منذ بداية مسيرة الفنانة السورية أمل عرفة في المجال الفني، اعتاد الشارع السوري والعربي إطلالتها في المواسم الرمضانية بأعمال كوميدية تلامس الحسّ الفكاهي، وتحاول رسم شخصيات خاصة بقيت في ذهن الناس لسنوات. ولكن أمل لم تكن تعلم أن لوحة مدتها عشر دقائق، ستكون كفيلة بثورةٍ عليها.
منذ أيام ليست بالكثيرة، وضمن الموسم الرمضاني الفائت، قدمت أمل لوحة درامية ضمن مسلسل "كونتاك"، تتحدث عن قضية استخدام السلاح الكيماوي في سورية. ووجهت اللوحة اتهامها إلى منظمة "الخوذ البيضاء" الإنسانية، بفبركة القضية لتلميع صورة المعارضة السورية، وذلك بأسلوب ساخر أثار الجدل بين مؤيدي النظام السوري ومعارضيه. ما فتح النار على أمل عبر حملة إعلامية واسعة غير منظمة، انطلقت بشكل عشوائي، وما لبثت أن تحولت إلى قضية رأي عام نالت فيها أمل العتب والهجوم الحادّ من الطرفين.
اتهمت أمل باللا إنسانية، وبأنها استهزأت بأرواح ضحايا الكيماوي، وانتشرت صور لطفلتيها على منصات التواصل مع أدعية تنشد الانتقام منهما، وجاءت اللوحة "الكوميدية" في المنتصف، إذْ ثمّة من اعتبرها لوحة عابرة لا تستأهل هذا التهجم العدواني عليها، وبين من عدّها إساءة فعلية مقصودة لضحايا الهجمات الكيماوية، المدانة عالمياً من الأمم المتحدة.
وبعد أن ثارت عاصفة من النقد ضدها بسبب المحتوى الشائن في هذه اللوحة، بادرت عرفة لنشر اعتذار ضمن تبرير مفكك وساذج لموقفها، ما أثار عليها بالمقابل هجوماً آخر من شبيحة نظام الأسد ومؤيديه، ليضع النجمة بين مسألة إرضاء الأطراف، معلنة اعتزالها عن طريق جريدة "الأخبار"، بقولها، حسب ما ورد في مقال نشرته الصحيفة يوم الإثنين: "قررتُ أن أعتزل الفنّ وسأتركه لأهله، وهذا آخر كلام عندي، أشعر بالقرف النهائي، ربما تعيلني أيّ مهنة أخرى على الحدود الدنيا من الحياة الكريمة، بطريقة أفضل مما يحصل معي في هذه المهنة". ومن حفرة لحفرة أُخرى تنقلت أمل، إذْ ألغت إحدى المحطات الإذاعية الموالية للنظام، لقاءً كان المقرر فيه الحديث عن هذه اللوحة. ومن مصدر غير موثوق، تبين أن إلغاء هذا اللقاء جاء من جهات عليا في النظام السوري.
هذه المشاكل أوقعت أمل عرفة في ورطة لا تُحْسَد عليها. فالنجمة التي رفعت مستوى الدراما الكوميدية في سورية، بدءاً بمسلسل "عيلة خمس نجوم"، وتابعت في أداء شخصيات كوميدية مؤثرة، ولا سيما مسلسلها الشهير "دنيا" بجزئيه الأول والثاني، تكاد اليوم تفقد شعبيتها في شارع حرق أرشيفها بالكيماوي، لينهي مسيرة عرفة تاركاً سؤالاً واحداً: هل تتراجع عرفة عن هذا الاعتزال؟ أم أنّ نهاية "دنيا أسعد سعيد" كتبت في هذه اللوحة من "كونتاك"؟