رشا أبوزكي
يقوم القانون الانتخابي الجديد على مجموعة من العناصر والبنود التي يختبرها اللبنانيون، مرشحين وناخبين، للمرة الأولى.
إذ بعدما اعتمد لبنان نظام الانتخاب الأكثري، ها هو ينتقل إلى النظام النسبي. والفارق بينهما أنه في السابق كان المرشح الذي يحصل على أكبر عدد من الأصوات يفوز بالانتخابات، ويخرج من يحصل على أصوات أقل من المنافسة. وكذا، لم تكن اللوائح مغلقة إذ يمكن خرقها بالمنافسين بحسب عدد الأصوات التي يحصلون عليها، وكان يمكن لمرشح أن يخوض الانتخابات منفرداً من دون الدخول في لائحة.
أما مع القانون الجديد، فقد أصبحت المنافسة فيما بين اللوائح ولم يعد هناك إمكانية لترشح أفراد بلا لوائح. وأصبحت الفرص واسعة أمام اللوائح للمنافسة على المقاعد النيابية. فالمقاعد تتوزع بحسب النسب المئوية لا بحسب الأكثرية المطلقة... إذ إن كل لائحة تحصل على "الحاصل الانتخابي"، تحجز مقعداً أو أكثر في البرلمان (مع استثناءات، نشرحها في الفقرة الأخيرة).
في البداية، توزع وزارة الداخلية والبلديات قسيمة انتخاب موحدة على أقلام الاقتراع. عندما يدخل الناخب إلى القلم، يحصل على هذه القسيمة التي تتضمن: اللوائح المتنافسة كلها، وكل لائحة تختار لوناً مختلفاً عن الأخرى، وتتضمن كل لائحة صور المرشحين فيها، إضافة إلى خانة فوقها يضع الناخب علامة عليها لتحديد ترشيحه لكل أعضائها، من دون إمكانية لشطب أحدهم. وقرب اسم كل مرشح يوجد خانات بيضاء وسوداء، الخانات البيضاء تعني أن هذا المرشح هو من ضمن دائرتك الانتخابية الصغرى وبالتالي يمكن أن تضع له صوتك التفضيلي، والخانة السوداء تعني أنه ضمن دائرة صغرى لا تنتمي إليها، ولا يمكنك إعطاؤه صوتك التفضيلي.
بعد اختيار لائحتك، والمرشح من ضمن هذه اللائحة حصراً الذي حصل على صوتك التفضيلي، تضع القسيمة في صندوق الاقتراع... وننقل إلى عملية احتساب الأصوات واللوائح الفائزة والخاسرة...
لتحديد خسارة لائحة أو فوزها، لا بد من احتساب الحاصل الانتخابي، والأخير هو قسمة عدد المقترعين على عدد المقاعد في كل دائرة. مثلاً، إن وصل عدد المقترعين في دائرة الجنوب الأولى إلى 60 ألف مقترع من أصل 122382 ناخباً، وقد خصص لهذه الدائرة 5 مقاعد نيابية تتنافس عليها 3 لوائح (الوطن، السلام، الاستقرار)، بالتالي فإن الحاصل المتوقع يبلغ (60 ألفاً/ 5) 12000 صوت. كل لائحة من اللوائح الثلاث التي تحصل على هذا العدد من الأصوات تتأهل للمرحلة الثانية، أما اللوائح التي لا تحصل على 12 ألف صوت فتخرج مباشرة من المنافسة.
في المرحلة الثانية يتم احتساب الأصوات التي حصلت عليها اللوائح الفائزة من دون احتساب أصوات اللوائح الخاسرة، للوصول إلى الحاصل الانتخابي الثاني. مثلاً، إذا خرجت لائحة الاستقرار من المنافسة كونها لم تصل إلى الحاصل الانتخابي (12 ألف صوت)، وإذا كانت اللائحة الخاسرة هذه قد حصلت على 10 آلاف صوت، عندها يصبح الحاصل الانتخابي الثاني (60 ألفاً – 10 آلاف/ 5) 10000 صوت.
عندها، يقسم عدد أصوات كل لائحة على 10000، للوصول إلى نسبة المقاعد التي تحصل عليها. مثلاً، إذ حصلت لائحة الوطن على 30 ألف صوت، نقوم بالمعادلة التالية (30 ألفاً/ 10 آلاف) لتنال هذه اللائحة 3 مقاعد، وإن حصلت لائحة السلام على 20 ألف صوت تحصل بالمقابل على مقعدين.
أما عملية احتساب الصوت التفضيلي فلها معادلتها الخاصة. ويمكن القول إن الصوت التفضيلي هو الذي يحسم أسماء المرشحين الذين سيحصلون على مقاعد في البرلمان اللبناني...
إذ يتوزع المرشحون في اللوائح مذهبياً في الدوائر الصغرى والكبرى. ما يعني أن كل دائرة لها عدد من المرشحين من مذهب محدد، وعدد مرشحين آخرين من مذاهب أخرى. فلندخل مباشرة إلى الأمثلة:
تضم دائرة الجنوب 1 الكبرى دائرتين صغيرتين: دائرة صيدا (مقعدان للمذهب السني) ودائرة جزين (3 مقاعد: 2 موازنة وواحد روم كاثوليك). وقد تأهلت إلى المرحلة الثانية لائحتان: الوطن (3 مقاعد)، والسلام (مقعدين).
