لم تحمل سنة 2018 أي جديد على صعيد الغناء؛ إذ لا يزال معظم الفنانين في العالم العربي يحاربون على أكثر من جبهة. محاولات من أجل البقاء، في مواجهة عصر الميديا البديلة، والمنصّات الإلكترونية والهواتف الذكية. ثمّة استسهال في بعض الإصدارات الغنائيّة، وابتعاد عن التوزيع الموسيقي والتقنيات العالية، بهدف التوفير الذي يلعب دورًا كبيرًا هو أيضًا.
"روتانا" تعاود إحياء ماضيها، وتصاهر شركة "ديزر" الفرنسية، لعلها تعيد جزءًا من وجودها وسيطرتها لسنوات على عقود الإنتاج الغنائية العربية. لكن السباق الإلكتروني بالمرصاد. ثمة محاولات بائسة من قبل شركات الإنتاج لحصر المحتوى الغنائي العربي عبر منصّة مدفوعة سلفًا، لكن غير حصرية. الأغاني لا تزال مُستنسخة على مواقع وصفحات تعرضها مجانًا من دون أي مقابل. في الوقت نفسه، تحقق أغنية تُصنف "شعبية"، نسبة مرتفعة من المشاهدات والاستماع، وترسم مستقبل مغنيها.
مفاجآت كثيرة حفل بها 2018. مجموعة من المغنين سيطروا على مواقع التواصل، وحققوا ملايين المستمعين، في آب/أغسطس عام 2018، ظهر المغني حمو بيكا في صور وفيديوهات، وأثار جدلاً كبيرًا بين نشطاء "السوشيال ميديا".
حمو بيكا مغني مهرجانات شعبية، وموجود في هذا المجال منذ فترة طويلة، ولكن لم يحظ بهذا الكم من الشهرة إلا مؤخراً، بعد صدور ألبومه الأخير "المنفرد في الساحة". وتبلغ عدد أغانيه 40 أغنية كاملة، مع مغني المهرجانات الشعبية.
وأطلق حمو، أول 10 أغنيات من ألبومه الجديد، أول أيام عيد الأضحى. واستطاع، خلال أيام قليلة، تصدّر مُحركات البحث على موقع الفيديوهات الشهير يوتيوب، داخل مصر. وليس بعيداً، حقق السوري حازم الصدير (17 عاماً من حمص في سورية)، نسبة استماع لأغنيته "شعراتا ولو" تجاوزت المائة مليون مستمع على محمّل "يوتيوب" وحده.
عمرو دياب
عاد عمرو دياب هذه السنة بألبوم "كل حياتي"، الذي تضمّن 13 أغنية. يكمل عمرو دياب في الخطّ نفسه، لا جديد موسيقياً ولا "لحنياً" في الألبوم. محاولات تسويق تعتمد على أخبار "الهضبة" الشخصية، أكثر من الأسلوب الموسيقي للألبوم نفسه، والكلمات المكررة في الأغاني. الواضح، أنّ دياب باع إنتاجه، مقابل مزيد من العائدات المالية، بعد تراجع قدرة شركات الإنتاج العربية على التسويق لأغنية واحدة، فما بالنا بألبوم يتضمن 13 أغنية؟
شيرين
وعادت المغنية المصرية شيرين في ألبوم "نساي"، وهو مكون من 12 أغنية في ألبوم واحد. اعتمدت شيرين على أسلوبها الغنائي. موسيقيًا، حاولت استنساخ بعض الألوان الغنائية، كما حصل في الأغنية العنوان "نساي". موسيقى أندلسية تداخلت مع أجواء إيقاعية قريبة من الأذن. نجحت الأغنية جيداً وزادها "الكليب" المُصور بطريقته البسيطة. فيما تأتي باقي الأغاني مكررة على صعيد اللحن، وحتى الكلمات. والواضح أنّ شيرين اختارت بعض المفردات الجديدة، أو تلك "المستفزة"، مثال أغنية "تاج راسك" التي لاقت انتقاداً واسعًا من قبل المتابعين على مواقع التواصل، والسؤال عن معنى "تاج راسك"، وما الدافع لكل هذا الغلو في نص أو مفردات أغنية لا تتجاوز مدتها أربع دقائق.
إليسا
يعتبر ألبوم إليسا "إلى كل اللي بيحبوني" الأول لبنانيًا. إليسا لم تجدد كثيراً في أسلوبها الغنائي، لكنها نجحت في اختيار بعض الأغاني التي تنقل تفاصيل أو مواجهات امرأة. اعتادت إليسا على هذا النمط، وهنا يكمن ربما سر نجاحها كل سنتين في إصدار غنائي كامل. ولو أن التوزيع الموسيقي يبدو "فقيراً" في معظم أغاني "إلى كل اللي بيحبوني".
عينة بسيطة من إصدارات 2018 تؤكد ضياع السوق الغنائي، والاستسهال الذي يُشكل تراجعًا في نوعية الموسيقى التي تسيطر على الذوق العام، ولا تضع معياراً لهذا الإنتاج.