على الرغم من الدعم غير المحدود الذي تقدّمه وسائل اﻹعلام المصرية للرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، عبر قتلها كل بادرة لمعارضة سياساته، وتوسعها في نشر تقارير يومية عن إنجازات لم تتحقق على أرض الواقع، وتجاهلها مشاكل المرافق والأسعار والمرور تحت مسمى "اﻻصطفاف الوطني"، فإن السيسي يبدو غير راض بعد ويرغب في المزيد.
وفي كلمته أمام جمع من ضباط الجيش، أول من أمس، حمل السيسي بشدة على الإعلام، وقال إن "به كوارث"، واختص مذيعي برامج "توك شو" وفي المقدّمة المحامي المؤيد له، خالد أبوبكر، لأنه "انتقد اجتماعه مع المدير التنفيذي لشركة "سيمنز" اﻷلمانية خلال أزمة غرق شوارع الإسكندرية".
وفي الواقع؛ فإن أبو بكر لم ينتقد السيسي بل الحكومة، معتبراً أنه يليق أن يجتمع السيسي وهو رئيس الجمهورية بالمدير التنفيذي لشركة أجنبية مرات عديدة في ظرف 5 أشهر؛ وفي رأيه أن هذه مهمة وزير الكهرباء والمختصين في الحكومة، واتهمهم بأنهم يقصرون في عملهم لدرجة أن "الرئيس يؤدي أعمال مسؤولين غيره".
حتى هذا العتاب المبطن، لم يُعجب السيسي، ورأى فيه نيلاً منه ومن سياساته، وتهكم قائلاً: "هو عشان قدامك وقت ﻻزم تقول في كلام، نقول بقى كلام غلط وﻻ إيه"، وكأنه يتهم الإعلاميين بملء فراغ برامجهم بانتقاده. وأضاف: "عيب اللي بتعملوه ده ومايصحش".
ثم انتقل من الخاص إلى العام، وهاجم الإعلام ككل، واتهمه بعدم نشر الوعي، والجهل بحقيقة الوضع، وعدم تقديره لخطورة الوضع، قائلاً "إنتو بتعذبوني إني وقفت هنا ولا إيه؟ دي ناس لا فاهمة ولا عارفة، آخد مكروفون ولا جرنان بتكتب فيه وخلاص". ثم تابع بتهديد مبطن للوسط الإعلامي كله: "يعني لو عندنا كارثة القطاع بتاعكم مش فيه كوارث؟" مضيفاً "المرة الجاية هاشكي للشعب المصري منكم".
يعكس كلام السيسي أن علاقته مع الإعلاميين حالياً ليست على ما يرام، وهذا ليس بسبب تقصير منهم في مساندة نظامه، بل ﻷنهم لا يساندونه بالشكل الذي يتمناه. وبحسب مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، فإن السيسي يرى أن الإعلاميين أخطأوا مرتين في اﻻنتخابات اﻷخيرة؛ مرة عندما قصَّروا، من وجهة نظره، في حشد المواطنين للمشاركة، ومرة ثانية عندما اعترفوا بضعف نسبة المشاركة مما أدى، بحسبه، إلى استمرار ضعفها وعزوف الناخبين عن التصويت.
وقالت المصادر نفسها، إن السيسي غاضب، أيضاً، من "سلوك بعض الإعلاميين خلال رحلة نيويورك اﻷخيرة، خلال مشاركته في أعمال اجتماعات اﻷمم المتحدة، وانصرافهم إلى المشادات الكلامية والشجار مع مؤيدي جماعة "اﻹخوان"، وكذلك بعض التناولات السطحية للأحداث". وهنا المقصود الاعلامي يوسف الحسيني، المقرّب منه، والذي انجرّ الى شتائم وشجارات مع معتمصين خلال الرحلة، علماً أنها ليست المرة الأولى.
وكشفت المصادر، أن هذا هو السبب الرئيسي لعدم الإعلان رسمياً عن موعد رحلة السيسي المقبلة إلى العاصمة البريطانية لندن، غداً اﻷربعاء، وذلك لتقليل عدد الإعلاميين الذين يسافرون معه، فهو يريد تكرار "الزفة" التي صاحبت زيارته إلى العاصمة اﻷلمانية برلين ﻷسباب لم تتضح بعد.
وبحسب المصادر، فإنّ السيسي "ضجر" من النمط السائد للإعلاميين المصريين، وهم في رأيه "يؤيدون بدون فهم وينتقدون بدون فهم" وهو يريد إعلاماً يتحدث بلسان النظام وكأن السيسي
هو من يتكلم، ويضع أمامه نموذج الإعلام في الحقبة الناصرية كمثل أعلى يُحتذى به لرفع شعاره "اﻻصطفاف الوطني".