أولاً يتم ترتيب المرشحين بحسب نسبة الأصوات التفضيلية التي حصلوا عليها في الدائرة الصغرى. أي يتم احتساب مجموع الأصوات التفضيلية لكل المرشحين في دائرة جزين: 20 ألف صوت مثلاً. وفي دائرة صيدا: 10 آلاف صوت.
* ندخل إلى لائحة الوطن حيث نقسم عدد الأصوات التفضيلية لكل مرشح من جزين على مجموع الأصوات التفضيلية في هذه الدائرة. وكذا الحال في صيدا.
لنفترض أن المرشح هيثم (ماروني) حصل على 3 آلاف صوت تفضيلي (100 X 3000/ 20000 = 15%)، سعاد (مارونية) على 5 آلاف صوت تفضيلي أي 25%، دلال (روم كاثوليك) على ألفي صوت تفضيلي أي 10%.
وفي صيدا، حصل سعيد (سنّة) من اللائحة ألف على 4 آلاف صوت (100X4000/10000 = 40%)، أحلام (سنّة) على ألفي صوت أي 20%.
* أما في اللائحة ب، فقد حصل مرشحو دائرة جزين على: مراد 4 آلاف صوت تفضيلي أي 20% (ماروني)، سناء على 5 آلاف صوت تفضيلي أي 25% (روم كاثوليك) وإقبال على ألف صوت تفضيلي أي 5% (مارونية). أما في صيدا، فحصل شكيب (سنّة) على ألف صوت أي 10% ومنال (سنّة) على 3 آلاف صوت أي 30%.
* يجب ألا ننسى أن اللائحة أ يحق لها ثلاثة مقاعد/ واللائحة ب مقعدين، في حين أن للسنّة مقعدين وللموارنة مقعدين وللروم الكاثوليك مقعداً واحداً.
بطبيعة الحال إن كانت اللائحة ناقصة، ففرص وصولها للبرلمان تصبح أقل من اللوائح المكتملة المنافسة. ففي حال كانت اللائحة الناقصة في جزين عاليه لا تضم مرشحاً عن مقعد الروم الكاثوليك مثلاً، وحصلت على مقعد واحد، وفي حال كانت نسبة الأصوات التفضيلية لكل مرشحيها الموازنة والسنة أقل من نسبة أصوات المرشحين على اللوائح الأخرى، عندها تخسر فرصة انتقال مرشح منها إلى البرلمان.
رشا أبو زكي
"لأول مرة في تاريخ لبنان، اعتمدت النسبية"... هذه هي العبارة التي يتحلق حولها السياسيون للاحتفال بـ"الإنجاز". فعلاً هو إنجاز؟ هل القانون الجديد يضمن الحقوق البديهية للناخبين والمرشحين؟ يحقق تكافؤ الفرص فيما بينهم وينزع يد سلطة المليشيات عن تشريع قوانين تعيد إحياء منظومتها؟ أم أن القانون الجديد تعتريه بعض الثغرات التي يمكن ردمها بتعديلات تسبق الاستحقاقات القادمة؟
إذ أقر البرلمان اللبناني في منتصف العام الماضي قانون انتخاب جديداً، واستند في إقراره إلى الدستور اللبناني الذي يضمن المساواة بين المواطنين في الحقوق وكذلك في الواجبات. وباغت القانون الجديد اللبنانيين الذين لم يتوقعوا إجراء الانتخابات نظراً إلى اعتيادهم على تجديد البرلمان لنفسه منذ آخر دورة انتخابية أجريت في عام 2009، لتلازم عبارة "لا أفهم شيئاً من هذا القانون" لسان آلاف اللبنانيين. إلا أن قصة التمديد لم تكن الوحيدة التي أضفت الصعوبة إلى مواد القانون الانتخابي الجديد، إذ اعتمدت أحزاب السلطة التي أقرته آليات معقدة في بعض الحالات وذلك في محاولة لتجيير النسبية لصالحها، وفق عدد من المتابعين، ولكي يصبح القانون على قياس فوزها في هذا الاستحقاق.
فلنبحث في التفاصيل...
يقوم القانون الانتخابي الجديد على قاعدة النسبية، مع دخول عناصر جديدة إلى الممارسة الانتخابية في لبنان وهي: الصوت التفضيلي، الحاصل الانتخابي، القسيمة الانتخابية الموحدة، توزيع الدوائر الكبرى والصغرى...
تتنافس اللوائح فيما بينها من جهة للحصول على أعلى نسبة من الأصوات في الدائرة الكبرى والوصول إلى الحاصل الانتخابي (عدد المقترعين قسمة عدد المقاعد في كل دائرة). مثلاً إن كان عدد المقترعين في الدائرة 100 ألف وعدد المقاعد 10، يكون الحاصل الانتخابي 10 آلاف صوت. لنفترض يوجد 4 لوائح: لائحة أ حصلت على 40 ألف صوت، لائحة ب حصلت على 20 ألف صوت، لائحة ج حصلت على 35 ألف صوت، ولائحة د حصلت على 5 آلاف صوت، تتأهل اللوائح الأولى وتخرج اللائحة د من المنافسة كونها لم تستطع الحصول على 10 آلاف صوت (الحاصل الانتخابي).
