يعيش الثلاثيني الليبي محمد مومن، تحت وطأة خطر الطرد من إيطاليا، بعد فشله في إقناع لجنة قضائية تابعة لـ"البريفيتورا" (المكتب الإقليمي للحكومة) في مدينة تورينو الواقعة شمال غربي البلاد، بأحقيته في الحصول على اللجوء رغم ما رواه لهم حول معاناته في بلاده وقصة نجاته من رحلة مهلكة خاضها من أجل الوصول إلى جزيرة لامبيدوزا في أكتوبر/تشرين الأول 2016، كما قال بأسى لـ "العربي الجديد"، مضيفا: "تقييم اللجنة كان بأني غير قادر على إثبات الخطر الذي يتهددني في ليبيا رغم كل ما فيها من قتل ونزوح".
وتجري عمليات طرد للمهاجرين وإعادتهم قسرا إلى بلدانهم الأصلية، رغم الأدلة الموجودة على أرض الواقع حول خطورة الحياة في بلدانهم، واحتمال وقوع انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان بها، وفق تأكيد ريكاردو نوري الناطق الرسمي باسم منظمة العفو الدولية في إيطاليا لـ "العربي الحديد".
اقــرأ أيضاً
تصاعد موجة طرد المهاجرين
تزامنت حادثة مومن، مع وقوع 5244 عملية طرد لمهاجرين، منها 5044 طرداً قسرياً خلال الفترة من يناير/كانون الثاني حتى سبتمبر/أيلول الماضي وفق ما وثقه معد التحقيق عبر تقرير الهجرة واللاجئين الصادر عن وزارة الداخلية الإيطالية، في منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2019، والمنشور على بوابة الوزارة الإلكترونية.
وبلغ عدد المطرودين 7981 مهاجرا خلال عام 2018، من بينهم 6820 حالة طرد قسري و1161 مهاجراً تمت إعادتهم طوعيا، بمعدل 18 عملية طرد في اليوم وفق المصدر ذاته.
وتجري عمليات طرد للمهاجرين وإعادتهم قسرا إلى بلدانهم الأصلية، رغم الأدلة الموجودة على أرض الواقع حول خطورة الحياة في بلدانهم، واحتمال وقوع انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان بها، وفق تأكيد ريكاردو نوري الناطق الرسمي باسم منظمة العفو الدولية في إيطاليا لـ "العربي الحديد".
تزامنت حادثة مومن، مع وقوع 5244 عملية طرد لمهاجرين، منها 5044 طرداً قسرياً خلال الفترة من يناير/كانون الثاني حتى سبتمبر/أيلول الماضي وفق ما وثقه معد التحقيق عبر تقرير الهجرة واللاجئين الصادر عن وزارة الداخلية الإيطالية، في منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2019، والمنشور على بوابة الوزارة الإلكترونية.
وبلغ عدد المطرودين 7981 مهاجرا خلال عام 2018، من بينهم 6820 حالة طرد قسري و1161 مهاجراً تمت إعادتهم طوعيا، بمعدل 18 عملية طرد في اليوم وفق المصدر ذاته.
وجاءت هذه الموجة من الطرد بعد فوز ماتيو سالفيني، زعيم عصبة الشمال اليمينية في الانتخابات والذي وعد خلال حملته البرلمانية في يناير 2018 بإعادة المهاجرين إلى ديارهم، وبالفعل تمت إعادة 3851 مهاجراً غير قانوني خلال الفترة من يونيو/حزيران حتى ديسمبر/كانون الأول 2018، وهي الأشهر الستة الأولى من تولي سالفيني منصب وزارة الداخلية.
ويعد هذا الرقم مرتفعا، مقارنة مع عدد المهاجرين المطرودين من إيطاليا في عام 2017 أثناء حكومة باولو جنتيلوني، إذ طرد 7383 مهاجرا، من بينهم 869 منهم عادوا طوعيا بمعدل 17 مهاجرا باليوم وفق ما وثقه معد التحقيق عبر نسخة تقرير الهجرة واللاجئين الصادرة عن وزارة الداخلية في منتصف يناير 2018، والذي أكد أن جنسيات المطرودين خلال الأعوام 2015 و2016 و2017 أغلبها من دول أفريقية، على رأسها مصر بنسبة 32.4% وتونس بنسبة 32.4% والمغرب 10.1%، ونيجيريا 13.1% والجزائر 5.4%، والسنغال 5.7%، فضلا عن دول أخرى مثل ألبانيا، مولدافيا، شيلي، وكولومبيا.
