بعد أيام من التهديدات، خفتت المطالبات بمنع عرض فيلم "ذا بوست" للمخرج الأميركي ستيفن سبيلبرغ في لبنان. بدأ العرض يوم الخميس الماضي، ويتواصل وسط إقبال جماهيري كبير جداً، في مختلف الصالات اللبنانية، رغم موجة الاعتراض التي عبّر عنها ناشطون يساريون مُقربون من "حزب الله" وينشطون في إطار حملات "المقاطعة الثقافية لإسرائيل".
وقد بدأ عرض الفيلم يوم الخميس الماضي في صالات "غراند سينما" و"أمبير" و"فوكس" و"سيني مول" و"سينما سيتي" و"سينما ستار غايت" في مواعيد العرض العادية، رغم تهديد بعض الإعلاميين المُقرّبين من الحزب بـ"منع عرض الفيلم بالقوة"، وذلك بعد أن تم الكشف عن دعم سبيلبرغ لدولة الاحتلال الإسرائيلي بمبلغ مليون دولار أميركي خلال اعتدائها على لبنان عام 2006.
بداية الجدل حول الفيلم انطلقت مع دعوة بعض الناشطين في حملات مقاطعة إسرائيل، ومنهم سماح إدريس، لمنع عرض الفيلم في لبنان نظرا لمواقف سبيلبرغ من الصراع العربي - الإسرائيلي. وقد انتقل السجال بين الناشطين على مواقع التواصل حول أحقية العرض أو المنع، إلى طاولة مجلس الوزراء الذي اجتمع في 18 الجاري. وشهدت الجلسة نقاشا مطولا بين ممثل "الحزب القومي السوري الاجتماعي" (أحد حلفاء النظام السوري في لبنان) وزير الدولة لشؤون مجلس النواب علي قانصوه، وبين وزير الإعلام ملحم رياشي، وهو أحد ممثلي "حزب القوات اللبنانية" في الحكومة. ووصف رياشي طرح قانصوه بمنع عرض الفيلم بـ"اللغة الخشبية التي يجب التعامل معها بوضوح وتشكيل لجنة لتوضيح مثل هذه الإجراءات (منع عرض الأفلام)، لأنه من غير المقبول أن تمنع أفلاماً أو فنانين إذا كانوا قد غنّوا في إسرائيل".
وهو ما ردّ عليه قانصوه بمحاولة لعزل موقف رياشي، بالقول إنه "لا أحد في الحكومة يقول مثل هذا الكلام". عندها تدخل وزير الخارجية جبران باسيل، ودافع عن موقف رياشي، مُعتبراً أنه "لا يمكن التعاطي بهذه الطريقة مع هكذا أمور"، وأكد أن مثل هذه الدعوات تعني عملياً "مقاطعة وإقفال الكثير من المحال والشركات التجارية". وقد حسم توقيع وزير الداخلية نهاد المشنوق (صاحب سلطة الوصاية على جهاز الأمن العام المُكلّف بإصدار أذونات العرض والنشر للمنتجات الفنية والثقافية)، النقاش، وسمح بعرض الفيلم.
نصرالله ضد سبيلبرغ
وما أشعل النقاش كان خطاب أمين عام حزب الله، حسن نصرالله، الذي طالب بمنع عرض العمل، في خطابه الأخير، بسبب دعم سبيلبرغ للاحتلال الإسرائيلي مالياً عام 2006، معلناً أنه يضع هذا الملف في عهدة الرؤساء الثلاثة في لبنان. وانطلق بعدها وسم #لن_يعرض_في_لبنان، فكرر الناشطون كلام نصرالله مؤكدين أن من يشارك في مشاهدة الفيلم هو كمن يقتل اللبنانيين، مهددين بمنع العرض تحت أي مسمّى أو حجة.
في المقابل، أكد ناشطون آخرون أنّ منع فيلم لسبيلبرغ حالياً بعد عرض كل أفلامه في لبنان يعتبر مضحكاً وغير مفهوم. وأكدوا أنه في حال لم يسمح لبنان بعرض الفيلم، فسيكون خاضعاً لسلطة حزب الله وقراراته، لينتهي النقاش بالسماح بعرض العمل.