لاحتساب عدد مقاعد كل لائحة، تتم إعادة احتساب الحاصل الانتخابي من جديد بعد حذف أصوات اللائحة الخاسرة (5 آلاف صوت)، ليصبح الحاصل الجديد 95 ألف صوت قسمة 10 مقاعد = 9500 صوت. بعدها نقسم عدد أصوات كل لائحة على الحاصل الجديد، لتنال اللائحة أ أربعة مقاعد (40 ألف صوت/ 9500). واللائحة ب على مقعدين، واللائحة ج على 4 مقاعد.
أما الصوت التفضيلي: يحق للناخب إعطاء صوت تفضيلي وفقاً للدائرة الصغرى حصراً. ما يعني أن الناخب يصوت للائحة الجنوب الأولى (صيدا – جزين) كاملة، ولكن إن كان من جزين فلا يحق له إعطاء صوته التفضيلي إلا للمرشحين عن جزين وكذا بالنسبة إلى الناخب من صيدا الذي يعطي صوته التفضيلي في اللائحة إلى مرشحي صيدا حصراً. ويتنافس المرشحون في اللائحة ذاتها ومع اللوائح الأخرى على اكتساب الصوت التفضيلي للناخب.
هكذا يتبين أن القانون لم يعتمد اعتماد دائرة واحدة ولا مثلاً وزع الدوائر بما يؤمن المساواة لقيمة أصوات المقترعين والمرشحين من حيث اعتماد مقاربة لأعداد الناخبين في كل دائرة، لا بل تم تقسيم لبنان إلى 15 دائرة كبرى وفق التوزيع الطائفي، و26 دائرة صغرى للصوت التفضيلي تؤمن التوزيع وفق الأكثرية المذهبية والحزبية.
مثلاً، في دائرة الجنوب الثانية يوجد 304217 مقترعاً، وقد خصص لهذه الدائرة سبعة مقاعد في البرلمان يتنافس عليها 13 مرشحاً، في حين أن دائرة البقاع الأولى تضم 174944 مقترعاً ولكن خصص لها عدد المقاعد ذاته أي سبعة مقاعد في البرلمان يتنافس عليها 32 مرشحاً. هذا التقسيم، يمنع المساواة في قيمة الصوت الانتخابي، ويحقق تمثيلاً غير متكافئاً بين النواب في البرلمان...
أما القسيمة الانتخابية الموحدة، فهي تعتمد للمرة الأولى في لبنان، وتصدرها وزارة الداخلية حصراً وتوزع على أقلام الاقتراع، وهي غير قابلة للنسخ (تصبح سوداء حين طباعتها، وتكون غير واضحة في حال تصويرها بالهاتف)، ما يمنع تزويرها. وتتميز هذه القسيمة بأنها مصممة أيضاً لمن لا يعرفون القراءة والكتابة، بحيث تم تحديد كل لائحة بلون محدد وتم وضع صور المرشحين فيها، كما تم وضع حروف نافرة للناخب الكفيف.
وصولاً إلى الإنفاق الانتخابي، فقد حدد قانون الانتخاب سقفاً مرتفعاً جداً للإنفاق الانتخابي، وكذا أدخل العديد من العناصر إلى هذا الإنفاق، ضارباً بشكل مطلق أي إمكانية لتكافؤ الفرص ما بين المرشحين إلى البرلمان، ومانحاً امتيازات ضخمة للأثرياء والمرشحين الذين تنفق أحزابهم أموالاً طائلة في حملاتهم الانتخابية، ومن ضمنهم طبعاً 17 وزيراً مرشحين إلى مجلس النواب بينهم رئيس الحكومة ووزير الداخلية والبلديات ووزير الخارجية، الذين يشاركون بالوقت ذاته في تنظيم العملية الانتخابية في لبنان وخارجه، والإشراف عليها.
وفي التفاصيل، رفع القانون أولاً كلفة الترشح إلى الانتخابات من مليوني ليرة (1333 دولاراً) إلى 8 ملايين ليرة (5333 دولاراً)، غير قابلة للاسترداد في حال الانسحاب، وذلك بعكس الدورات السابقة، علماً أن الحد الأدنى للأجر المعمول به في لبنان لا يتعدى 450 دولاراً، ما يثير الكثير من التساؤلات حول تمكن كافة الراغبين بالترشح من القدرة على دفع هذا المبلغ مع عدم ضمان دخولهم في اللوائح الانتخابية، وبالتالي انسحابهم قسراً من دون استرداد ما دفعوه.
كذا، رفع القانون من سقف الإنفاق للمرشحين إلى مستويات قياسية، إذ تشير المادة 61 إلى أن سقف الإنفاق يتألف من قسم ثابت مقطوع قدره مئة وخمسون مليون ليرة لبنانية (100 ألف دولار)، يضاف إليه قسم متحرك مرتبط بعدد الناخبين في الدائرة الانتخابية الكبرى التي ينتخب فيها وقدره خمسة آلاف ليرة عن كل ناخب من الناخبين المسجلين في قوائم الناخبين في الدائرة الانتخابية الكبرى.
أما سقف الإنفاق الانتخابي للائحة فهو مبلغ ثابت مقطوع قدره مئة وخمسون مليون ليرة عن كل مرشح فيها. وفي عملية حسابية قامت بها جمعية "لا فساد"، تبين أن سقف الإنفاق الذي حدد في كل الدوائر الانتخابية اللبنانية يصل إلى 679 مليون دولار أميركي، أعلاه في بيروت الثانية (114 مليون دولار)، وأدناه في دائرة الجنوب الأولى (10.3 مليون دولار). وهذه المبالغ الباهظة تمنح المرشحين الأثرياء قدرة على تنظيم حملات انتخابية ضخمة لن يستطيع المرشح الفقير والمتوسط الحال من تنظيمها.
