على مدى أسبوع كامل، اجتهد أطباء وجراحون في مستشفى غزة الأوروبي بمحافظة خان يونس جنوبي القطاع، من أجل إنقاذ قدم الفتاة مريم فريد أبو مطر من خطر البتر، بعد إصابتها برصاصة متفجرة أطلقها قناصة جيش الاحتلال خلال مشاركتها في مسيرات العودة.
وهشمت الرصاصة عظام قدم مريم وقطعت الأوردة والشرايين بحسب الطبيبين المشرفين على حالتها جمال أبو هلال أخصائي العظام، وسامي أبو سنيمة استشاري جراحة الأوعية الدموية، وهو أمر متكرر منذ أن بدأت مسيرات العودة في ذكرى يوم الأرض الموافق 30 مارس/آذار، إذ وثقت وزارة الصحة في غزة، إصابات خطيرة وغير مسبوقة بسبب نوعية رصاص الاحتلال التي تسبب مضاعفات مركبة وفق ما قاله الدكتور أشرف القدرة الناطق الإعلامي باسم الوزارة، والذي كشف أنه حتى تاريخ 12 إبريل/نيسان أصيب 3100 فلسطيني وفلسطينية، من بينها 1300 إصابة برصاص متفجر، ونحو 700 برصاص عادي ورصاص مغلف بالمطاط، لايزال 80 منهم يعانون وضعا صحيا حرجا جداً، فيما أجريت جراحات لـ 800 مصاب.
وقسم دكتور أشرف القدرة الإصابات إلى صنفين: بالرصاص المتفجر والعادي، موضحا أن 152 أصيبوا في الرأس والرقبة، 284 في الأطراف العلوية، 59 في الظهر والصدر، و72 في البطن والحوض، و1343 في الأطراف السفلية أحدثت كسورا شديدة وإعاقات تراوحت ما بين 30% وحتى 100%، و70 في الأعضاء التناسلية تسبب في إصابة معظمهم بالعقم، بالإضافة إلى 127 إصابة في أماكن متعددة من الجسم، وأدى الوضع السابق إلى رفع جاهزية مستشفيات الوزارة التي استنفرت كل أطقمها الطبية لمواجهة هذا الوضع الخطير، خصوصا مع تعذر تحويل المصابين للعلاج خارج القطاع بسبب رفض الاحتلال منح أي منهم تصاريح مغادرة غزة، وإغلاق معبر رفح البري مع مصر والذي لم يفتح غير ثلاثة أيام منذ بدأت الأحداث، في ظل حصار القطاع الذي تعاني مشافيه نقص الأدوية والمستلزمات الطبية.
اقــرأ أيضاً
توصيف أداة الجريمة
يحمل الرصاص المستخدم ضد المسيرات السلمية صفتين خطيرتين والوصف لـ الدكتور عماد الحوت، مدير مستشفى الشهيد أبو يوسف النجار بمحافظة رفح، ومسؤول الوحدة الطبية الميدانية جنوبي القطاع، إذ إنه من عيار ثقيل، كما أنه متفجر، ما يجعل من مدخل الرصاصة إلى الجسد صغيرا، بينما مخرجها عبارة عن دائرة قطرها كبير، وتُحدث خلال مرورها تهتكا كبيرا وخطيرا في الأنسجة والأوعية الدموية وتهشما للعظام، وهو ما أكده الدكتور عماد الباز رئيس اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق (شكلت بقانون رقم 4 لسنة 2010 الصادر عن المجلس التشريعي لتقصي جرائم الاحتلال بحق المدنيين في قطاع غزة وعملت خلال عدواني 2012 و2014،) والذي قال إن مدخل الرصاصة يتراوح ما بين 2 سنتيمتر إلى 3 سنتيمترات، ومخرجها كبير يتجاوز 20 سنتمتر أحياناً.
