ولاحظت بيضون عدم وجود ديكورات احتفالية خلال شهر رمضان، الذي يصوم فيه المسلمون من شروق الشمس حتى غروبها، وقالت: "أعرف أن رمضان مهم بحد ذاته، إذ يعتبر وقتًا مقدسًا لتصوم وتصلي وتحاول التقرب أكثر من الخالق، إلا أن الطفل في داخلي أراد ابتكار مظاهر احتفالية مثيرة للاهتمام لتعبر عن فرحتي خلاله".
وأكدت سمر أنها قررت بعد أن أصبحت أمًا، ابتكار تجربة رمضانية جديدة لطالما رغبت بعيشها عندما كانت طفلة، فبدأت بتزيين منزلها بطريقة إسلامية، من خلال تعليق لوحات خط عربي ونماذج كرتونية لمساجد، ثم خطرت ببالها فكرة تزيين شجرة عيد ميلاد في عام 2014، وفقًا لموقع "ماي فوكس زون".
ولم تدم فكرة شجرة عيد الميلاد طويلًا، إذ تخلت عنها سمر بعدما شعرت بأنها فكرة غير سليمة، إلا أنها قررت تحويلها إلى شيء آخر له طابع إسلامي، حيث بدأت بشراء أشجار صناعية وتعديل شكلها لتشبه الهلال، الذي يمثل رمزًا إسلاميًا مهمًا، ويشير إلى حلول شهر رمضان.
واستغرقت سمر حوالي 20 دقيقة لتصنع أول شجرة على شكل هلال، إلا أنها اليوم تستغرق حوالي ساعتين إلى 5 ساعات لتتأكد من ثبات الشجرة وعدم انهيارها في شكلها الجديد، كما استطاعت بيع حوالي 40 واحدة منذ شهر يناير/ كانون الثاني من هذا العام، في حين يوجد 20 شخصا على قائمة الانتظار.
وأكدت سمر أنها تتلقى كل يوم مع اقتراب الشهر الفضيل، المزيد من الطلبات لشراء الأشجار هلالية الشكل، التي تبيع كل واحدة منها بقيمة 150 دولارا، وأن زبائنها يسكنون في مختلف أنحاء أميركا، مثل شيكاغو، فرجينيا، نيويورك ومنيسوتا، مشيرة إلى أنها تشحن لهم الأشجار مقابل كلفة إضافية.
ولم تكن السيدة بيضون بزي الشخص الوحيد الذي يبيع الأشجار الإسلامية هلالية الشكل، إذ بدأت سوزان جابر (44 عامًا)، التي تسكن أيضًا في ديربورن، بصناعتها عام 2015، لاستخدامها في العديد من المناسبات الإسلامية على مدار العام، وقالت: "عشت جزءًا من طفولتي في لبنان، وكانت شجرة عيد الميلاد أمرًا مألوفًا هناك، إلا أني توقفت عن وضعها بعد أن تزوجت وهاجرت إلى الولايات المتحدة، لأني اعتقدت أن أطفالي ليسوا متدينين بما فيه الكفاية وأن أمرًا كهذا قد يجعلهم يتخبطون بانتمائهم الديني".
وأكدت السيدة سوزان، الأم لـ3 أطفال، أنها زينت شجرة عيد ميلاد عام 2014، مع اقتراب عيد المولد النبوي، إلا أن ذلك أشعرها بالذنب قليلًا، ما جعلها تحولها إلى الشكل الهلالي في العام التالي، ثم بدأت ببيعها لاحقًا، وأشارت إلى أنها باعت حوالي 15 شجرة هذا العام، حيث تقدم كل شجرة كبيرة مقابل 150 دولارا، في حين يبلغ سعر الأشجار الصغيرة حوالي 55 دولارا.
وتمتلك سوزان حسابًا على "إنستغرام" باسم The Eid Shop، تبيع من خلاله الأشجار الهلالية والحلي والفوانيس، وقالت: "يشتري أغلب الناس الأشجار من أجل أطفالهم، ليخلصوهم من فكرة أن الأطفال الذين ينتمون لديانات مختلفة، يحظون بمتعة أكبر في أعيادهم"، ووافقتها السيدة سمر التي قالت: "أغلب زبائني يشعرون بالحسرة بسبب غياب هذه التفاصيل عن طفولتهم، كما يواجهون أسئلة متكررة من أطفالهم عن سبب عدم امتلاك المسلمين لشجرة عيد خاصة بهم".
وأكدت روشيل صالحة (53 عامًا)، من ديربورن بميشيغن، أن أطفالها كانوا متحمسين للغاية عندما اشترت الشجرة الهلالية من السيدة سمر، لأنهم شعروا وكأنهم يمتلكون شجرة عيد ميلاد، وقالت: "نشأت مسيحية ثم أصبحت مسلمة، لهذا سررت بشراء شجرة في رمضان الماضي، وأعتزم تزيينها ووضع الهدايا تحتها مجددًا في عيد الفطر القادم".
وقالت السيدة سمر إنها لا تضع الهدايا تحت شجرتها، بل تأخذ أطفالها إلى المتجر لانتقاء هداياهم بأنفسهم، وأضافت: "لا أود للأمر أن يكون تقليدًا لعيد الميلاد، بل أريده أن يكون خاصًا بنا كمسلمين"، كما أشارت إلى أن أشجارها أثارت بعض الانتقاد بسبب قلق البعض من أنها كانت تحاول خلط رمضان بعيد الميلاد، كما أشار البعض إلى أن أصول شجرة الميلاد قد تكون وثنية، مؤكدة أن نيتها بعيدة كل البعد عما يشاع، وأن كل ما فعلته كان لأجل إسعاد أطفالها.
وأكدت السيدة إيمان صالح (31 عامًا)، من مدينة ديربورن، والتي اشترت شجرة هلالية لطفلتها البالغة من العمر 7 أعوام، أنها تستمتع بمشاهدة هذه الابتكارات في المجتمع المسلم بأميركا، لأنها تمنح الصغار شيئًا إسلاميًا ينتمون إليه ويتعلقون به، وقالت: "أنا سعيدة لكل تلك الجهود المبذولة لجعل الأمور المهمة ممتعة أيضًا للأطفال، وخاصة في هذا الزمن الذي يضع العوائق في وجه المسلمين. هذا سيجعل أطفالنا يشعرون بالقوة وبالارتباط أكثر بهويتهم".
(العربي الجديد)