يقلل الخبير بمركز بحوث قضايا الأمن التابع لأكاديمية العلوم الروسية، قسطنطين بلوخين، من احتمالات انزلاق موسكو إلى سباق التسلح الفضائي في الوقت الحالي، إذ قد يستنزف مواردها المالية مرة أخرى، خاصة بعد تجربتها في سياق سباق التسلح السوفييتي الأميركي في الثمانينيات، على الرغم من تجدد أجواء "الحرب الباردة" كما يقول، لكن الخبير العسكري ورئيس تحرير مجلة الدفاع الوطني العسكرية الروسية، العقيد إيغور كوروتشينكو، يختلف مع الرؤية السابقة، معتبرا أن العجز عن إيجاد حلول تقنية وحده يفصل "البنتاغون" عن نشر عناصر فضائية للدرع الصاروخية، قادرة على اعتراض الصواريخ الروسية التي تفوق سرعة الصوت، وهو أمر لن تتركه روسيا من دون رد، وفق اعتقاده.
سباق التسلح
ثمة مخاوف من انتقال سباق التسلح من الأرض إلى الفضاء، ومن مؤشرات هذا التوجه، تأسيس القوات الجوية الفضائية الروسية عام 2015 والتي تنفذ عملية عسكرية في سورية، وإعلان نائب الرئيس الأميركي، مايك بنس، في أغسطس/آب الماضي عن نية بلاده تأسيس قوات فضائية بحلول عام 2020، وبحسب تصريحات نائب وزير الدفاع الأميركي للشؤون السياسية، جون رود في سبتمبر/أيلول الماضي، فإن الصواريخ الروسية والصينية التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، تشكل واحدا من أكبر التهديدات للولايات المتحدة، معلنا عن قرب موعد نشر نتائج مراجعة كامل البنية التحتية للمنظومة الأميركية للدرع الصاروخية وفاعليتها.
سباق التسلح
ثمة مخاوف من انتقال سباق التسلح من الأرض إلى الفضاء، ومن مؤشرات هذا التوجه، تأسيس القوات الجوية الفضائية الروسية عام 2015 والتي تنفذ عملية عسكرية في سورية، وإعلان نائب الرئيس الأميركي، مايك بنس، في أغسطس/آب الماضي عن نية بلاده تأسيس قوات فضائية بحلول عام 2020، وبحسب تصريحات نائب وزير الدفاع الأميركي للشؤون السياسية، جون رود في سبتمبر/أيلول الماضي، فإن الصواريخ الروسية والصينية التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، تشكل واحدا من أكبر التهديدات للولايات المتحدة، معلنا عن قرب موعد نشر نتائج مراجعة كامل البنية التحتية للمنظومة الأميركية للدرع الصاروخية وفاعليتها.
ويعلق كوروتشينكو على ذلك، قائلا في تصريح لـ"العربي الجديد": "سبقت روسيا الولايات المتحدة في تأسيس قوات فضائية. أما واشنطن التي تخوض سباق تسلح مستمرا، فستنشر عناصر للدرع الصاروخية على المدار بمجرد توفر الإمكانية التكنولوجية لذلك، بينما سترد موسكو على ذلك".
وبحسب بيانات الموقع الرسمي لوزارة الدفاع الروسية التي اطلع عليها معد التحقيق، فإن مهام القوات الجوية الفضائية تشمل رصد الأجسام الفضائية والتهديدات الموجهة ضد روسيا في الفضاء ومنه، وعند الضرورة صد هذه التهديدات وتزويد الإدارة العليا بالمعلومات الموثوق فيها عن رصد إطلاق صواريخ باليستية والتحذير عند وقوع أي هجوم صاروخي؛ وتنفيذ عمليات إطلاق المركبات الفضائية في المدار وإدارة أنظمة الأقمار الصناعية للاستخدام المزدوج (عسكري ومدني) واستخدام بعض منها إمداد القوات الروسية بالمعلومات المطلوبة، والحفاظ على التشكيل المقرر للأقمار الصناعية وعلى استعداد الأقمار العسكرية والمزدوجة بالإضافة إلى وسائل إطلاقها والتحكم فيها، وهو ما يتفق مع إعلان وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، في مارس/آذار الماضي، عن تأسيس "المجموعة المدارية للأقمار الصناعية"، مشيرا إلى أن الجيش والأسطول يجب أن يكونا جاهزين للتعامل مع الأساليب المستقبلية للحروب.
