضاح يعمل "حلونجيا"، ويقلي وضاح قطع "الطمرية" بحسب طلبات الزبائن، ويقول لـ"العربي الجديد"، "كل مهنة فيها تعب، لكن هذه المهنة مصدر دخل لي، ولم أفكر أن أبتعد عنها يوما ما".
رغم انتشارها في العديد من المناطق الفلسطينية، إلا أن تفرد مدينة نابلس بإنتاجها بشكل كثير جعل "الطمرية" جزءا من حلويات نابلس المشهورة، حيث يوجد الآن نحو 15 محلا وبسطة لإنتاج "الطمرية" منتشرة في أسواق نابلس الشعبية وبلدتها القديمة، وهي زهيدة الثمن تبلغ سعر القطعة الواحدة منها ما بين (ربع دولار إلى أكثر من نصف دولار).
ويوضح عبد الله كلبونة من سكان مدينة نابلس، وهو خبير في الآثار وباحث في التراث، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "(الطمرية) قديمة تعود للعصر العباسي، واعتاد أهالي نابلس على إعدادها وتناولها منذ مئات السنين كتراث ما زال قائما حتى أيامنا هذه".
ووفق كلبونة، فإن تسمية "الطمرية" بهذا الاسم، يعود لطمرها بالزيت بشكل كامل، إذ عرف العرب تسمية بعض الأشياء نظرا لحركتها وأشكالها وأفعالها، و"الطمرية" كما في حركتها تطمر بالزيت، من طمر الشيء أي غطاه، وهي ليست مأخوذة من التمر كما يعتقد الكثيرون.
أما موطنها، فإن الباحث والخبير كلبونة يعتقد أن بلاد الشام متشابهة بعاداتها وتقاليدها، وأصل "الطمرية" قد يعود إلى موطنها الأصلي في دمشق، ثم أخذت نابلس هذه الحلوى بعاداتها بتناولها الصباحي، كون نابلس كانت تسمى "دمشق الصغرى" وتربط المدينة علاقات أسرية وعادات مع دمشق السورية منذ القدم.