وتتعاون مصر وتونس ونيجيريا في استقبال مهاجريها المطرودين عبر اتفاق مع الحكومة الإيطالية، فيما يناقش المغرب كل حالة على حدة ويتفاوض بشأنها بحسب فرانشيسكو فاكيانو الخبير في شؤون الهجرة بمنظمة الهجرة الدولية، والذي يرجع سبب القدرة التفاوضية للمغرب مع إيطاليا، إلى أن حكومة الرباط تتحدث من موقع قوة، نتيجة السياسة التي انتهجتها في السنين الأخيرة من خلال محاربة الهجرة غير الشرعية على الحدود البحرية، وتسوية الوضعية القانونية للمهاجرين الأفارقة والذين يقيمون في المغرب بعدما كانوا قادمين من جنوب الصحراء في اتجاه جنوب أوروبا، مؤكدا أن هذه ورقة ضغط الرباط لكسب دعم وتمويل لبرامج تنموية تهم الهجرة، إذ يتفاوض المغرب بمنطق الكل رابح، بعكس مصر وتونس ونيجيريا كما يقول.
ديكريتو سالفيني
تتأثر نسبة طرد المهاجرين بطبيعة تشكيلة الحكومة الإيطالية، فإذا كانت يسارية كما هو حال حكومة جنتيلوني ينخفض العدد، فيما ارتفعت النسبة مع الحكومة اليمينية لسالفيني وديمايو بحسب تأكيد الخبير فاكيانو لـ"العربي الجديد"، مشيرا إلى أن مصير المهاجر المطرود يتحدد بحسب مدى تعاون السلك الدبلوماسي لبلده.
وتعرف عملية الترحيل مسارين إداريين في إيطاليا، بحسب قانون سالفيني، وفق إفادة فاكيانو والذي لفت إلى أن الطرد له أسباب عديدة أبرزها انعدام الأوراق القانونية أو انتهاء مدة صلاحيتها أو تهم جنائية خطيرة تهدد الأمن العام كما يقول، لكن المحامي ألبيرتو بوزيو، المختص في قضايا الهجرة، يقول إن أحد أبرز أسباب الطرد يتمثل في عدم اقتناع اللجنة القضائية المختصة بالقصة التي يرويها طالب اللجوء، بسبب عدم تدعيمها بالأدلة اللازمة.
ووفقا لمرسوم القانون رقم 113 الصادر في 4 أكتوبر/تشرين الأول 2018، الشهير بـ"ديكريتو سالفيني"، فإن من أسباب الطرد "عدم توفر الأوراق القانونية، انتهاء التأشيرة، انتهاء صلاحية الإذن بالإقامة، غياب سبب يبرر تجديد الإذن بالإقامة كغياب عمل، وعدم تحصيل المعاملات الدراسية المطلوبة من طرف الشرطة لتبرير الإذن بالإقامة، دخول السجن وانتهاء صلاحية الإقامة أثناء قضاء العقوبة الحبسية، وتهديد الأمن العام للبلد كالاتهام بالإرهاب" كما أوضح فاكيانو، مشيرا إلى أن قرار الطرد يكون نهائيا ودون مراحل للاستئناف القضائي.
وتتخذ عملية طرد المهاجرين من إيطاليا وجهين كما توضح الفصول، الثاني، والثالث والرابع من الباب الأول من قانون "ديكريتو سالفيني"، الأول اختياري ويكون بعد إشهار ورقة الإبعاد "فوليو دي فيا"، في حق المعني بمغادرة التراب الإيطالي طوعا، وذلك في أجل أقصاه 15 يوما.