اقــرأ أيضاً
حرب النجوم
لا يعد التنافس العسكري بين موسكو وواشنطن في مجال الفضاء وليد اللحظة، بل تعود جذوره إلى آخر عقد من وجود الاتحاد السوفييتي في الثمانينيات، إذ أعلن الرئيس الأميركي آنذاك، رونالد ريغان، في كلمة متلفزة عام 1983 عن "المبادرة الاستراتيجية الدفاعية" التي كانت تقتضي إقامة درع نووية قادرة على اعتراض الصواريخ على كامل مسار تحليقها ونشر أسلحة في الفضاء.
ورغم أن الإدارة الأميركية كانت تدرك أن تطوير أسلحة فضائية سيستغرق وقتا طويلا، إلا أن "حروب النجوم" جرّت الاتحاد السوفييتي إلى موجة جديدة من سباق التسلح الذي استنزف موارده المالية وسرع من انهياره، ويقول بلوخين في إفادته لـ"العربي الجديد": "كانت رؤية ريغان والمحافظين الجدد لـ"حرب النجوم" بمثابة خدعة، ولكن النخبة السوفييتية أرادت تصديقها. كانت هناك إمكانية للحفاظ على النظام، ولكن النخبة لم ترد ذلك، فجاء سباق التسلح مجرد ذريعة أرادوا تصديقها".
أهداف عسكرية برسائل سياسية
يعتقد خبراء استراتيجيون روس أن نشر أسلحة ضاربة في الفضاء يبدو أقرب إلى الخيال في الوقت الحالي والمستقبل المنظور، من بينهم عضو رئاسة أكاديمية القضايا الجيوسياسية بموسكو أرايك ستيبانيان، والذي قال لـ"العربي الجديد": "سباق التسلح خارج الغلاف الجوي قضية سياسية أكثر منها عسكرية، تعتمد روسيا على الفضاء في مجال الاستطلاع والملاحة بواسطة الأقمار الصناعية، بينما توظف أميركا الفضاء لأغراض سياسية"، يضيف قائلا: "تسعى الإدارة الأميركية لتمرير مشروع القوات الفضائية عبر الكونغرس دون إصدار تقرير من البنتاغون رغم أنه يعد الجهة المختصة بمثل هذه القضايا. يسعى الكونغرس لإظهار أن الولايات المتحدة تتفوق على روسيا والصين في مجال الفضاء، بينما يحتاج دونالد ترامب إلى الإثبات أنه أعاد المجد إلى بلاده".
ويقلل من واقعية وصول القوى العظمى إلى مرحلة الحرب في الفضاء، قائلا: "إذا اندلعت الحرب، فسيتم إسقاط أقمار صناعية أميركية، مما سيؤثر في العالم أجمع، في ظل اعتماد الاقتصاد الرقمي على الأقمار الصناعية. كما أن النفقات المطلوبة لتطوير عناصر أسلحة قابلة للنشر في الفضاء، تقدر بنحو 300 مليار دولار، وهو رقم لم يتم إدراجه على الميزانية العسكرية الأميركية".
استخلاص دروس التاريخ
بعد مرور 35 عاما على كلمة ريغان، عادت أجواء "الحرب الباردة" ونذر سباق التسلح إلى الخطاب السياسي بالساحة الدولية، مما تجلى بوضوح في الرسالة الأخيرة التي وجهها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى الجمعية الفدرالية الروسية مطلع مارس/آذار الماضي، حين أعلن عن تطوير صواريخ "سارمات" الجديدة العابرة للقارات والقادرة على الوصول إلى أي مكان في العالم، وأسلحة تفوق سرعتها سرعة الصوت، ومنظومات الليزر وغيرها. وبحسب قناة "زفيزدا" التابعة لوزارة الدفاع الروسية، فإن منظومة "سارمات" يصعب اعتراضها بواسطة الدرع الصاروخية، كما يمكن إطلاقها إلى مسافة غير محدودة فوق عبر الأجواء فوق القطبين الشمالي والجنوبي. ولعل هذا ما دفع بالولايات المتحدة إلى الإسراع في قرار إنشاء قواتها الفضائية بحسب ما أوضحه الخبراء المشاركون في التحقيق.