واحتاج غالبية المصابين إلى جراحات مركبة، ما بين تثبيت عظام ووصل شرايين مقطعة، وترقيع أنسجة، ومنهم من يحتاجون إلى أشهر طويلة للتعافي، وفقا للدكتور الحوت، وهو ما يطابق شهادة الجراح وائل شقفة، مدير المستشفى الجزائري ببلدة عبسان الجديدة شرقي خان يونس، والذي أكد أن الأطباء تعاملوا مع حالات وصلت إلى فقدان أجزاء من العظام للمصابين، موضحاً أن الرصاصة حين تنفجر في قدم أو جسم المصاب، تحدث تفتتا في العظام، وتنثر عشرات الشظايا الصغيرة، ما يصعب ترميمها أو إعادة تثبيتها، ويكون في الغالب هناك أجزاء غير موجودة من العظم.
مضاعفات خطيرة
لم يحتمل الخمسيني رشاد البابا الآثار القاسية للرصاصة المتفجرة التي أصابت قدمه، والتي أسفرت عن تكسير مفصل الركبة، اذ تدهورت حالته الصحية خلال خضوعه لعملية جراحية، ودخل في غيبوبة مستمرة منذ الثلاثين من آذار/مارس الماضي.
ويقول أحمد الابن الأكبر لرشاد إن "جريمة الاحتلال بحق والده لم تقف عند إصابته برصاصة متفجرة هشمت عظام قدمه، إذ منع الاحتلال خروجه من القطاع للعلاج، رغم حصوله على تحويلة طبية من وزارة الصحة تؤهله للعلاج خارج القطاع على نفقة السلطة، وتقدمهم بأربع طلبات للحصول على تصاريح له ولمرافق معه لمغادرة القطاع، إلا أن جميعها رفضت من قبل سلطات الاحتلال".
ويؤكد مسعفان في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، أن أهم ما لاحظاه خلال نقل المصابين، أن قناصة الاحتلال غالباً يصيبون الشبان في مناطق مفصلية حساسة وخطيرة في الرجل، مثل مفصل الركبة ومفصل أسفل القدم "الرمانة"، وهو ما يتسبب في شعور المصاب بألم شديد، ويحتاج من المسعفين دقة في تحريك ونقل المصاب حتى لا تتفاقم الحالة.
وأكد المسعفان أن الأطقم الطبية تعرضت لإطلاق نار خلال إخلاء المصابين، وأصيب ستة منهم بالرصاص منذ بداية الأحداث.
اقــرأ أيضاً
رصاص محرم
يقسم العقيد جاسر المشوخي، مدير الإدارة العامة لهندسة المتفجرات في شرطة غزة، الرصاص الذي يطلقه الاحتلال تجاه المتظاهرين إلى قسمين الأول عادي "تقليدي" والثاني متفجر، والأخير ينقسم إلى نوعين حسب الحجم، عيارات صغيرة تطلق من بنادق خفيفة "M16"، وأخرى ثقيلة تطلق من بنادق قنص ثقيلة، مخصصة للإصابة من مسافات بعيدة، وهي ذات عيارات كبيرة، واذا ما أصابت من مسافة قصيرة كما يحدث شرق القطاع، يكون أثر الإصابة مضاعفا.
وأوضح المشوخي لـ"العربي الجديد" أن الرصاص المتفجر محرم دولياً، قائلا "فما بالنا بالمدنيين الذين تم رصد حالات تعمد فيها الجنود إصابة جسم صلب وسط حشد من المتظاهرين مثل صخرة أو جسم معدني بحيث تنفجر الرصاصة عند ارتطامها به، لتتناثر الشظايا في كل مكان وتصيب أكثر من متظاهر"، وهو ما أكده شهود عيان من بينهم الصحافي هاني الشاعر، والذي قال لـ"العربي الجديد"،"وثقت حالتين شرقي مدينة خان يونس، الأولى عبارة عن إصابة خمسة شبان برصاصة واحدة، وفي رفح أصابت رصاصة أربعة شبان".