وتلعب الدائرة اللصيقة بالسيسي دوراً في "فلترة" المشهد الإعلامي من الشخصيات التي بات الرئيس يراها عبئاً على نظامه، وهي تسعى لتقديم شباب جدد من الإعلاميين كي يحلّوا مكان الطاقم القديم، وهؤلاء يقلون تأييداً للنظام من القدامى، غير أنهم يساندونه بطريقة "أذكى"، بحسب المصادر.
وجمع السيسي هؤﻻء الإعلاميين الشباب حوله في أكثر من مناسبة، مكوّناً مجموعة تسمى "شباب الإعلاميين". وسبق لـ"العربي الجديد" أن كشف عن وجود خطة تسكينهم في القنوات الفضائية الرئيسية بدﻻً من القدامى الذين يرى السيسي أنهم يسيئون لنظامه عن جهل.
وفي هذا السياق، تتحدث الكواليس عن خلافات بين دوائر الحكم حول الإعلاميين الأنجح في توصيل رسائل النظام للمواطنين؛ فالدائرة اﻷمنية متمسكة برجالها لأغراض معلومة مثل قدرتهم على التعريض بشخصيات معينة والهجوم البذيء عليهم، وهو أمر يثير حفيظة السيسي شخصياً، لكنه يغض الطرف عنه حتى يحافظ على مساندة الدائرة اﻷمنية إعلامياً.
بالنسبة للصحف، يبدو السيسي المستفيد اﻷكبر من ضعف التوزيع الذي أصابها جميعاً سواء القومية أو الخاصة، نتيجة تشابهها في المحتوى وخفوت اﻷصوات المغايرة لموجة التأييد المطلق السائدة، باﻹضافة إلى انهيار سوق الإعلانات التجارية نتيجة الوضع اﻻقتصادي المتراجع.
اقرأ أيضاً: "ذا غارديان" عن السيسي: ديكتاتور في ضيافتنا
غير أنّ أخطر ما حمله خطاب السيسي ضد الإعلام هو تأليب الشعب عليه، وقد قالها صراحة "هشتكيكم للشعب". فهل ستكون هذه العبارة التهديدية التي تبدو ساخرة وضحك منها بعضهم، بداية موجة من هجوم المواطنين المؤيدين للسيسي على وسائل الإعلام التي تبدر منها أي انتقادات لنظامه وحكومته؟
يقلق هذا التهديد بعض الصحافيين ومقدمي البرامج، خصوصاً مع انتشار صفحات مجهولة الهوية على مواقع التواصل اﻻجتماعي تندد بالإعلام وتطالب "بتطهيره". وانتشر هذا الأمر
بكثافة بعد ما حصل مع الإعلاميّة ريهام سعيد، وإيقاف برنامجها على قناة "النهار".
وبدأت هذه الصفحات حملاتها مدعومة من دوائر بالسلطة عقب أحداث الشيخ زويد التي وقعت بين الجيش وتنظيم "وﻻية سيناء"، بسبب نشر الوكاﻻت اﻷجنبية والصحف المصرية أنباء عن سقوط عشرات القتلى من الجنود المصريين، ونفى المتحدث العسكري ذلك رسمياً، وندد السيسي في اليوم التالي بالإعلام لهذا السبب.
وبعد خطاب السيسي، أول من أمس، نشطت هذه الحملات مرة أخرى، مما يشير إلى دعمها من دوائر قريبة من السيسي أو جزء من نظامه على اﻷقل، وهو ما يستدعي خوف الإعلاميين، الذي يتساءلون: هل ستصل الحملة إلى حد الهجوم عليهم عبر وسائل اﻻتصال الشخصية أو مداخلات برامجهم، أم ترصدهم وتهاجمهم في مقرات عملهم، كما حدث في عهود سابقة وبالتزامن مع ثورة 25 يناير/ كانون ثاني 2011؟
وتدلّ المؤشرات على أنّ جميع الطرق تؤدي إلى إحكام قبضة النظام أكثر على الإعلام، خوفاً من هجوم السيسي على صحيفة أو إعلامي مرّة أخرى، خصوصاً أن هذا الهجوم بات من تقاليد خطاباته التي يلقى معظمها أمام ضباط الجيش في مناسبات عسكرية، لا سيما منذ أوقف لقاءاته الدورية المغلقة في قصر الرئاسة مع رؤساء تحرير الصحف والإعلاميين، التي كان قد بدأ عهده الرئاسي بها.