ويكون الوجه الثاني للطرد قسريا في حالة عدم مغادرة المهاجر الذي تسلم إشعار الإبعاد في مرة سابقة، وجرى توقيفه مرة ثانية، ثم ينطلق مسلسل الإجراءات البحثية، حيث يتم إيداع المطرود بمركز التحديد والطرد لفترة لا تتجاوز 180 يوما، وهي المدة التي يتم فيها جمع المعلومات اللازمة لتحديد هوية المرشح للطرد، والخطوة الرئيسية في ذلك تجري بعد ربط الاتصال بقنصلية موطنه الأصلي.
طرد الأئمة
بلغ عدد الأئمة المطرودين بتهم الإرهاب والتشدد الديني 55 حالة حتى سبتمبر الماضي، فيما أٌبعد 125 إماما في 2018، وسجلت 105 عمليات طرد في عام 2016 بحسب البوابة الرسمية لوزارة الداخلية الإيطالية.
ويتعاون المغرب على صعيد الحالات المطرودة بتهم الإرهاب، أو وجود ميول دينية تهدد أمن إيطاليا، والتي كان أبرزها حالة الإمام المغربي بوشتى بوريقي الذي تم طرده في العام 2006 من طرف وزير الداخلية بسبب جدله المستمر مع حزب عصبة الشمال اليميني، علما أنه كان وجها تلفزيونيا مجادلا للعصبة في كثير من البرامج، آخرها البرنامج الشهير "بورتا بورتا" (باب لباب).
وذكر البوريقي الذي لم يتمكن من العودة لإيطاليا، رغم وعود اليسار بمحاولة إرجاعه، قائلاً "تم طردي عبر مجموعة أمنية وصل أفرادها إلى بيتي فجرا ورافقوني إلى المطار، كانت معاملتهم معي حسنة، طلبت منهم ماء للوضوء، وأحضروه"، مضيفا:" حين وصولي إلى المغرب تعاملت معي الشرطة هناك بلطف أيضا، دون أن أسجن لأني كنت بريئا".
وتستند عملية الطرد هذه إلى الفصل 14 من الباب الثاني من قانون سالفيني، الذي ينص على أنه "إذا كان المطرود حاصلا على الجنسية الإيطالية يجرد منها لسبب متعلق بالإرهاب"، وهو ما يتعارض مع مجموعة من الصكوك القانونية الدولية، بما فيها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 15، وعدد من الاتفاقيات الدولية المنبثقة منه، أبرزها "الاتفاقية المتعلقة بوضع الأشخاص عديمي الجنسية، الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، والمعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" وفق مصادر هذا التحقيق.
وقال نوري:" بالنظر إلى الوضع الأمني الخطير وحقوق الإنسان المتردية في بلدان تصدير اللاجئين، فإن العودة القسرية للمهاجرين المطرودين تنتهك المبدأ القانوني الدولي بعدم الإعادة القسرية، مضيفا أنه وجب على الحكومة الإيطالية والحكومات الأوروبية عامة، وقف عمليات الطرد إلى المناطق المعرضة للمخاطر إلى أن يسمح الوضع في هذه البلدان بإجراء عمليات العودة بأمان وكرامة.
محاولات للعودة
بالمقابل اختار بعض ممن انهارت حياتهم بسبب قرارات الطرد الصادرة في حقهم، العودة الطوعية، ضمن رحلات ترتبها منظمة الهجرة الدولية التي "توفر على الدولة الإيطالية 1500 يورو لترحيل الفرد الواحد بسبب مرافقيه الأمنيين الذين يسافرون معه عند طرده قسرا، وفق ما يقوله لـ"العربي الجديد" أحمد العلوي الذي عمل مع المنظمة كمرافق لمطرود إلى الدار البيضاء، ويصف الخبير فاكيانو، والذي ساهم في رحلات الرجوع الطوعي، تلك العملية بـ"الطرد النظيف"، مستدركا: "فعل الطرد في حذ ذاته عنف كبير وإذا لزم استثناء فعله، يجب أن يكون عن طريق القضاء".