توثيق الجريمة
وثقت اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق أدلة وبراهين تثبت استخدام الاحتلال رصاصا متفجرا محرما دولياً، بعد استخراج شظايا من داخل أجساد جرحى وشهداء، وعرض جثامين شهداء على الطب الشرعي، بالتعاون مع وزارة الصحة الفلسطينية، وبحسب الدكتور الباز فإن "الشهيد الصحافي ياسر مرتجى، والذي أصيب برصاصة في البطن، أدت إلى تهتك الأمعاء والطحال والكبد، ما تسبب في استشهاده بعد وقت قصير من الإصابة، بالإضافة إلى حالة من عائلة عبد العال استشهد وسط القطاع، إثر فصل الرصاصة جزءا من رأسه عن باقي جسده".
وأخضعت اللجنة جثامين الشهداء لعمليات تصوير بالأشعة المقطعية، ووثقت الإصابات بالصور، وأكملت كل الإجراءات القانونية، لتكوين ملف عدلي كامل يدين الاحتلال. وبين رئيس اللجنة أن تقارير الطب الشرعي لجثامين الشهداء وثقت حدوث انفجارات كبيرة داخل أجسادهم، مشددا على أن السلطة الفلسطينية ممثلة بوزارة الخارجية، عليها الإسراع في تقديم الملف إلى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، خصوصا أن السلطة وقعت على بروتوكول "روما"، الخاص بالانضمام للمحكمة الدولية منذ حوالي ثلاث سنوات، ولا يوجد مبرر للتأخير أو المماطلة، قائلا "قبل أن نطالب الأمم المتحدة بفتح تحقيق في جرائم غزة، علينا نحن كفلسطينيين التقدم للمحكمة والعمل على إدانة الاحتلال وجيشه"، وهو ما يتفق معه الحقوقي وخبير القانون الدولي محمد أبو هاشم، الذي قال إنه من الصعب على الأفراد التحرك بمفردهم تجاه المحكمة الجنائية الدولية لإقامة قضايا ضد الاحتلال، إذ إن الدعاوى تقام أمامها عبر ثلاثة أشكال، إما بواسطة إحالة من مجلس الأمن، أو من خلال تحرك الدولة، أو عبر تحرك من المحكمة نفسها، بأن يطلب المدعي العام التحرك قانونيا باتجاه جهة ما ارتكبت جرائم بحق الإنسانية.
جرائم حرب
ويدخل تعمد قوات الاحتلال استخدام أسلحة محرمة دوليًا كالرصاص المتفجر؛ بهدف إحداث إعاقات لدى المتظاهرين، وتعمد قتل الغزيين من خلال استهدافهم بشكل مباشر، ضمن توصيف جرائم الحرب، وفقا لما قاله مدير برنامج الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في غزة جميل سرحان.
ويخالف استخدام أسلحة محرمة دولياً من قبل الاحتلال الإسرائيلي القانون الدولي، وخاصة البروتوكول الأول لاتفاقية الأسلحة التقليدية، والمعروف باسم البروتوكول المتعلق بالشظايا التي لا يمكن الكشف عنها (1980)، والذي كانت إسرائيل قد وقعت عليه؛ وبالتالي فهو ملزم لها، وفق ما قالته لـ"العربي الجديد" ابتسام زقوت مديرة وحدة البحث الميداني في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، والتي تحدثت عن إعلان "سان بطرسبرغ" لعام 1868 والذي يحظر استخدام كل أشكال المقذوفات المتفجرة التي يقل وزنها على 400 غرام، بالإضافة إلى اتفاقية "لاهاي" لعام 1907 (التي تهدف إلى وضع قيود على استخدام الأسلحة في النزاعات المسلحة)، ومخالفة ذلك يضع إسرائيل تحت المسائلة الدولية، وهو ما يتمناه الصحافي خليل أبو عاذرة، الذي يعاني من آثار إصابته برصاصة متفجرة، عمد قناص إسرائيلي لتجاوز السترة الواقية والخوذة اللتين كانتا تغطيان رأسه وصدره، ليصيبه في الفخذ، لكن الرصاصة لدى انفجارها في قدمه، تسببت في مضاعفات كبيرة، وخضع بعدها لعمليات جراحية، ومتابعات طبية مكثفة، وقدر الأطباء حاجته لستة أشهر على الأقل كي يبدأ بالمشي مجدداً.
