حقوقيون مصريون لـ"العربي الجديد": "تداول المعلومات" قانون لتكميم الأفواه

23 يوليو 2015
تعيش مصر في "فوضى التشريعات" (Getty)
+ الخط -
أبدى حقوقيون مصريون استياءهم من مشروع قانون "حرية تداول المعلومات"، الذي تعده الحكومة حالياً. وأكد هؤلاء في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد" أنّ "الهدف من القانون تقييد الحريات العامة في البلاد، والتنصت على المواطنين، وزيادة التحكم في مواقع التواصل الاجتماعي، والعمل على تغليظ العقوبات التي تصل إلى حد السجن والغرامة معاً"، مشددين على أنّ "القانون غير دستوري، ولا يتسق مع مواد الدستور، وأن عمره قصير بسبب الطعن عليه".

ومن المقرر أن تعرض وزارة العدالة الانتقالية بالتعاون مع وزارتي العدل والداخلية، المسودة النهائية للقانون خلال اجتماع الحكومة الأسبوع المقبل، الذي يتضمن الرأي النهائي بشأن مفهوم "الجريمة الإلكترونية" وأركانها، وضوابطها، وما يتعلق فيها بإفشاء أسرار الأمن القومي، أو ترويج شائعات تضر بالدولة. القانون هذا، تسعى إليه وزارة الداخلية منذ ستة أشهر، للسيطرة على مواقع التواصل الاجتماعي. فبمقتضاه تتولى أجهزة الأمن مراقبة مواقع التواصل الاجتماعي بدعوى ضبط المخالفين، على أن تتمّ إحالته إلى قسم التشريع بمجلس الدولة لمراجعته دستورياً قبل إصداره من رئاسة الجمهورية.


يقول رئيس "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان" المستشار جمال عيد، إنّ مشروع قانون حرية تداول المعلومات يشوبه عوار دستوري، وسوف يتم الطعن عليه؛ لكونه مخالفاً للدستور
المصري، والذي يأتي بعد أيام قليلة من قانون إعفاء رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من مناصبهم.


ويشير عيد إلى أنّه "يجب على الدولة عدم إصدار أي قوانين في الوقت الحالي في ظل غياب مجلس النواب، لأنّ معظمها بها عوار دستوري"، منوهاً إلى أنّ العبارات الفضفاضة التي تؤكد على أهمية أمن الدولة من خلال إصدار تلك القوانين موجودة في قانون الجنايات، وبالتالي لا داعي لإصدار مثل تلك القوانين الجديدة التي هدفها السيطرة وقمع المواطنين. ويُضيف عيد: "القانون هدفه تكميم الأفواه، ومحاربة الحريات، ووضع مادة في القانون تقضي بالحبس بخصوص ترويج الشائعات على مواقع التواصل الاجتماعي، بأنها تساعد على عدم وجود حرية في تداول المعلومات، وهو أمر غريب يدعو إلى القلق، وتخبط جديد من قبل الدولة في إصدار قوانين بدون دراسة مسبقة لها".

اقرأ أيضاً: انتهاكات متزايدة ضد الصحافة المصرية


بدوره، يقول المحامي الحقوقي كريم عبدالراضي إنّ "إصدار المزيد من التشريعات القانونية غير المدروسة، في ظل غياب الشرعيّة الحقيقيّة لإصدار القوانين، يُمثّل تخبطاً شديدًا من جانب الدولة، وسوف يؤدي إلى المزيد من الخلافات والانشقاقات داخل الشعب المصري، لكونها قوانين غير مدروسة وتؤخذ داخل غرف مغلقة، وبالتالي لن يحترمها المصريون". ويُطالب عبد
الراضي الحكومة بالكف عن إصدار "فوضى التشريعات"؛ لأنّ الظروف التي تمر بها البلاد حالياً غير مناسبة، ويجب عليها أن تنتظر انتخاب برلمان جديد يُمثّل كل المصريين.

وينوّه أستاذ القانون الدستوري، الدكتور شوقي السيد، إلى أنّ "القانون قد يتحول إلى نظام مراقبة على المواطن، وهو ما يخالف نصوص الدستور، لذلك كان يجب على الحكومة مراعاة هذا الأمر". ويؤكّد أن "تداول المعلومات حق نصت عليه مواد الدستور الجديد"، مشدداً على أهمية أن تكافح الدولة الجريمة الإلكترونية وما يمسّ الأمن القومي، بدون أن يدفعها ذلك إلى انتهاك خصوصيات المواطنين، نافياً ما يتردد عن أن صدور مثل هذه القوانين سيقضي على الإرهاب، مضيفاً: "هذا تفكير خاطئ".
ويوضح شوقي أنّ "ربط قانون تداول المعلومات بمكافحة الجريمة الإلكترونية أمر غريب يدعو إلى القلق"، مضيفاً أن "تغليظ العقوبة وزيادة القوانين سيزيد من الإرهاب، لاختفاء الحرية والديمقراطية"، مؤكداً على أهمية التغيير في النمط الذي يقوم به الإعلام من الهجوم والتطبيل للسلطة.

ويأتي القانون الجديد في سياق عدد من القوانين المخالفة للدستور في غياب البرلمان، مثل قانون التظاهر، وقانون مكافحة الإرهاب الذي لاقى رفضاً من العديد من القوى والأحزاب السياسية والنقابات المهنية. وآخر ما صدر من القوانين كان قانون الهيئات الرقابية الذي أعطى الحق لرئيس الجمهورية بإعفاء رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من مناصبهم.


اقرأ أيضاً: قوانين السيسي تُغضب مؤيديه