وعندما سأل "العربي الجديد" مسؤوﻻً بقناة فضائية محسوبة على النظام عن سبب وقف هذه اللقاءات، قال إنّ "بعض الحضور لم يلتزم بما أمر بنشره مدير مكتب السيسي، عباس كامل، وتوسع في نشر تفاصيل قالها السيسي فعلاً، لكنه لم يرد نشرها".
اقرأ أيضاً: بوادر مناوشات إعلامية مصرية - سعودية
وفي كلمته أمام جمع من ضباط الجيش، أول من أمس، حمل السيسي بشدة على الإعلام، وقال إن "به كوارث"، واختص مذيعي برامج "توك شو" وفي المقدّمة المحامي المؤيد له، خالد أبوبكر، لأنه "انتقد اجتماعه مع المدير التنفيذي لشركة "سيمنز" اﻷلمانية خلال أزمة غرق شوارع الإسكندرية".
وفي الواقع؛ فإن أبو بكر لم ينتقد السيسي بل الحكومة، معتبراً أنه يليق أن يجتمع السيسي وهو رئيس الجمهورية بالمدير التنفيذي لشركة أجنبية مرات عديدة في ظرف 5 أشهر؛ وفي رأيه أن هذه مهمة وزير الكهرباء والمختصين في الحكومة، واتهمهم بأنهم يقصرون في عملهم لدرجة أن "الرئيس يؤدي أعمال مسؤولين غيره".
حتى هذا العتاب المبطن، لم يُعجب السيسي، ورأى فيه نيلاً منه ومن سياساته، وتهكم قائلاً: "هو عشان قدامك وقت ﻻزم تقول في كلام، نقول بقى كلام غلط وﻻ إيه"، وكأنه يتهم الإعلاميين بملء فراغ برامجهم بانتقاده. وأضاف: "عيب اللي بتعملوه ده ومايصحش".
ثم انتقل من الخاص إلى العام، وهاجم الإعلام ككل، واتهمه بعدم نشر الوعي، والجهل بحقيقة الوضع، وعدم تقديره لخطورة الوضع، قائلاً "إنتو بتعذبوني إني وقفت هنا ولا إيه؟ دي ناس لا فاهمة ولا عارفة، آخد مكروفون ولا جرنان بتكتب فيه وخلاص". ثم تابع بتهديد مبطن للوسط الإعلامي كله: "يعني لو عندنا كارثة القطاع بتاعكم مش فيه كوارث؟" مضيفاً "المرة الجاية هاشكي للشعب المصري منكم".
يعكس كلام السيسي أن علاقته مع الإعلاميين حالياً ليست على ما يرام، وهذا ليس بسبب تقصير منهم في مساندة نظامه، بل ﻷنهم لا يساندونه بالشكل الذي يتمناه. وبحسب مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، فإن السيسي يرى أن الإعلاميين أخطأوا مرتين في اﻻنتخابات اﻷخيرة؛ مرة عندما قصَّروا، من وجهة نظره، في حشد المواطنين للمشاركة، ومرة ثانية عندما اعترفوا بضعف نسبة المشاركة مما أدى، بحسبه، إلى استمرار ضعفها وعزوف الناخبين عن التصويت.
وقالت المصادر نفسها، إن السيسي غاضب، أيضاً، من "سلوك بعض الإعلاميين خلال رحلة نيويورك اﻷخيرة، خلال مشاركته في أعمال اجتماعات اﻷمم المتحدة، وانصرافهم إلى المشادات الكلامية والشجار مع مؤيدي جماعة "اﻹخوان"، وكذلك بعض التناولات السطحية للأحداث". وهنا المقصود الاعلامي يوسف الحسيني، المقرّب منه، والذي انجرّ الى شتائم وشجارات مع معتمصين خلال الرحلة، علماً أنها ليست المرة الأولى.
وكشفت المصادر، أن هذا هو السبب الرئيسي لعدم الإعلان رسمياً عن موعد رحلة السيسي المقبلة إلى العاصمة البريطانية لندن، غداً اﻷربعاء، وذلك لتقليل عدد الإعلاميين الذين يسافرون معه، فهو يريد تكرار "الزفة" التي صاحبت زيارته إلى العاصمة اﻷلمانية برلين ﻷسباب لم تتضح بعد.
وبحسب المصادر، فإنّ السيسي "ضجر" من النمط السائد للإعلاميين المصريين، وهم في رأيه "يؤيدون بدون فهم وينتقدون بدون فهم" وهو يريد إعلاماً يتحدث بلسان النظام وكأن السيسي
وتلعب الدائرة اللصيقة بالسيسي دوراً في "فلترة" المشهد الإعلامي من الشخصيات التي بات الرئيس يراها عبئاً على نظامه، وهي تسعى لتقديم شباب جدد من الإعلاميين كي يحلّوا مكان الطاقم القديم، وهؤلاء يقلون تأييداً للنظام من القدامى، غير أنهم يساندونه بطريقة "أذكى"، بحسب المصادر.