وبسبب تفاقم عمليات الطرد يضطر البعض إلى العودة لخوض تجربة ركوب الأمواج مرة ثانية ومن بينهم الثلاثيني المغربي محمد المعمري (اسم مستعار لدواعٍ أمنية)، والذي عاد من منطقته برشيد المغربية الواقعة غربي مدينة الدار البيضاء إلى إيطاليا التي سبق وقضى فيها 9 سنوات، قبل طرده منها في العام 2016، كما روى لـ"العربي الجديد"، قائلا :"رغم طردي من قبل حرقت (هاجرت بشكل غير شرعي) للعودة إلى إيطاليا، إذ عانيت في بلدي من رجال الشرطة، الذين كانوا يطاردوني من شارع إلى آخر بسبب عملي بائعا متجولا للخضروات، مضيفا بحزن: "أنتظر تسوية وضعي منذ وصولي عام 2017، وقد أطرد من جديد لتعود حياتي جحيما لا يطاق"، ويفسر الأخصائي النفسي وائل الأزهري، الأستاذ المساعد المختص في الأنثروبولوجية الطبية بكلية الطب في تورينو الوضع النفسي للمهددين بالطرد، قائلا لـ"العربي الجديد":"يعيشون في قلق دائم حيال ذلك، علاوة على شبح العودة إلى بلده الأصلي، الأمر الذي يجعل المهاجر، يعيش في فوضى وإحساس بعدم الاستقرار، وهو ما تنجم عنه أمراض نفسية لدى بعض الحالات ممن يتأثرون بفقدان كل ما بنوه خلال وجودهم في البلاد".
لكن بعض المطرودين يمكنهم الرجوع إلى إيطاليا، في حالة وجود أسباب إنسانية وفق ما يعرف بـ "لم الشمل العائلي"، كما حدث مع الأربعيني المغربي صالح والذي شفع له طفلاه للحصول على فيزا العودة في عام 2016 من منطلق حق الأبوة والرعاية، بعدما طردته السلطات الإيطالية في عام 2015 بسبب عدم تجديده الإذن بالإقامة.
ويعد هذا الرقم مرتفعا، مقارنة مع عدد المهاجرين المطرودين من إيطاليا في عام 2017 أثناء حكومة باولو جنتيلوني، إذ طرد 7383 مهاجرا، من بينهم 869 منهم عادوا طوعيا بمعدل 17 مهاجرا باليوم وفق ما وثقه معد التحقيق عبر نسخة تقرير الهجرة واللاجئين الصادرة عن وزارة الداخلية في منتصف يناير 2018، والذي أكد أن جنسيات المطرودين خلال الأعوام 2015 و2016 و2017 أغلبها من دول أفريقية، على رأسها مصر بنسبة 32.4% وتونس بنسبة 32.4% والمغرب 10.1%، ونيجيريا 13.1% والجزائر 5.4%، والسنغال 5.7%، فضلا عن دول أخرى مثل ألبانيا، مولدافيا، شيلي، وكولومبيا.
وتتعاون مصر وتونس ونيجيريا في استقبال مهاجريها المطرودين عبر اتفاق مع الحكومة الإيطالية، فيما يناقش المغرب كل حالة على حدة ويتفاوض بشأنها بحسب فرانشيسكو فاكيانو الخبير في شؤون الهجرة بمنظمة الهجرة الدولية، والذي يرجع سبب القدرة التفاوضية للمغرب مع إيطاليا، إلى أن حكومة الرباط تتحدث من موقع قوة، نتيجة السياسة التي انتهجتها في السنين الأخيرة من خلال محاربة الهجرة غير الشرعية على الحدود البحرية، وتسوية الوضعية القانونية للمهاجرين الأفارقة والذين يقيمون في المغرب بعدما كانوا قادمين من جنوب الصحراء في اتجاه جنوب أوروبا، مؤكدا أن هذه ورقة ضغط الرباط لكسب دعم وتمويل لبرامج تنموية تهم الهجرة، إذ يتفاوض المغرب بمنطق الكل رابح، بعكس مصر وتونس ونيجيريا كما يقول.
ديكريتو سالفيني
تتأثر نسبة طرد المهاجرين بطبيعة تشكيلة الحكومة الإيطالية، فإذا كانت يسارية كما هو حال حكومة جنتيلوني ينخفض العدد، فيما ارتفعت النسبة مع الحكومة اليمينية لسالفيني وديمايو بحسب تأكيد الخبير فاكيانو لـ"العربي الجديد"، مشيرا إلى أن مصير المهاجر المطرود يتحدد بحسب مدى تعاون السلك الدبلوماسي لبلده.