ومن جهة أخرى، وبسبب عدم اتباع قاعدة تقسيم الدوائر وفق عدد الناخبين، يحظى مرشحون في دوائر فيها عدد كبير من الناخبين سقف إنفاق أعلى بكثير من المرشحين في دوائر تمتاز بقلة عدد الناخبين، كون القانون أضاف إلى السقف الانتخابي مبلغ 5 آلاف ليرة عن كل ناخب في الدائرة، وذلك بغض النظر عن عدد المرشحين في كل دائرة.
مثلاً، يوجد في دائرة البقاع الثالثة 315404 مقترعين، يتنافس على أصواتهم 47 مرشحاً، وقد حدد السقف الانتخابي لكل هؤلاء بـ 58.8 مليون دولار. في حين أن دائرة الجنوب الثالثة يوجد فيها 460491 مقترعاً يتنافس على أصواتهم 46 مرشحاً، ولكن سقف إنفاقهم الانتخابي هو 79.8 مليون دولار.
كذا، أضاف القانون إلى بنود الإنفاق الانتخابي الكثير من العناصر التي تضرب تماماً مبدأ تكافؤ الفرص ما بين المرشحين، لا بل اعتبرها العديد من المتابعين قوننة للرشوة الانتخابية، ولا يوجد لديها أي مبررات سوى رفع تنافسية المرشحين الأثرياء على حساب الفقراء ومتوسطي الحال. مثلاً، تقول المادة 58 من قانون الانتخاب الجديد إن الإنفاق الانتخابي يتضمن: "مصاريف نقل وانتقال عناصر الحملة الانتخابية والناخبين، مصاريف انتقال الناخبين من الخارج، نفقات استطلاعات الرأي (...)". ما يعني أن قسائم البنزين التي كانت الأحزاب تدفعها للناخبين والتي كانت تعتبر "رشوة" في السابق، أصبحت الآن قانونية، والأسوأ قوننة دفع تكاليف تذاكر سفر الناخبين من الخارج. وفي حين تفتح هذه البنود الباب أمام تمكين المرشحين المحظيين من شراء الأصوات، تمنع تكافؤ الفرص ما بين المرشحين، خصوصاً أن الغالبية الكبرى منهم لا يستطيعون تكبد نفقات ضخمة لتأمين نقل ناخبيهم...
يمكن اعتبار هيئة الإشراف على الانتخابات من أبرز الهيئات الرقابية المفترضة في لبنان، كونها مؤتمنة على تنظيم ومراقبة أهم عملية تفويضية من الشعب إلى أعضاء مجلس النواب. وأعطى القانون الجديد للانتخابات بعض النقاط الإيجابية لصالح الهيئة، وأغفل العديد من النقاط الأخرى، خصوصاً لناحية ربط تمويلها بموازنة وزارة الداخلية، علماً أن الوزير نهاد المشنوق مرشح على لائحة حزبية إلى الانتخابات النيابية الحالية..
ففي المادة التاسعة منه يشير القانون الجديد إلى استقلالية الهيئة مع إبقاء التنسيق مع وزير الداخلية. إلا أن القانون ذاته، يربط هذه الهيئة بشخص وزير الداخلية في العديد من النقاط الجوهرية. إذ تتألف الهيئة من 11 عضواً وتضم: 3 قضاة متقاعدين، نقيبين سابقين للمحامين، ممثلاً عن نقابة الصحافة، خبيراً في شؤون الإعلام، نقيباً سابقاً لخبراء المحاسبة، إضافة إلى خبيرين انتخابيين يرشحهما الوزير، وممثل عن المجتمع المدني يتم اختياره وفق آلية يضعها الوزير. وفي حال شغور أحد هذه المراكز، فالوزير يقوم بتعيين بديل عنه.
وكذا، تشير المادة 11 من قانون الانتخاب إلى أنه يُعيَّن أعضاء الهيئة بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح الوزير. وفوق ذلك، يبقى تمويل هذه الهيئة من ضمن موازنة وزارة الداخلية والبلديات، في حين أن الوزير يواكب أعمال الهيئة، ويحدد مقرها، ويؤمن لها مقراً خاصاً مستقلاً ويحضر اجتماعاتها عند الاقتضاء، من دون أن يشارك في التصويت. وكذا، لا تعتبر هذه الهيئة دائمة وإنما مرتبطة بالعملية الانتخابية.
وتعتبر الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات (لادي)، أنه بما أن الحكومة المشرفة على الانتخابات كما وزير الداخلية والبلديات أطراف أساسيّة في الحملات الانتخابيّة في الدورة الانتخابيّة الحالية، فقد كان من الضروري وجود هيئة مستقلة تقوم بتنظيم وإدارة الانتخابات والإشراف عليها وتعمل كمؤسسة منفصلة كليّاً عن السلطة التنفيذيّة تحديداً وبقيّة السلطات وتتمتع باستقلال مالي وإداري.
وإضافة إلى الثغرات القانونية، برزت مشكلات عملية، مع وجود أقل من 25 عاملاً في الهيئة بين إداري ومراقب، في حين كان العدد في الانتخابات البلدية حوالي 72 شخصاً، وكذا تأخر صرف موازنة الهيئة حتى مطلع نيسان/ إبريل، وكشف عدد من أعضاء الهيئة عن توجه عدد منهم إلى الاستقالة بسبب عدم توافر موارد مالية ولا حتى تقنية للمباشرة بالعمل الرقابي بالرغم من إعلان الهيئة مباشرتها العمل منذ 18 كانون الأول / ديسمبر 2017...