قصة الفيلم
ويتناول الفيلم قصة النقاش القانوني والأخلاقي الذي يخوضه مالكو صحيفتي "نيويورك تايمز" و"ذا واشنطن بوست" حول نشر دراسة سرية تم تسريبها عن توقعات الإدارة الأميركية لمسار الحرب في فيتنام، وإصرار الإدارات المُختلفة لثلاثة رؤساء جمهورية على استكمال الحرب رغم إجماع التقديرات على عدم إمكانية تحقيق انتصار عسكري هناك. وبينما يقاضي الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون ناشري "التايمز"، تنضم "ذا بوست" إلى حلبة الدفاع عن حرية النشر في الولايات المُتحدة وتستكمل نشر التسريبات، قبل أن تنضم إليها مُختلف الصحف المحلية في العديد من الولايات المُتحدة الأميركية.
ويطرح الفيلم، كما العديد من أفلام سبيلبرغ، ردود فعل متناقضة بين المُتابعين الذين يتلقون رسائل الأفلام بطرق مُختلفة. ولعل أبرز مثلين على هذا التناقض هو الاتهامات المُتناقضة التي تلقاها المُخرج الاميركي اليهودي بعد إخراجه فيلم "ميونخ" الذي يتناول عملية المقاومة الفلسطينية التي استهدفت الفريق الرياضي الإسرائيلي المُشارك في أومبياد ميونخ عام 1972 (أُنتج الفيلم عام 2005)، واتُهم سبيلبرغ يومها بالترويج لوجهة النظر الفلسطينية في الفيلم من قبل بعض اللوبيات اليهودية في الولايات المُتحدة، بينما رفضته شريحة عربية واسعة بسبب خلفيته السياسية الداعمة لإسرائيل.
وفي ظل عدم وجود موقف رسمي مُوحّد من موضوع منع مشاركة فنانين دعموا أو زاروا إسرائيل من عرض أعمالهم في لبنان أو زيارته، يبقى الخلاف مفتوحاً بين طرفي النزاع في هذا الملف. والجدير ذكره أن لبنان سجّل في الآونة الأخيرة إعادة تموضع سياسي بعد انتخاب الرئيس ميشال عون، وبات أقرب إلى المحور الإيراني منه إلى المحيط العربي المأزوم. واستتبع ذلك سلسلة إجراءات رسمية على شكل استدعاء ناشطين وصحافيين للتحقيق، ومنع عرض أفلام سينمائية عالمية في دور العرض المحلية.
اقــرأ أيضاً
بداية الجدل حول الفيلم انطلقت مع دعوة بعض الناشطين في حملات مقاطعة إسرائيل، ومنهم سماح إدريس، لمنع عرض الفيلم في لبنان نظرا لمواقف سبيلبرغ من الصراع العربي - الإسرائيلي. وقد انتقل السجال بين الناشطين على مواقع التواصل حول أحقية العرض أو المنع، إلى طاولة مجلس الوزراء الذي اجتمع في 18 الجاري. وشهدت الجلسة نقاشا مطولا بين ممثل "الحزب القومي السوري الاجتماعي" (أحد حلفاء النظام السوري في لبنان) وزير الدولة لشؤون مجلس النواب علي قانصوه، وبين وزير الإعلام ملحم رياشي، وهو أحد ممثلي "حزب القوات اللبنانية" في الحكومة. ووصف رياشي طرح قانصوه بمنع عرض الفيلم بـ"اللغة الخشبية التي يجب التعامل معها بوضوح وتشكيل لجنة لتوضيح مثل هذه الإجراءات (منع عرض الأفلام)، لأنه من غير المقبول أن تمنع أفلاماً أو فنانين إذا كانوا قد غنّوا في إسرائيل".
