ربما سيتذكّر الجمهور دائماً، أن موسم الدراما 2019 كان بصيص أمل لعودة الدراما السورية إلى المنافسة. باختصار، شدّ السوريون سواعدهم، وأعادوا قليلاً من الأمل لهذه الصناعة التي أنهكتها الحرب، وسطوة النظام في بعض الأحيان.
من دون شك، استطاع السوريون القول لا لمسلسل "باب الحارة" في آخر أجزائه. يبدو أن الدعوة إلى المقاطعة، أو النقد الذي رافق المسلسل في أجزائه الأخيرة، حققا مرادهما، ولم يحظ مهاجرو "حارة الضبع" بنسب مشاهدة. السبب، كما أصبح معلوماً، هو تخاذل الشركات المنتجة، وطاقم العمل المُستجد.
هكذا، تخلى السوريون عن واحد من أكثر المسلسلات شعبية، واتجهوا إلى مسلسلات محلية تصدرت المشهد بوسائل وأهداف مقنعة، منها "دقيقة صمت" الذي مهد لعودة الكاتب سامر رضوان إلى الكتابة، واستثماره أحداث المسلسل للكشف عن فساد مستشرٍ في المؤسسة العسكرية والسجون السورية. قصة لاقت رواجاً كبيراً في الشارع السوري الذي لم يتأخر عن المتابعة، ولو أن تصريح الكاتب رضوان لقناة الجديد، كاد أن يطيح بالمسلسل، وربما كان سيتسبب بإيقافه، لكن لم يحصل شيء، وتحول التصريح إلى مادّة تصاعدية لجهة المشاهدة. هذا ما اعترفت به "الجديد" اللبنانية.
هكذا، نجح المخرج التونسي شوقي الماجري في اختيار أماكن التصوير وتحريك الشخصيات. كان جيداً اكتشاف مجموعة من الممثلين السوريين المغيبين، كنوع من التنويع. القصة الممسوكة بشغف من قبل المخرج والكاتب، تؤرخ لحقبة انقلاب عسكري على سلطة سياسية فاسدة، لا مقدمات، ولا عنجهيات، نظام استخباراتي أمني يتهاوى بسبب سجين تقرر أن يهرب قبل إعدامه بدقائق. تداعيات القصة لا تقف عند سجين فارّ، بل ترسم عشرات الأسئلة حول سبب تهريبه مع زميله اللبناني الذي يقضي منتحراً بعد حلقات قليلة.
"عندما تشيخ الذئاب"، يأتي هو أيضاً في مرتبة متقدمة جداً. العلاقة بين رجل الدين والبيئة المحطية به، التحايل على الأحكام الشرعية في الإسلام؛ يتمثل هذا كله في الشيخ عبد الجليل.
يمسك العمل بالتحولات في سورية زمن الثمانينيات، ويصور تجنيد الخط الديني لصالح السلطة السياسية، والإمعان في ترسيخ فرضية الحاكم بأمر الله على الفقراء والمحتاجين، من دون حدود. إخراج متمكن لعامر فهد، وأداء مُتقن لسمر سامي وسلوم حداد وعابد فهد.
اقــرأ أيضاً
من دون شك، استطاع السوريون القول لا لمسلسل "باب الحارة" في آخر أجزائه. يبدو أن الدعوة إلى المقاطعة، أو النقد الذي رافق المسلسل في أجزائه الأخيرة، حققا مرادهما، ولم يحظ مهاجرو "حارة الضبع" بنسب مشاهدة. السبب، كما أصبح معلوماً، هو تخاذل الشركات المنتجة، وطاقم العمل المُستجد.
هكذا، تخلى السوريون عن واحد من أكثر المسلسلات شعبية، واتجهوا إلى مسلسلات محلية تصدرت المشهد بوسائل وأهداف مقنعة، منها "دقيقة صمت" الذي مهد لعودة الكاتب سامر رضوان إلى الكتابة، واستثماره أحداث المسلسل للكشف عن فساد مستشرٍ في المؤسسة العسكرية والسجون السورية. قصة لاقت رواجاً كبيراً في الشارع السوري الذي لم يتأخر عن المتابعة، ولو أن تصريح الكاتب رضوان لقناة الجديد، كاد أن يطيح بالمسلسل، وربما كان سيتسبب بإيقافه، لكن لم يحصل شيء، وتحول التصريح إلى مادّة تصاعدية لجهة المشاهدة. هذا ما اعترفت به "الجديد" اللبنانية.
هكذا، نجح المخرج التونسي شوقي الماجري في اختيار أماكن التصوير وتحريك الشخصيات. كان جيداً اكتشاف مجموعة من الممثلين السوريين المغيبين، كنوع من التنويع. القصة الممسوكة بشغف من قبل المخرج والكاتب، تؤرخ لحقبة انقلاب عسكري على سلطة سياسية فاسدة، لا مقدمات، ولا عنجهيات، نظام استخباراتي أمني يتهاوى بسبب سجين تقرر أن يهرب قبل إعدامه بدقائق. تداعيات القصة لا تقف عند سجين فارّ، بل ترسم عشرات الأسئلة حول سبب تهريبه مع زميله اللبناني الذي يقضي منتحراً بعد حلقات قليلة.
"عندما تشيخ الذئاب"، يأتي هو أيضاً في مرتبة متقدمة جداً. العلاقة بين رجل الدين والبيئة المحطية به، التحايل على الأحكام الشرعية في الإسلام؛ يتمثل هذا كله في الشيخ عبد الجليل.
يمسك العمل بالتحولات في سورية زمن الثمانينيات، ويصور تجنيد الخط الديني لصالح السلطة السياسية، والإمعان في ترسيخ فرضية الحاكم بأمر الله على الفقراء والمحتاجين، من دون حدود. إخراج متمكن لعامر فهد، وأداء مُتقن لسمر سامي وسلوم حداد وعابد فهد.
أخيراً، يبدو "مسافة أمان" كأنه دقائق فاصلة بين الفساد في سورية، وبين الفضيلة. خيوط متماسة وأداء عال. المكوِّن الاجتماعي هو أساس هذا المسلسل الذي قاده المخرج الليث حجو إلى مراتب متقدمة. العلاقات الأسرية المرتبكة أمام واقع مهزوم، مشغول بالصراع، رؤية تستحق التأمل رغم المنطق السياسي التبريري والمضاد لحركة تبني رواية النظام في الحلقات الأولى. الحلقة 25 تخبر صبا (هيا مرعشلي) شقيقها مروان (إيهاب شعبان)، بأنها تعمل مع أحد كبار الفاسدين، ليذكرها بخطف شقيقهما آياد بسبب مواجهته لهذا الخط الفاسد؛ فكيف تسمح لنفسها بالعمل مع ربيع حمدان السياسي الذي أرادها خليلته وقبلت بشرط الزواج بها؟