هكذا، أصبحت الهيئة مكبلة في مراقبة المرشحين وإنفاقهم الانتخابي، وخاصة الوزراء وبينهم وزير الداخلية نهاد المشنوق ووزير الخارجية جبران باسيل، المعنيان مباشرة بالإشراف على العملية الانتخابية، واللذان من المفترض أن يصونا نزاهة الانتخابات. هذا الأمر، دفع عضوة هيئة الإشراف على الانتخابات سيلفانا اللقيس إلى الاستقالة من الهيئة. وشرحت اللقيس أسباب استقالتها في بيان جاء فيه: "قدمت استقالتي لكيلا أكون شاهد زور على عجز هيئة الإشراف على الانتخابات عن أداء مهامها". آملة أن "يشكل هذا الانسحاب والاستهجان مدعاة لتصويب الأمور في اتجاه تعزيز استقلالية هيئة الإشراف على الانتخابات وإمكاناتها لجعلها قادرة على أداء دورها بشكل سليم، بما يعزز في نهاية المطاف نزاهة الانتخابات وحيادها". ولفتت إلى "عدم توفير الموارد الضرورية لتمكين الهيئة من القيام بمهامها، والمس المباشر باستقلالية الهيئة وصلاحياتها بداعي التنسيق مع وزارة الداخلية، وتقليص صلاحيات الهيئة عملاً بقراءة ضيقة وملتوية للنص القانوني، على نحو يخرجها عن الغاية التي انوجدت لأجلها، ويحولها في أحيان كثيرة ولو خلافاً لإرادة أعضائها إلى أداة لتعميق التمييز بين المرشحين بدلاً من أن تكون أداة لإلغائه أو التخفيف منه".
وأضافت أن "إقرار أي مسألة يستوجب مسبقاً ذهاباً وإياباً من وإلى وزير الداخلية وهو مرشح للانتخابات، خلافاً لنص القانون وروحيته. وعليه، اتجهت الممارسات المعتمدة في الهيئة إلى حجب الاستقلالية بالتنسيق". وأكدت "توجه وزارة الداخلية إلى وضع اليد على بعض صلاحيات الهيئة الأساسية"...
رشا أبو زكي
يؤكد المدير التنفيذي للجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات (لادي) عمر كبول، أن القانون الانتخابي الجديد فُرّغ من الآليات التنافسية الصحيحة، ومن مفاعيل النظام النسبي، من خلال اعتماد دوائر صغرى وصوت تفضيلي يعيد توزيع المقاعد البرلمانية مذهبياً وحزبياً. ويشدد على وجود العديد من المخالفات المرصودة حتى اليوم، مع توقعات بأن تتزايد مع الاقتراب من موعد الانتخابات في 7 أيار/ مايو المقبل.
* ما رأيك بالقانون الانتخابي الجديد مع اعتماده النسبية؟
القانون الانتخابي الجديد ينقل لبنان من نظام أكثري إلى نسبي، حيث تتنافس اللوائح للحصول على أكبر نسبة من الأصوات، وبالتالي للوصول إلى أكبر عدد من المقاعد. في القوانين السابقة، إذا كانت الدائرة فيها 10 مقاعد نيابية، وتتنافس فيها لائحتان، حين تحصل لائحة على 51% من الأصوات تحصد المقاعد العشرة. اليوم يختلف الأمر، إذ إن كل لائحة تحصل على مقاعد وفق النسب التي تحققها من الأصوات.
لكن هذا التغيير لا يوازي طموحنا. إذ فُرّغت النسبية من مضمونها مع اعتماد الصوت التفضيلي في الدائرة الصغرى في موازاة الكوتا المذهبية القائمة. مثلاً في دائرة صيدا - جزين يوجد 5 مقاعد، اثنان للسنّة، ومقعدان للموارنة، ومقعد للروم الكاثوليك، لكن الناخب الجزّيني لا يستطيع إعطاء صوته التفضيلي سوى إلى المرشحين من جزين حصراً أي الموارنة والروم الكاثوليك، ويمنع عليه إعطاء صوته للسنّة في صيدا، والعكس صحيح في ما يتعلق بالناخب الصيداوي. بالتالي هذه الكوتا المذهبية مع الصوت التفضيلي بالدائرة الصغرى، توصلنا إلى قانون اسمه نسبي، ولكن النسبية فيه معطلة بالمذهبية المقترنة مع الصوت التفضيلي المحصور بالدائرة الصغرى. وكذا، بدلاً من الترشح على لوائح ينضوي فيها المرشحون تحت برنامج انتخابي متجانس كما يحصل في الدول التي تعتمد النسبية، تحالفت الأحزاب المتصارعة فيما بينها لضمان الوصول إلى الحاصل الانتخابي على حساب البرامج الانتخابية التي من المفترض أن يلتزم بها المرشحون بعد دخولهم البرلمان.