وهشمت الرصاصة عظام قدم مريم وقطعت الأوردة والشرايين بحسب الطبيبين المشرفين على حالتها جمال أبو هلال أخصائي العظام، وسامي أبو سنيمة استشاري جراحة الأوعية الدموية، وهو أمر متكرر منذ أن بدأت مسيرات العودة في ذكرى يوم الأرض الموافق 30 مارس/آذار، إذ وثقت وزارة الصحة في غزة، إصابات خطيرة وغير مسبوقة بسبب نوعية رصاص الاحتلال التي تسبب مضاعفات مركبة وفق ما قاله الدكتور أشرف القدرة الناطق الإعلامي باسم الوزارة، والذي كشف أنه حتى تاريخ 12 إبريل/نيسان أصيب 3100 فلسطيني وفلسطينية، من بينها 1300 إصابة برصاص متفجر، ونحو 700 برصاص عادي ورصاص مغلف بالمطاط، لايزال 80 منهم يعانون وضعا صحيا حرجا جداً، فيما أجريت جراحات لـ 800 مصاب.
وقسم دكتور أشرف القدرة الإصابات إلى صنفين: بالرصاص المتفجر والعادي، موضحا أن 152 أصيبوا في الرأس والرقبة، 284 في الأطراف العلوية، 59 في الظهر والصدر، و72 في البطن والحوض، و1343 في الأطراف السفلية أحدثت كسورا شديدة وإعاقات تراوحت ما بين 30% وحتى 100%، و70 في الأعضاء التناسلية تسبب في إصابة معظمهم بالعقم، بالإضافة إلى 127 إصابة في أماكن متعددة من الجسم، وأدى الوضع السابق إلى رفع جاهزية مستشفيات الوزارة التي استنفرت كل أطقمها الطبية لمواجهة هذا الوضع الخطير، خصوصا مع تعذر تحويل المصابين للعلاج خارج القطاع بسبب رفض الاحتلال منح أي منهم تصاريح مغادرة غزة، وإغلاق معبر رفح البري مع مصر والذي لم يفتح غير ثلاثة أيام منذ بدأت الأحداث، في ظل حصار القطاع الذي تعاني مشافيه نقص الأدوية والمستلزمات الطبية.
توصيف أداة الجريمة
يحمل الرصاص المستخدم ضد المسيرات السلمية صفتين خطيرتين والوصف لـ الدكتور عماد الحوت، مدير مستشفى الشهيد أبو يوسف النجار بمحافظة رفح، ومسؤول الوحدة الطبية الميدانية جنوبي القطاع، إذ إنه من عيار ثقيل، كما أنه متفجر، ما يجعل من مدخل الرصاصة إلى الجسد صغيرا، بينما مخرجها عبارة عن دائرة قطرها كبير، وتُحدث خلال مرورها تهتكا كبيرا وخطيرا في الأنسجة والأوعية الدموية وتهشما للعظام، وهو ما أكده الدكتور عماد الباز رئيس اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق (شكلت بقانون رقم 4 لسنة 2010 الصادر عن المجلس التشريعي لتقصي جرائم الاحتلال بحق المدنيين في قطاع غزة وعملت خلال عدواني 2012 و2014،) والذي قال إن مدخل الرصاصة يتراوح ما بين 2 سنتيمتر إلى 3 سنتيمترات، ومخرجها كبير يتجاوز 20 سنتمتر أحياناً.