وتعرف عملية الترحيل مسارين إداريين في إيطاليا، بحسب قانون سالفيني، وفق إفادة فاكيانو والذي لفت إلى أن الطرد له أسباب عديدة أبرزها انعدام الأوراق القانونية أو انتهاء مدة صلاحيتها أو تهم جنائية خطيرة تهدد الأمن العام كما يقول، لكن المحامي ألبيرتو بوزيو، المختص في قضايا الهجرة، يقول إن أحد أبرز أسباب الطرد يتمثل في عدم اقتناع اللجنة القضائية المختصة بالقصة التي يرويها طالب اللجوء، بسبب عدم تدعيمها بالأدلة اللازمة.
ووفقا لمرسوم القانون رقم 113 الصادر في 4 أكتوبر/تشرين الأول 2018، الشهير بـ"ديكريتو سالفيني"، فإن من أسباب الطرد "عدم توفر الأوراق القانونية، انتهاء التأشيرة، انتهاء صلاحية الإذن بالإقامة، غياب سبب يبرر تجديد الإذن بالإقامة كغياب عمل، وعدم تحصيل المعاملات الدراسية المطلوبة من طرف الشرطة لتبرير الإذن بالإقامة، دخول السجن وانتهاء صلاحية الإقامة أثناء قضاء العقوبة الحبسية، وتهديد الأمن العام للبلد كالاتهام بالإرهاب" كما أوضح فاكيانو، مشيرا إلى أن قرار الطرد يكون نهائيا ودون مراحل للاستئناف القضائي.
وتتخذ عملية طرد المهاجرين من إيطاليا وجهين كما توضح الفصول، الثاني، والثالث والرابع من الباب الأول من قانون "ديكريتو سالفيني"، الأول اختياري ويكون بعد إشهار ورقة الإبعاد "فوليو دي فيا"، في حق المعني بمغادرة التراب الإيطالي طوعا، وذلك في أجل أقصاه 15 يوما.
ويكون الوجه الثاني للطرد قسريا في حالة عدم مغادرة المهاجر الذي تسلم إشعار الإبعاد في مرة سابقة، وجرى توقيفه مرة ثانية، ثم ينطلق مسلسل الإجراءات البحثية، حيث يتم إيداع المطرود بمركز التحديد والطرد لفترة لا تتجاوز 180 يوما، وهي المدة التي يتم فيها جمع المعلومات اللازمة لتحديد هوية المرشح للطرد، والخطوة الرئيسية في ذلك تجري بعد ربط الاتصال بقنصلية موطنه الأصلي.
طرد الأئمة
بلغ عدد الأئمة المطرودين بتهم الإرهاب والتشدد الديني 55 حالة حتى سبتمبر الماضي، فيما أٌبعد 125 إماما في 2018، وسجلت 105 عمليات طرد في عام 2016 بحسب البوابة الرسمية لوزارة الداخلية الإيطالية.
ويتعاون المغرب على صعيد الحالات المطرودة بتهم الإرهاب، أو وجود ميول دينية تهدد أمن إيطاليا، والتي كان أبرزها حالة الإمام المغربي بوشتى بوريقي الذي تم طرده في العام 2006 من طرف وزير الداخلية بسبب جدله المستمر مع حزب عصبة الشمال اليميني، علما أنه كان وجها تلفزيونيا مجادلا للعصبة في كثير من البرامج، آخرها البرنامج الشهير "بورتا بورتا" (باب لباب).
وذكر البوريقي الذي لم يتمكن من العودة لإيطاليا، رغم وعود اليسار بمحاولة إرجاعه، قائلاً "تم طردي عبر مجموعة أمنية وصل أفرادها إلى بيتي فجرا ورافقوني إلى المطار، كانت معاملتهم معي حسنة، طلبت منهم ماء للوضوء، وأحضروه"، مضيفا:" حين وصولي إلى المغرب تعاملت معي الشرطة هناك بلطف أيضا، دون أن أسجن لأني كنت بريئا".