* هل يضمن هذا القانون فعلاً صحة تمثيل المواطنين في البرلمان؟
هذا القانون سيفرز الطبقة السياسية القديمة ذاتها مع تفاوت قليل بحسب الدوائر. القانون قد وضع على قياس الأحزاب الأساسية، ولكن ذلك لا يلغي أنها تعاني من ارتباك. فقد وضع القانون تحت ضغط المجتمع الدولي والجهات المانحة والمؤتمرات الدولية، كما تضمن ثغرات كثيرة، منها تبيّن أن من أقر القانون لا يعرف ما فعله. عموماً، الصوت التفضيلي وتقسيم الدوائر جاءت على قياس مرشحين محددين، ما سيعيدهم إلى البرلمان، ولكن يوجد القليل من الأمل يرتبط بتردد بعض الأحزاب والسياسيين في عدم حسم النتائج نهائياً قبل موعد الانتخاب، ولكن الدوائر التي ستشهد خروقات من خارج الأحزاب المسيطرة ستكون معدودة جداً.
* ماذا عن القسيمة الانتخابية الموحدة؟
القسيمة الموحدة تعتبر من التغييرات الإيجابية التي أقرها القانون الجديد. في السابق كانت "المكنات الانتخابية" توزع قسائم الاقتراع على المقترعين، وتتضمن أسماء المرشحين يتم شطب بعضها واستبدال بعضها الآخر. اليوم، أصبحت القسيمة رسمية توزع حصراً من قبل رئيس القلم. وهذه القسيمة لها الكثير من المميزات، كونها تصعب على "المكنات الانتخابية" معرفة لمن صوت المقترع، وبالتالي تحصر الرشوات الانتخابية. وكذا تسهل الاقتراع بالنسبة للأشخاص الذين لا يعرفون القراءة كون كل لائحة لها لون إضافة لوضع وجوه الأشخاص على اللائحة، كما تتميز بالأحرف النافرة من أجل الناخب الكفيف، ما يمنع دخول أشخاص مع هذه الفئة خلف العازل. وهذه القسيمة غير قابلة للتصوير حيث لا يمكن أن تتسرب أو تصل إلى مكنات أو أحزاب. وقسيمة الاقتراع فيها صوتان، الأول للائحة والآخر تفضيلي نعطيه إلى مرشح واحد في هذه اللائحة ونعطيه حظوظاً إضافية للفوز.
وكل شيء واضح في القسيمة الانتخابية، كما أنه لا يوجد إمكانية للتصويت للائحتين ولا إعطاء صوت تفضيلي لشخصين في لائحتين، وفي حال أعطى الناخب صوته التفضيلي في لائحة يكون قد صوت لهذه اللائحة حتى لو لم يضع إشارة في الخانة المخصصة لترشيحها.
* تحدثتم عن مشكلة في احتساب الحاصل الانتخابي على أنه ذاته العتبة الانتخابية، هل يمكن تفسير هذه الإشكالية أكثر؟
يشير القانون الجديد إلى أن اللوائح التي تتأهل إلى مرحلة توزيع المقاعد يجب أن تحقق الحاصل الانتخابي، وهو عدد المقترعين مقسوماً على عدد المقاعد في كل دائرة. مثلاً، إذا كان عدد المقترعين 100 ألف في دائرة خصصت لها 5 مقاعد في البرلمان، يكون الحاصل الانتخابي 20 ألف صوت، في حال لم تحصل لائحة ما على 20 ألف صوت تخرج من المنافسة، ومن يأخذ هذا العدد من الأصوات وما فوق يتأهل لمرحلة توزيع المقاعد.
الملفت أن هذا الحاصل الانتخابي احتسب في لبنان على أنه العتبة الانتخابية. وهذا أمر يتناقض مع ما يحصل في غالبية الدول في العالم. بحيث هي لا تتعدى العتبة الانتخابية 5% بالحد الأقصى، وهي تضمن وصول المرشح إلى البرلمان، أما في لبنان فقد تصل هذه العتبة (أو الحاصل) إلى 20% ما يصعب وصول العديد من المرشحين إلى مجلس النواب.
ويوجد إشكالية أساسية أخرى، وهي قيمة الصوت والمقعد، في المعايير الدولية لتقسيم الدوائر، لا يتعدى الفارق ما بين عدد الناخبين بين دائرة وأخرى الـ 15%، ولكن في لبنان يصل الفارق بين بعض الدوائر إلى 600%. وهذا الأمر ينعكس على قيمة المقعد والصوت لكل من الناخب والمرشح، ويعزز عدم المساواة.
والقانون غير واضح في الكثير من البنود، إذ تشير مادة منه إلى الاقتراع بالقسيمة الانتخابية ومادة أخرى تشير إلى الاقتراع بمغلف توضع فيه القسيمة. وأيضاً، تشير مادة إلى احتساب نسبة الأصوات الصحيحة، وفي مادة أخرى يتم احتساب الأصوات البيضاء أيضاً.
