ماراثون دحلان في مصر... الإعلام طريق سريع للتحريض

31 اغسطس 2015
من الصور التي نشرها الموقع للزيارة
+ الخط -
استطاع محمد دحلان، في الأيام القليلة الماضية، تسجيل رقم قياسي جديد يضيفه إلى رصيده من القضايا المتّهَم بالتورُّط فيها، داخل فلسطين وخارجها. الرقم القياسي الجديد للقيادي الأمني المطرود من حركة "فتح"، خاص بعدد المرات التي ظهر فيها إعلامياً خلال الأسبوع المنصرم. ظهور ماراثوني كرّسه، في اليومين الماضيين، في مصر مثلما يحبها الرجل أن تكون على شاكلة "مصر ــ السيسي"، ووسائل إعلامها التي قدّمت له استقبالات الأباطرة، ربما في إطار مشاريع الرجل التي علمت "العربي الجديد" أنها بدأت تبصر النور، على شاكلة استثمارات مالية ضخمة في مشاريع إعلامية مصرية، موجودة بالفعل وأخرى ستولد قريباً، وقد يكون أداؤها مشابهاً للإعلام "سيسي الهوى" المهيمن على روح العصر المصري حالياً.

ربما من هنا يمكن فهم الحملة الاعلامية العنيفة التي تشنها قنوات مصرية وفلسطينية، مكتوبة، إلكترونية وورقية، و/أو مرئية، تدور في فلك دحلان والأطراف التي تدعمه وتحتضنه، ضدّ شخصيات وطنية فلسطينية ومصرية، وصلت حدّ التشهير الشخصي بتعابير نابية حتى. وباتت الرسائل الإلكترونية التي تصل إلى بريد القارئ العربي فعلاً مزعجة بعددها الهائل، والمذيّلة بأسماء مواقع إعلامية جديدة "صفراء" بعناوينها وبتحريضها.

لكن ممّن كان دحلان خائفاً، في زيارته الطويلة التفقدية لصحيفة "اليوم السابع"، مثلما تظهره ألبومات صوره وهو يتجول في أقسام الصحيفة والموقع الإلكتروني، مُحاطاً بهذا العدد من مرافقيه الأمنيين؟ غريب كيف تكون ابتسامات الرجل أكبر في لقطاته وهو يسير إلى جانب صور أنور السادات مثلاً، ومحمد حسنين هيكل على الجدران، من دون أن ينسى كل من يظهر في الصورة، من فريق عمل "اليوم السابع"، إظهار ابتسامة عريضة وهو يصافح "الزائر الرئاسي".

مَن يتابع تصريحات الرجل في مصر برئاسة صديقه السيسي، الذي يعتبره "قبطان مصر إلى المستقبل"، يتوقع أن يتحف قراء "اليوم السابع"، في الحوار "الساخن" (التعبير المثير خاص بالإعلان الترويجي للصحيفة) الذي تنشره اليوم الثلاثاء، كوكتيلاً من المواقف المتناقضة التي ربما لا يستطيع أحد غيره أن يجمعها في حوار واحد: دحلان طبعاً لا يريد أن يكون رئيساً للسلطة الفلسطينية بحسب ما قاله لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" قبل يومين، لكنه يستدرك، في دردشاته الممزوجة بين اللهجتين الفلسطينية والمصرية، لـ"اليوم السابع"، بالقول إنه "لو أصبحتُ رئيساً لفلسطين لقمت بواجبي في توحيد الفصائل الفلسطينية بالمحبة أو بالإكراه". هكذا، يعوّل الرجل على قصر ذاكرة القارئ العربي عندما يهاجم حركة المقاومة الإسلامية "حماس" على خلفية ما يُحكى عن اتصالات تثبيت تهدئة غزة مع الاحتلال، وفي الوقت نفسه ينصح بإدخالها الإطار القيادي الفلسطيني لمنظمة التحرير واحتضانها "ولو بالإكراه".

أكثر ما قد يكون أثار سخرية كثيرين في ماراثون الظهور الإعلامي لدحلان، إصراره على ضرورة وقف التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، وهو التنسيق الذي يُعتبر هو شخصياً، أي دحلان، أحد أبرز رموزه، وهو ما يرى فيه كثيرون أنه يفسّر الحماسة الإسرائيلية في الترويج لمشروع خلافة دحلان لمحمود عباس على رأس السلطة، كـ"رجل سلام". وأن يفتح الإعلام المصري اليوم، أبوابه واسعةً أمام تحريض دحلان ضد عباس، فهذا يطرح علامات استفهام إضافية حول وجود قرار مركزي في مصر بدعم الحملة القديمة ــ الجديدة للقيادي الأمني المطرود لخلافة أبو مازن في رئاسة السلطة الفلسطينية.

أما الطامة الكبرى التي وزع دحلان إشارات عامة حولها في دردشاته الضاحكة مع إعلاميي "اليوم السابع"، فهي تلك التي تتعلق بمساحة "قلب مصر" تجاه فلسطين "ودورها الإيجابي في وقف تفتيت القضية الفلسطينية". ولأنّ أي حوار سياسي لن يكون مثيراً بما يكفي، خصوصاً في مصر، من دون الاستقواء على الطرف الذي يتعرض لـ"الإلغاء" حرفياً اليوم في مصر، أي المعارضين الإسلاميين خصوصاً، فقد عرف دحلان كيف يرمي حقده على جماعة "الإخوان" الذين "يُموَّلون من نظام دولي" على حد تعبيره!

يعتقد محمد دحلان، أنّه لمجرد كونه ابن مخيم لجوء، وهو ما يحب أن يكرره دوماً، يمكنه اختراع تاريخ جديد لنفسه شخصياً، وللواقع العربي الذي يشارك في مأساته. يعتقد أنّ ابن المخيم الذي صار مليارديراً، يمكنه "شراء" أبناء المخيمات في لبنان وفلسطين وغيرهما بنفسه أو بالواسطة.


اقرأ أيضاً: احتفال "اليوم السابع" بمحمد دحلان: حوارات وزيارات وألبومات