واحتاج غالبية المصابين إلى جراحات مركبة، ما بين تثبيت عظام ووصل شرايين مقطعة، وترقيع أنسجة، ومنهم من يحتاجون إلى أشهر طويلة للتعافي، وفقا للدكتور الحوت، وهو ما يطابق شهادة الجراح وائل شقفة، مدير المستشفى الجزائري ببلدة عبسان الجديدة شرقي خان يونس، والذي أكد أن الأطباء تعاملوا مع حالات وصلت إلى فقدان أجزاء من العظام للمصابين، موضحاً أن الرصاصة حين تنفجر في قدم أو جسم المصاب، تحدث تفتتا في العظام، وتنثر عشرات الشظايا الصغيرة، ما يصعب ترميمها أو إعادة تثبيتها، ويكون في الغالب هناك أجزاء غير موجودة من العظم.
مضاعفات خطيرة
لم يحتمل الخمسيني رشاد البابا الآثار القاسية للرصاصة المتفجرة التي أصابت قدمه، والتي أسفرت عن تكسير مفصل الركبة، اذ تدهورت حالته الصحية خلال خضوعه لعملية جراحية، ودخل في غيبوبة مستمرة منذ الثلاثين من آذار/مارس الماضي.
ويقول أحمد الابن الأكبر لرشاد إن "جريمة الاحتلال بحق والده لم تقف عند إصابته برصاصة متفجرة هشمت عظام قدمه، إذ منع الاحتلال خروجه من القطاع للعلاج، رغم حصوله على تحويلة طبية من وزارة الصحة تؤهله للعلاج خارج القطاع على نفقة السلطة، وتقدمهم بأربع طلبات للحصول على تصاريح له ولمرافق معه لمغادرة القطاع، إلا أن جميعها رفضت من قبل سلطات الاحتلال".
ويؤكد مسعفان في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، أن أهم ما لاحظاه خلال نقل المصابين، أن قناصة الاحتلال غالباً يصيبون الشبان في مناطق مفصلية حساسة وخطيرة في الرجل، مثل مفصل الركبة ومفصل أسفل القدم "الرمانة"، وهو ما يتسبب في شعور المصاب بألم شديد، ويحتاج من المسعفين دقة في تحريك ونقل المصاب حتى لا تتفاقم الحالة.
وأكد المسعفان أن الأطقم الطبية تعرضت لإطلاق نار خلال إخلاء المصابين، وأصيب ستة منهم بالرصاص منذ بداية الأحداث.
رصاص محرم
يقسم العقيد جاسر المشوخي، مدير الإدارة العامة لهندسة المتفجرات في شرطة غزة، الرصاص الذي يطلقه الاحتلال تجاه المتظاهرين إلى قسمين الأول عادي "تقليدي" والثاني متفجر، والأخير ينقسم إلى نوعين حسب الحجم، عيارات صغيرة تطلق من بنادق خفيفة "M16"، وأخرى ثقيلة تطلق من بنادق قنص ثقيلة، مخصصة للإصابة من مسافات بعيدة، وهي ذات عيارات كبيرة، واذا ما أصابت من مسافة قصيرة كما يحدث شرق القطاع، يكون أثر الإصابة مضاعفا.
وأوضح المشوخي لـ"العربي الجديد" أن الرصاص المتفجر محرم دولياً، قائلا "فما بالنا بالمدنيين الذين تم رصد حالات تعمد فيها الجنود إصابة جسم صلب وسط حشد من المتظاهرين مثل صخرة أو جسم معدني بحيث تنفجر الرصاصة عند ارتطامها به، لتتناثر الشظايا في كل مكان وتصيب أكثر من متظاهر"، وهو ما أكده شهود عيان من بينهم الصحافي هاني الشاعر، والذي قال لـ"العربي الجديد"،"وثقت حالتين شرقي مدينة خان يونس، الأولى عبارة عن إصابة خمسة شبان برصاصة واحدة، وفي رفح أصابت رصاصة أربعة شبان".