* ما هي أبرز المخالفات التي تم رصدها حتى اليوم؟ وماذا تتوقعون خلال يوم الانتخاب؟
يوجد العديد من المخالفات التي رصدت حتى اليوم، أهمها استغلال النفوذ لدى الوزراء المرشحين للانتخابات النيابية. فقد أعلن وزير الأشغال (غير مرشح للبرلمان) أنه بناء على طلب المرشح إلى البرلمان طوني فرنجية، سوف يقوم بتزفيت الطريق. وكذلك وضع وزير الخارجية جبران باسيل (مرشح للبرلمان) على صفحته على تويتر إعلان خفض كلفة تجديد جواز السفر، بدلاً من وضعه على موقع الوزارة. وكذا الظهور الإعلامي لوزير الداخلية وهو مرشح أيضاً، بحيث يقوم بدعاية للائحته وقد تحدث في لقاءاته مثلا عن قانون العفو... وكذا، توجد معضلة الإعلاميين المرشحين، في عدد من الدول حين يترشح الإعلامي يتوقف عن الظهور على الهواء، ولكن في لبنان يظهرون ويكرسون صورة في ذهن الناس لانتخابهم وهذه إشكالية. إضافة أيضاً إلى مسألة الدعاية غير المنظمة، حيث يتم وضع الصور على الأماكن والمرافق العامة بشكل كثيف. كذلك، بدأ الحديث عن الرشاوى والخدمات بشكل واسع خاصة في أماكن المعارك الانتخابية الحامية، مع بدء محاولات الضغط على الناخبين للتأثير على خياراتهم الانتخابية.
أما السيناريوهات المتوقعة للمخالفات في اليوم الانتخابي، فأبرزها تدوير قسيمة الاقتراع، بحيث يمكن أن يصار إلى إعطاء شخص قسيمة بيضاء يضعها في الصندوق ويُخرج القسيمة الرسمية لتعبئتها وتسليمها إلى الناخبين لإلزامهم على التصويت لأشخاص ولوائح محددة. وكذا، نتوقع تصوير القسيمة بعد ترشيح اللائحة وإرسالها إلى "الماكينة الانتخابية" لاحتساب الصوت، وهنا يأتي دور رؤساء الأقلام والمراقبين داخل مراكز الاقتراع. أما مسألة شراء الأصوات فهي تحدّ أساسي ينتظرنا، إذ يصعب إثباتها.
* ماذا عن دور هيئة الإشراف على الانتخابات ومشكلاتها؟
هيئة الإشراف ضعيفة، فهي من ناحية لا تضم خبراء انتخابيين لهم باع في المشاركة بمراقبة الانتخابات في الخارج مثلاً أو خبرات انتخابية واسعة، إضافة إلى التأخر الكبير في صرف ميزانية الهيئة وعدد المراقبين المحدود جداً والجسم التنفيذي غير مكتمل. كما يوجد تأخير في تجهيز مكاتب الهيئة. كما أنها ليست مستقلة تماماً عن وزارة الداخلية، في حين أن الهيئة لم تقم بعملية التثقيف الانتخابي لرؤساء الأقلام والعاملين خلال اليوم الانتخابي... المشكلة عميقة.
رشا أبو زكي
يؤكد مستشار وزير الداخلية والبلديات الدكتور خليل جبارة في مقابلة مع "العربي الجديد" أن القانون النسبي يتضمن بعض الثغرات التي ظهرت مع تطبيقه، مع وجود اقتراحات لتعديل بعض المواد. ويلفت جبارة إلى أن وزير الداخلية نهاد المشنوق المرشح بدوره إلى الانتخابات النيابية، خاضع كما غيره من المرشحين لرقابة هيئة الإشراف على الانتخابات، وحين يرتكب مخالفة قانونية ستعلن الهيئة عنها...
وهنا نص المقابلة...
* ما هي أهم البنود في قانون الانتخاب الجديد، وأبرز ثغراته؟
قانون الانتخابات الجديد مبني على النظام النسبي، كل ما نراه من القسيمة الانتخابية المطبوعة سلفاً واحتساب النتائج إلكترونياً، وتسجيل اللوائح كلها تداعيات عملية الاقتراع النسبي التي تتضمن الصوت التفضيلي. ويوجد نوعان من الاقتراع: اقتراع نسبي بين اللوائح ومنافسة فردية بين المرشحين في اللائحة ذاتها على الصوت التفضيلي. هذا النظام النسبي يطبق لأول مرة في لبنان منذ عام 1932، وكذا اقتراع اللبنانيين المقيمين في الخارج. أما ما تبقى فإجراءات تشبه العمليات الانتخابية السابقة. بالنسبة للثغرات، كلنا اليوم نتعلم من التجربة الأولى، وإذ يوجد مواد نختبرها لأول مرة وتحتاج إلى إجراءات تطبيقية إضافية وكذلك يوجد مواد يمكن أن تطبّق بطريقة أخرى، لذا نلحظ قرارات وإجراءات متلاحقة تصدر عن وزير الداخلية للمساعدة في إجراء الانتخابات وفق القانون الجديد، وطبعا توجد اقتراحات لتعديل بعض مواد القانون.
* لماذا لا تزال هيئة الإشراف على الانتخابات ضعيفة بالرغم من محورية دورها؟
دور الهيئة تطور عن الانتخابات السابقة، فقد كانت تعمل تحت إشراف وزارة الداخلية الآن يوجد فقط تنسيق مع وزير الداخلية، كما أن القانون أعطاها صبغة من الاستقلالية والديمومة، ولكن حدثت أمور مالية بيروقراطية أخرت صرف الأموال المخصصة للهيئة، ولكن في النهاية تم صرف الاعتمادات التي أخرت عمل هيئة الإشراف، والآن لم يعد لديها أية عوائق لممارسة مهامها.
* ولكن الهيئة لا تزال تعاني من ضعف جهازها البشري وإمكاناتها الرقابية...