ومع ذلك، يرجح بلوخين أن الكرملين استخلص دروس التاريخ ولن يسمح بجر روسيا إلى سباق تسلح قد يستنزف مواردها، ويقول: "تسعى واشنطن للهيمنة على الأرض وفي المجال الإلكتروني والفضاء الذي تعتبر أنه سيمكنها من السيطرة على الكرة الأرضية كاملة. سباق التسلح مستمر بالفعل، وتواجه روسيا البرامج العسكرية الأميركية عالية الكلفة بتطوير صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت وتقل تكلفتها عن تكلفة بناء حاملة طائرات واحدة بآلاف الأضعاف. لا تُعنى روسيا بالانجرار إلى الصدام ولا تعتمد فكرة الضربات الاستباقية".
ويعتبر الخبير الأمني الروسي أن الخطط الأميركية لتأسيس قوات فضائية لا تزال "خدعة"، شأنها في ذلك شأن "حرب النجوم"، متسائلا بسخرية: "إذ لم تكن الولايات المتحدة قادرة على الاستغناء عن محركات "إر دي" الروسية في صواريخها الفضائية، فكيف تستطيع إقامة منصات عسكرية في الفضاء؟".
اعتماد متبادل
على الرغم من المؤشرات لتجاوز التسابق العسكري الروسي - الأميركي حدود الغلاف الجوي، إلا أن ثمة تعاونا مستمرا واعتمادا متبادلا بين موسكو وواشنطن في مجال الفضاء رغم الخلافات السياسية، وفق ما توضحه مؤسسة شركة "غالاكتيكا" "المجرة" المنسقة للمشاريع الفضائية، علياء بروكوفييفا.
وعلى الرغم من ريادتها العلمية والتكنولوجية، إلا أن الولايات المتحدة لم تستطع حتى الآن الاستغناء عن محركات "إر دي-180" الروسية التي شاركت في الرحلات الفضائية إلى المريخ وبلوتو وسنويا يجري شحن من 4 محركات إلى 5 محركات إلى أميركا من مصنع اينيرغوماش الروسي لتستخدم في مركبات فضائية أميركية، كما تعتمد واشنطن على مركبات روسية لإرسال رواد الفضاء الأميركيين إلى محطة الفضاء الدولية، حيث يعملون جنبا إلى جنب مع زملائهم من روسيا وغيرها من دول العالم. وعلى الرغم من عمل الولايات المتحدة على تطوير بديل للمحركات الروسية، إلا أن وكالة "ناسا" قررت في نهاية يوليو/تموز الماضي استمرار استخدام "إر دي-180" في برامجها الفضائية. كما أن شركة "إينيرغوماش" الروسية، كانت قد أبرمت مع الجانب الأميركي أخيرا عقدا بقيمة 1,22 مليار دولار لتوريد المحركات اللازمة لصواريخ "أطلس-5" الثقيلة، و"أنتاريس" المتوسطة، وذلك استمرارا لتعاون يعود بين الجانبين لعام 1997، استهل بصفقة توريد أكثر من 100 محرك من هذا النوع لواشنطن، وفي هذا الإطار، تقول بروكوفييفا التي تروج للمشاريع الفضائية الروسية لـ"العربي الجديد": "لا تزال موسكو تملك تكنولوجيا فريدة من نوعها لا مثيل لها لدى الولايات المتحدة، لإطلاق مركبات مأهولة. صحيح أن الولايات المتحدة لديها أيضا عدد كبير من التصاميم أجرتها لبرامج الملاحة الكونية المأهولة، ولكن المركبات الروسية لا تزال الأفضل لنقل رواد الفضاء إلى المدار. كما أن هناك تعاونا في مجال المحركات".
وحول المجالات الواعدة للتعاون في مجال الفضاء، تضيف: "الاتجاه الأول هو "التعدين الفضائي"، أي استخراج المعادن من الكويكبات، وهناك بالفعل مشاريع "ستارت أب" في هذا المجال. أما الاتجاهان الآخران، فهما نقل الصناعات إلى المدار وإقامة قواعد ستعمل باستقلالية إما على المدار وإما على كواكب أخرى".