وجمع السيسي هؤﻻء الإعلاميين الشباب حوله في أكثر من مناسبة، مكوّناً مجموعة تسمى "شباب الإعلاميين". وسبق لـ"العربي الجديد" أن كشف عن وجود خطة تسكينهم في القنوات الفضائية الرئيسية بدﻻً من القدامى الذين يرى السيسي أنهم يسيئون لنظامه عن جهل.
وفي هذا السياق، تتحدث الكواليس عن خلافات بين دوائر الحكم حول الإعلاميين الأنجح في توصيل رسائل النظام للمواطنين؛ فالدائرة اﻷمنية متمسكة برجالها لأغراض معلومة مثل قدرتهم على التعريض بشخصيات معينة والهجوم البذيء عليهم، وهو أمر يثير حفيظة السيسي شخصياً، لكنه يغض الطرف عنه حتى يحافظ على مساندة الدائرة اﻷمنية إعلامياً.
بالنسبة للصحف، يبدو السيسي المستفيد اﻷكبر من ضعف التوزيع الذي أصابها جميعاً سواء القومية أو الخاصة، نتيجة تشابهها في المحتوى وخفوت اﻷصوات المغايرة لموجة التأييد المطلق السائدة، باﻹضافة إلى انهيار سوق الإعلانات التجارية نتيجة الوضع اﻻقتصادي المتراجع.
اقرأ أيضاً: "ذا غارديان" عن السيسي: ديكتاتور في ضيافتنا
غير أنّ أخطر ما حمله خطاب السيسي ضد الإعلام هو تأليب الشعب عليه، وقد قالها صراحة "هشتكيكم للشعب". فهل ستكون هذه العبارة التهديدية التي تبدو ساخرة وضحك منها بعضهم، بداية موجة من هجوم المواطنين المؤيدين للسيسي على وسائل الإعلام التي تبدر منها أي انتقادات لنظامه وحكومته؟
يقلق هذا التهديد بعض الصحافيين ومقدمي البرامج، خصوصاً مع انتشار صفحات مجهولة الهوية على مواقع التواصل اﻻجتماعي تندد بالإعلام وتطالب "بتطهيره". وانتشر هذا الأمر
وبدأت هذه الصفحات حملاتها مدعومة من دوائر بالسلطة عقب أحداث الشيخ زويد التي وقعت بين الجيش وتنظيم "وﻻية سيناء"، بسبب نشر الوكاﻻت اﻷجنبية والصحف المصرية أنباء عن سقوط عشرات القتلى من الجنود المصريين، ونفى المتحدث العسكري ذلك رسمياً، وندد السيسي في اليوم التالي بالإعلام لهذا السبب.
وبعد خطاب السيسي، أول من أمس، نشطت هذه الحملات مرة أخرى، مما يشير إلى دعمها من دوائر قريبة من السيسي أو جزء من نظامه على اﻷقل، وهو ما يستدعي خوف الإعلاميين، الذي يتساءلون: هل ستصل الحملة إلى حد الهجوم عليهم عبر وسائل اﻻتصال الشخصية أو مداخلات برامجهم، أم ترصدهم وتهاجمهم في مقرات عملهم، كما حدث في عهود سابقة وبالتزامن مع ثورة 25 يناير/ كانون ثاني 2011؟
وتدلّ المؤشرات على أنّ جميع الطرق تؤدي إلى إحكام قبضة النظام أكثر على الإعلام، خوفاً من هجوم السيسي على صحيفة أو إعلامي مرّة أخرى، خصوصاً أن هذا الهجوم بات من تقاليد خطاباته التي يلقى معظمها أمام ضباط الجيش في مناسبات عسكرية، لا سيما منذ أوقف لقاءاته الدورية المغلقة في قصر الرئاسة مع رؤساء تحرير الصحف والإعلاميين، التي كان قد بدأ عهده الرئاسي بها.
وعندما سأل "العربي الجديد" مسؤوﻻً بقناة فضائية محسوبة على النظام عن سبب وقف هذه اللقاءات، قال إنّ "بعض الحضور لم يلتزم بما أمر بنشره مدير مكتب السيسي، عباس كامل، وتوسع في نشر تفاصيل قالها السيسي فعلاً، لكنه لم يرد نشرها".
اقرأ أيضاً: بوادر مناوشات إعلامية مصرية - سعودية