وهو ما ردّ عليه قانصوه بمحاولة لعزل موقف رياشي، بالقول إنه "لا أحد في الحكومة يقول مثل هذا الكلام". عندها تدخل وزير الخارجية جبران باسيل، ودافع عن موقف رياشي، مُعتبراً أنه "لا يمكن التعاطي بهذه الطريقة مع هكذا أمور"، وأكد أن مثل هذه الدعوات تعني عملياً "مقاطعة وإقفال الكثير من المحال والشركات التجارية". وقد حسم توقيع وزير الداخلية نهاد المشنوق (صاحب سلطة الوصاية على جهاز الأمن العام المُكلّف بإصدار أذونات العرض والنشر للمنتجات الفنية والثقافية)، النقاش، وسمح بعرض الفيلم.
نصرالله ضد سبيلبرغ
وما أشعل النقاش كان خطاب أمين عام حزب الله، حسن نصرالله، الذي طالب بمنع عرض العمل، في خطابه الأخير، بسبب دعم سبيلبرغ للاحتلال الإسرائيلي مالياً عام 2006، معلناً أنه يضع هذا الملف في عهدة الرؤساء الثلاثة في لبنان. وانطلق بعدها وسم #لن_يعرض_في_لبنان، فكرر الناشطون كلام نصرالله مؤكدين أن من يشارك في مشاهدة الفيلم هو كمن يقتل اللبنانيين، مهددين بمنع العرض تحت أي مسمّى أو حجة.
في المقابل، أكد ناشطون آخرون أنّ منع فيلم لسبيلبرغ حالياً بعد عرض كل أفلامه في لبنان يعتبر مضحكاً وغير مفهوم. وأكدوا أنه في حال لم يسمح لبنان بعرض الفيلم، فسيكون خاضعاً لسلطة حزب الله وقراراته، لينتهي النقاش بالسماح بعرض العمل.
قصة الفيلم
ويتناول الفيلم قصة النقاش القانوني والأخلاقي الذي يخوضه مالكو صحيفتي "نيويورك تايمز" و"ذا واشنطن بوست" حول نشر دراسة سرية تم تسريبها عن توقعات الإدارة الأميركية لمسار الحرب في فيتنام، وإصرار الإدارات المُختلفة لثلاثة رؤساء جمهورية على استكمال الحرب رغم إجماع التقديرات على عدم إمكانية تحقيق انتصار عسكري هناك. وبينما يقاضي الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون ناشري "التايمز"، تنضم "ذا بوست" إلى حلبة الدفاع عن حرية النشر في الولايات المُتحدة وتستكمل نشر التسريبات، قبل أن تنضم إليها مُختلف الصحف المحلية في العديد من الولايات المُتحدة الأميركية.
ويطرح الفيلم، كما العديد من أفلام سبيلبرغ، ردود فعل متناقضة بين المُتابعين الذين يتلقون رسائل الأفلام بطرق مُختلفة. ولعل أبرز مثلين على هذا التناقض هو الاتهامات المُتناقضة التي تلقاها المُخرج الاميركي اليهودي بعد إخراجه فيلم "ميونخ" الذي يتناول عملية المقاومة الفلسطينية التي استهدفت الفريق الرياضي الإسرائيلي المُشارك في أومبياد ميونخ عام 1972 (أُنتج الفيلم عام 2005)، واتُهم سبيلبرغ يومها بالترويج لوجهة النظر الفلسطينية في الفيلم من قبل بعض اللوبيات اليهودية في الولايات المُتحدة، بينما رفضته شريحة عربية واسعة بسبب خلفيته السياسية الداعمة لإسرائيل.
وفي ظل عدم وجود موقف رسمي مُوحّد من موضوع منع مشاركة فنانين دعموا أو زاروا إسرائيل من عرض أعمالهم في لبنان أو زيارته، يبقى الخلاف مفتوحاً بين طرفي النزاع في هذا الملف. والجدير ذكره أن لبنان سجّل في الآونة الأخيرة إعادة تموضع سياسي بعد انتخاب الرئيس ميشال عون، وبات أقرب إلى المحور الإيراني منه إلى المحيط العربي المأزوم. واستتبع ذلك سلسلة إجراءات رسمية على شكل استدعاء ناشطين وصحافيين للتحقيق، ومنع عرض أفلام سينمائية عالمية في دور العرض المحلية.