وبحسب بيانات الموقع الرسمي لوزارة الدفاع الروسية التي اطلع عليها معد التحقيق، فإن مهام القوات الجوية الفضائية تشمل رصد الأجسام الفضائية والتهديدات الموجهة ضد روسيا في الفضاء ومنه، وعند الضرورة صد هذه التهديدات وتزويد الإدارة العليا بالمعلومات الموثوق فيها عن رصد إطلاق صواريخ باليستية والتحذير عند وقوع أي هجوم صاروخي؛ وتنفيذ عمليات إطلاق المركبات الفضائية في المدار وإدارة أنظمة الأقمار الصناعية للاستخدام المزدوج (عسكري ومدني) واستخدام بعض منها إمداد القوات الروسية بالمعلومات المطلوبة، والحفاظ على التشكيل المقرر للأقمار الصناعية وعلى استعداد الأقمار العسكرية والمزدوجة بالإضافة إلى وسائل إطلاقها والتحكم فيها، وهو ما يتفق مع إعلان وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، في مارس/آذار الماضي، عن تأسيس "المجموعة المدارية للأقمار الصناعية"، مشيرا إلى أن الجيش والأسطول يجب أن يكونا جاهزين للتعامل مع الأساليب المستقبلية للحروب.
حرب النجوم
لا يعد التنافس العسكري بين موسكو وواشنطن في مجال الفضاء وليد اللحظة، بل تعود جذوره إلى آخر عقد من وجود الاتحاد السوفييتي في الثمانينيات، إذ أعلن الرئيس الأميركي آنذاك، رونالد ريغان، في كلمة متلفزة عام 1983 عن "المبادرة الاستراتيجية الدفاعية" التي كانت تقتضي إقامة درع نووية قادرة على اعتراض الصواريخ على كامل مسار تحليقها ونشر أسلحة في الفضاء.
ورغم أن الإدارة الأميركية كانت تدرك أن تطوير أسلحة فضائية سيستغرق وقتا طويلا، إلا أن "حروب النجوم" جرّت الاتحاد السوفييتي إلى موجة جديدة من سباق التسلح الذي استنزف موارده المالية وسرع من انهياره، ويقول بلوخين في إفادته لـ"العربي الجديد": "كانت رؤية ريغان والمحافظين الجدد لـ"حرب النجوم" بمثابة خدعة، ولكن النخبة السوفييتية أرادت تصديقها. كانت هناك إمكانية للحفاظ على النظام، ولكن النخبة لم ترد ذلك، فجاء سباق التسلح مجرد ذريعة أرادوا تصديقها".
أهداف عسكرية برسائل سياسية
يعتقد خبراء استراتيجيون روس أن نشر أسلحة ضاربة في الفضاء يبدو أقرب إلى الخيال في الوقت الحالي والمستقبل المنظور، من بينهم عضو رئاسة أكاديمية القضايا الجيوسياسية بموسكو أرايك ستيبانيان، والذي قال لـ"العربي الجديد": "سباق التسلح خارج الغلاف الجوي قضية سياسية أكثر منها عسكرية، تعتمد روسيا على الفضاء في مجال الاستطلاع والملاحة بواسطة الأقمار الصناعية، بينما توظف أميركا الفضاء لأغراض سياسية"، يضيف قائلا: "تسعى الإدارة الأميركية لتمرير مشروع القوات الفضائية عبر الكونغرس دون إصدار تقرير من البنتاغون رغم أنه يعد الجهة المختصة بمثل هذه القضايا. يسعى الكونغرس لإظهار أن الولايات المتحدة تتفوق على روسيا والصين في مجال الفضاء، بينما يحتاج دونالد ترامب إلى الإثبات أنه أعاد المجد إلى بلاده".
ويقلل من واقعية وصول القوى العظمى إلى مرحلة الحرب في الفضاء، قائلا: "إذا اندلعت الحرب، فسيتم إسقاط أقمار صناعية أميركية، مما سيؤثر في العالم أجمع، في ظل اعتماد الاقتصاد الرقمي على الأقمار الصناعية. كما أن النفقات المطلوبة لتطوير عناصر أسلحة قابلة للنشر في الفضاء، تقدر بنحو 300 مليار دولار، وهو رقم لم يتم إدراجه على الميزانية العسكرية الأميركية".
استخلاص دروس التاريخ
بعد مرور 35 عاما على كلمة ريغان، عادت أجواء "الحرب الباردة" ونذر سباق التسلح إلى الخطاب السياسي بالساحة الدولية، مما تجلى بوضوح في الرسالة الأخيرة التي وجهها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى الجمعية الفدرالية الروسية مطلع مارس/آذار الماضي، حين أعلن عن تطوير صواريخ "سارمات" الجديدة العابرة للقارات والقادرة على الوصول إلى أي مكان في العالم، وأسلحة تفوق سرعتها سرعة الصوت، ومنظومات الليزر وغيرها. وبحسب قناة "زفيزدا" التابعة لوزارة الدفاع الروسية، فإن منظومة "سارمات" يصعب اعتراضها بواسطة الدرع الصاروخية، كما يمكن إطلاقها إلى مسافة غير محدودة فوق عبر الأجواء فوق القطبين الشمالي والجنوبي. ولعل هذا ما دفع بالولايات المتحدة إلى الإسراع في قرار إنشاء قواتها الفضائية بحسب ما أوضحه الخبراء المشاركون في التحقيق.