وتستند عملية الطرد هذه إلى الفصل 14 من الباب الثاني من قانون سالفيني، الذي ينص على أنه "إذا كان المطرود حاصلا على الجنسية الإيطالية يجرد منها لسبب متعلق بالإرهاب"، وهو ما يتعارض مع مجموعة من الصكوك القانونية الدولية، بما فيها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 15، وعدد من الاتفاقيات الدولية المنبثقة منه، أبرزها "الاتفاقية المتعلقة بوضع الأشخاص عديمي الجنسية، الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، والمعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" وفق مصادر هذا التحقيق.
وقال نوري:" بالنظر إلى الوضع الأمني الخطير وحقوق الإنسان المتردية في بلدان تصدير اللاجئين، فإن العودة القسرية للمهاجرين المطرودين تنتهك المبدأ القانوني الدولي بعدم الإعادة القسرية، مضيفا أنه وجب على الحكومة الإيطالية والحكومات الأوروبية عامة، وقف عمليات الطرد إلى المناطق المعرضة للمخاطر إلى أن يسمح الوضع في هذه البلدان بإجراء عمليات العودة بأمان وكرامة.
محاولات للعودة
بالمقابل اختار بعض ممن انهارت حياتهم بسبب قرارات الطرد الصادرة في حقهم، العودة الطوعية، ضمن رحلات ترتبها منظمة الهجرة الدولية التي "توفر على الدولة الإيطالية 1500 يورو لترحيل الفرد الواحد بسبب مرافقيه الأمنيين الذين يسافرون معه عند طرده قسرا، وفق ما يقوله لـ"العربي الجديد" أحمد العلوي الذي عمل مع المنظمة كمرافق لمطرود إلى الدار البيضاء، ويصف الخبير فاكيانو، والذي ساهم في رحلات الرجوع الطوعي، تلك العملية بـ"الطرد النظيف"، مستدركا: "فعل الطرد في حذ ذاته عنف كبير وإذا لزم استثناء فعله، يجب أن يكون عن طريق القضاء".
وبسبب تفاقم عمليات الطرد يضطر البعض إلى العودة لخوض تجربة ركوب الأمواج مرة ثانية ومن بينهم الثلاثيني المغربي محمد المعمري (اسم مستعار لدواعٍ أمنية)، والذي عاد من منطقته برشيد المغربية الواقعة غربي مدينة الدار البيضاء إلى إيطاليا التي سبق وقضى فيها 9 سنوات، قبل طرده منها في العام 2016، كما روى لـ"العربي الجديد"، قائلا :"رغم طردي من قبل حرقت (هاجرت بشكل غير شرعي) للعودة إلى إيطاليا، إذ عانيت في بلدي من رجال الشرطة، الذين كانوا يطاردوني من شارع إلى آخر بسبب عملي بائعا متجولا للخضروات، مضيفا بحزن: "أنتظر تسوية وضعي منذ وصولي عام 2017، وقد أطرد من جديد لتعود حياتي جحيما لا يطاق"، ويفسر الأخصائي النفسي وائل الأزهري، الأستاذ المساعد المختص في الأنثروبولوجية الطبية بكلية الطب في تورينو الوضع النفسي للمهددين بالطرد، قائلا لـ"العربي الجديد":"يعيشون في قلق دائم حيال ذلك، علاوة على شبح العودة إلى بلده الأصلي، الأمر الذي يجعل المهاجر، يعيش في فوضى وإحساس بعدم الاستقرار، وهو ما تنجم عنه أمراض نفسية لدى بعض الحالات ممن يتأثرون بفقدان كل ما بنوه خلال وجودهم في البلاد".
لكن بعض المطرودين يمكنهم الرجوع إلى إيطاليا، في حالة وجود أسباب إنسانية وفق ما يعرف بـ "لم الشمل العائلي"، كما حدث مع الأربعيني المغربي صالح والذي شفع له طفلاه للحصول على فيزا العودة في عام 2016 من منطلق حق الأبوة والرعاية، بعدما طردته السلطات الإيطالية في عام 2015 بسبب عدم تجديده الإذن بالإقامة.