توثيق الجريمة
وثقت اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق أدلة وبراهين تثبت استخدام الاحتلال رصاصا متفجرا محرما دولياً، بعد استخراج شظايا من داخل أجساد جرحى وشهداء، وعرض جثامين شهداء على الطب الشرعي، بالتعاون مع وزارة الصحة الفلسطينية، وبحسب الدكتور الباز فإن "الشهيد الصحافي ياسر مرتجى، والذي أصيب برصاصة في البطن، أدت إلى تهتك الأمعاء والطحال والكبد، ما تسبب في استشهاده بعد وقت قصير من الإصابة، بالإضافة إلى حالة من عائلة عبد العال استشهد وسط القطاع، إثر فصل الرصاصة جزءا من رأسه عن باقي جسده".
وأخضعت اللجنة جثامين الشهداء لعمليات تصوير بالأشعة المقطعية، ووثقت الإصابات بالصور، وأكملت كل الإجراءات القانونية، لتكوين ملف عدلي كامل يدين الاحتلال. وبين رئيس اللجنة أن تقارير الطب الشرعي لجثامين الشهداء وثقت حدوث انفجارات كبيرة داخل أجسادهم، مشددا على أن السلطة الفلسطينية ممثلة بوزارة الخارجية، عليها الإسراع في تقديم الملف إلى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، خصوصا أن السلطة وقعت على بروتوكول "روما"، الخاص بالانضمام للمحكمة الدولية منذ حوالي ثلاث سنوات، ولا يوجد مبرر للتأخير أو المماطلة، قائلا "قبل أن نطالب الأمم المتحدة بفتح تحقيق في جرائم غزة، علينا نحن كفلسطينيين التقدم للمحكمة والعمل على إدانة الاحتلال وجيشه"، وهو ما يتفق معه الحقوقي وخبير القانون الدولي محمد أبو هاشم، الذي قال إنه من الصعب على الأفراد التحرك بمفردهم تجاه المحكمة الجنائية الدولية لإقامة قضايا ضد الاحتلال، إذ إن الدعاوى تقام أمامها عبر ثلاثة أشكال، إما بواسطة إحالة من مجلس الأمن، أو من خلال تحرك الدولة، أو عبر تحرك من المحكمة نفسها، بأن يطلب المدعي العام التحرك قانونيا باتجاه جهة ما ارتكبت جرائم بحق الإنسانية.
جرائم حرب
ويدخل تعمد قوات الاحتلال استخدام أسلحة محرمة دوليًا كالرصاص المتفجر؛ بهدف إحداث إعاقات لدى المتظاهرين، وتعمد قتل الغزيين من خلال استهدافهم بشكل مباشر، ضمن توصيف جرائم الحرب، وفقا لما قاله مدير برنامج الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في غزة جميل سرحان.
ويخالف استخدام أسلحة محرمة دولياً من قبل الاحتلال الإسرائيلي القانون الدولي، وخاصة البروتوكول الأول لاتفاقية الأسلحة التقليدية، والمعروف باسم البروتوكول المتعلق بالشظايا التي لا يمكن الكشف عنها (1980)، والذي كانت إسرائيل قد وقعت عليه؛ وبالتالي فهو ملزم لها، وفق ما قالته لـ"العربي الجديد" ابتسام زقوت مديرة وحدة البحث الميداني في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، والتي تحدثت عن إعلان "سان بطرسبرغ" لعام 1868 والذي يحظر استخدام كل أشكال المقذوفات المتفجرة التي يقل وزنها على 400 غرام، بالإضافة إلى اتفاقية "لاهاي" لعام 1907 (التي تهدف إلى وضع قيود على استخدام الأسلحة في النزاعات المسلحة)، ومخالفة ذلك يضع إسرائيل تحت المسائلة الدولية، وهو ما يتمناه الصحافي خليل أبو عاذرة، الذي يعاني من آثار إصابته برصاصة متفجرة، عمد قناص إسرائيلي لتجاوز السترة الواقية والخوذة اللتين كانتا تغطيان رأسه وصدره، ليصيبه في الفخذ، لكن الرصاصة لدى انفجارها في قدمه، تسببت في مضاعفات كبيرة، وخضع بعدها لعمليات جراحية، ومتابعات طبية مكثفة، وقدر الأطباء حاجته لستة أشهر على الأقل كي يبدأ بالمشي مجدداً.