ومع ذلك، يرجح بلوخين أن الكرملين استخلص دروس التاريخ ولن يسمح بجر روسيا إلى سباق تسلح قد يستنزف مواردها، ويقول: "تسعى واشنطن للهيمنة على الأرض وفي المجال الإلكتروني والفضاء الذي تعتبر أنه سيمكنها من السيطرة على الكرة الأرضية كاملة. سباق التسلح مستمر بالفعل، وتواجه روسيا البرامج العسكرية الأميركية عالية الكلفة بتطوير صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت وتقل تكلفتها عن تكلفة بناء حاملة طائرات واحدة بآلاف الأضعاف. لا تُعنى روسيا بالانجرار إلى الصدام ولا تعتمد فكرة الضربات الاستباقية".
ويعتبر الخبير الأمني الروسي أن الخطط الأميركية لتأسيس قوات فضائية لا تزال "خدعة"، شأنها في ذلك شأن "حرب النجوم"، متسائلا بسخرية: "إذ لم تكن الولايات المتحدة قادرة على الاستغناء عن محركات "إر دي" الروسية في صواريخها الفضائية، فكيف تستطيع إقامة منصات عسكرية في الفضاء؟".
اعتماد متبادل
على الرغم من المؤشرات لتجاوز التسابق العسكري الروسي - الأميركي حدود الغلاف الجوي، إلا أن ثمة تعاونا مستمرا واعتمادا متبادلا بين موسكو وواشنطن في مجال الفضاء رغم الخلافات السياسية، وفق ما توضحه مؤسسة شركة "غالاكتيكا" "المجرة" المنسقة للمشاريع الفضائية، علياء بروكوفييفا.
وعلى الرغم من ريادتها العلمية والتكنولوجية، إلا أن الولايات المتحدة لم تستطع حتى الآن الاستغناء عن محركات "إر دي-180" الروسية التي شاركت في الرحلات الفضائية إلى المريخ وبلوتو وسنويا يجري شحن من 4 محركات إلى 5 محركات إلى أميركا من مصنع اينيرغوماش الروسي لتستخدم في مركبات فضائية أميركية، كما تعتمد واشنطن على مركبات روسية لإرسال رواد الفضاء الأميركيين إلى محطة الفضاء الدولية، حيث يعملون جنبا إلى جنب مع زملائهم من روسيا وغيرها من دول العالم. وعلى الرغم من عمل الولايات المتحدة على تطوير بديل للمحركات الروسية، إلا أن وكالة "ناسا" قررت في نهاية يوليو/تموز الماضي استمرار استخدام "إر دي-180" في برامجها الفضائية. كما أن شركة "إينيرغوماش" الروسية، كانت قد أبرمت مع الجانب الأميركي أخيرا عقدا بقيمة 1,22 مليار دولار لتوريد المحركات اللازمة لصواريخ "أطلس-5" الثقيلة، و"أنتاريس" المتوسطة، وذلك استمرارا لتعاون يعود بين الجانبين لعام 1997، استهل بصفقة توريد أكثر من 100 محرك من هذا النوع لواشنطن، وفي هذا الإطار، تقول بروكوفييفا التي تروج للمشاريع الفضائية الروسية لـ"العربي الجديد": "لا تزال موسكو تملك تكنولوجيا فريدة من نوعها لا مثيل لها لدى الولايات المتحدة، لإطلاق مركبات مأهولة. صحيح أن الولايات المتحدة لديها أيضا عدد كبير من التصاميم أجرتها لبرامج الملاحة الكونية المأهولة، ولكن المركبات الروسية لا تزال الأفضل لنقل رواد الفضاء إلى المدار. كما أن هناك تعاونا في مجال المحركات".
وحول المجالات الواعدة للتعاون في مجال الفضاء، تضيف: "الاتجاه الأول هو "التعدين الفضائي"، أي استخراج المعادن من الكويكبات، وهناك بالفعل مشاريع "ستارت أب" في هذا المجال. أما الاتجاهان الآخران، فهما نقل الصناعات إلى المدار وإقامة قواعد ستعمل باستقلالية إما على المدار وإما على كواكب أخرى".