إذا نظرنا موضوعياً إلى قانون الانتخاب نجد أن دور هيئة الإشراف بمراقبة وسائل الإعلام معزز أكثر من دورها في عملية مراقبة الإنفاق الانتخابي، كونه لا يوجد لديها جهاز إداري على الأرض لمراقبة الإنفاق الانتخابي، في حين أن مراقبة الإعلام أسهل. وهذه المشكلة أساسية لذا نرى الهيئة تتجاوب مع الشكاوى حول الإعلام بفاعلية أكثر من الإنفاق الانتخابي. فإذا تم تقديم شكوى ضد وسيلة إعلامية، تحصل الهيئة بسهولة على الشريط وتحلله وتأخذ إجراء بحق الوسيلة الإعلامية وغيره، أما في ما يتعلق بالإنفاق الانتخابي أو استغلال السلطة تحول الهيئة الشكاوى للإدارة المعنية وتصبح خارج سيطرتها. ولكنني لا أرى أن الهيئة لا تمارس صلاحياتها، فهي لديها الاستقلالية الإدارية، ولكن ليس لديها استقلالية مالية عن وزارة الداخلية، علماً أن الوزارة لم تتدخل بأي قرار تصدره الهيئة، الأخيرة تبلغ الوزير بقراراتها لأخذ العلم فقط.
* ما هو حجم الأموال المرصود للعملية الانتخابية؟ وكم دفع المرشحون لتقديم طلباتهم؟
دفع المرشحون لتقديم طلبات ترشحهم خمسة ملايين دولار، أما في ما يتعلق بكلفة تنظيم العملية الانتخابية من قبل الوزارة، فقد طلبنا اعتمادات بقيمة 50 مليار ليرة (33 مليون دولار) لتغطية النفقات الانتخابية وعمل هيئة الإشراف، وهذا المبلغ لا يشمل الأمور التي لم تطبق مثل البطاقة الممغنطة والمراكز الانتخابية الكبرى.
* نلحظ أن سقف الإنفاق وبعض بنود الإنفاق الانتخابي المحددة في القانون الجديد، تضرب مبدأ تكافؤ الفرص بين المرشحين، مثل نقل الناخبين من الخارج على نفقة المرشحين، فهل تمت قوننة الرشاوى؟
يعتبر نقل الناخبين من ضمن النفقات الانتخابية التي تقع على عاتق المرشحين. ومن يعتبرها رشوة فهو يقول رأياً، وهو رأي غير قانوني، فقانون الانتخاب وضع هذه النفقات جزءاً من كلفة الانتخابات، وإذا المرشح نقل خمسة آلاف ناخب بين بيروت ومدينة أخرى مثلاً وصرّح عن ذلك ضمن السقف الانتخابي، فهو لا يعتبر مخالفاً، وإذا لم يصرح من ضمن التقرير المالي للإنفاق، يعتبر حينها مخالفاً.
* لكن كان ذلك يعتبر رشوة في السابق، كما أنه يوجد مرشحون لا يملكون الأموال لنقل الناخبين، ألم يعط القانون المرشحين الأثرياء فرصة أكبر من المرشحين الآخرين للوصول إلى الناخبين؟
القانون أعطى المرشح مجالاً لصرف الأموال، وحدد له الحجم الأقصى للإنفاق الانتخابي، وفي كل دول العالم يوجد سقف للإنفاق، ولكن في الدول الأخرى فإن للمرشحين وخصوصاً الأحزاب السياسية حق استخدام جزء من المال العام للإنفاق الانتخابي، ولكن في لبنان الإنفاق خاص على نفقة المرشح. وإذا كان السقف عالياً، فمن لديه إمكانيات أعلى يصرف أكثر، وذلك ضمن إطار القانون. في النهاية، هدف القانون هو تنظيم الحملات الانتخابية.
* يوجد 17 وزيراً مرشحاً للنيابة، ويستفيدون من موقعهم الوزاري لتسويق برامجهم الانتخابية، ووزير الداخلية الذي من المفترض أن ينظم الانتخابات وينسق مع هيئة الإشراف هو مرشح ضمن لائحة ذات توجه سياسي، ألا يعتبر ذلك ثغرة أيضاَ؟
توجد نقطتان مختلفتان، حق الوزراء في الترشح للانتخابات أولاً، وموضوع استغلال السلطة ثانياً. اعتبار الوزير الذي ترشح إلى الانتخابات مستغلاً للسلطة هو رأي غير دقيق. طالما لا يوجد فصل بين النيابة والوزارة سنرى دوماً وزراء مرشحين إلى البرلمان. أما استغلال السلطة فهو موضوع آخر ويقع على عاتق هيئة الإشراف على الانتخابات مراقبة هذا الموضوع.
* تابعنا الكثير من المخالفات التي ارتكبها وزير الداخلية نهاد المشنوق، من مهاجمة ناخبي اللوائح التي تنافسه، إلى دعوة لوائح للانسحاب، إلى استغلال الموقع الإلكتروني للوزارة لتسويق الأخبار الخدماتية، من يضمن النزاهة الانتخابية في حال خالف وزير الداخلية القانون؟
هيئة الإشراف على الانتخابات تراقب المرشحين ومن بينهم وزير الداخلية، وحين يخالف ستعلن ذلك. وزير الداخلية ينتمي لفريق سياسي، وقد أجريت انتخابات بلدية ولم يتدخل من موقعه السياسي. إن وزارة الداخلية على الحياد في العملية الانتخابية، وإذا خالف الوزير القانون ستتابعه هيئة الإشراف على الانتخابات كما غيره من المرشحين.
انتخابات لبنان 2018